Al Jazirah NewsPaper Thursday  17/09/2009 G Issue 13503
الخميس 27 رمضان 1430   العدد  13503
المنشود
سنوات الأزمات..!!
رقية سليمان الهويريني

 

جرت سنة الله في عباده منذ أن خلق البشرية أن تكون بعض دهورهم شظفاً وقحطاً، وبعضها رخاءً ورغداً.

وسنوات الجدب قد تمر على الشعوب أو على الأفراد فيعرف المرء أن سنته تلك من العجاف! فيحمد الله كثيراً على قضائه، ويرجوه أن تزول الغمة ويبدل الله سنته المظلمة بالشقاء والابتلاءات العسيرة بعام مشرق باليمن والنماء، ويدعو ربه أن يلهمه الصبر والاحتساب، وأن يشدُده بالإيمان والثقة بالله في كل لحظة يعصره الألم وكل ساعة تصهره الحيرة ويبدده القلق، ويشتته التوتر، ويمضغه الإحباط حتى ليكاد اليأس يبتلعه.

وإبان العصور الساحقة مرت بمملكة مصر أزمة اقتصادية خانقة لم يخرجهم منها بعد تقدير الحكيم الخبير سوى التخطيط الاقتصادي الحصيف! حيث رأى الملك رؤيا مخيفة وطلب تفسيرها بحسب ما جاء في سورة يوسف {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاتٍ خُضْر ٍوَأُخَرَ يَابِسَاتٍ}، وقد كان يؤثَر عن النبي يوسف عليه السلام تفسير الرؤى، فعبرها كما ورد في الآية الكريمة {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلا قَلِيلا مِّمَّا تَأْكُلُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلا قَلِيلا مِّمَّا تُحْصِنُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ}.. ولم يكن يوسف عليه السلام معبراً للرؤيا فحسب؛ بل كانت له نظرة اقتصادية ثاقبة، حيث تم تطبيق خطته ونجحت مصر بتخطي الأزمة. بينما في الوقت الحالي لازالت كثير من الدول والناس يتخبطون من جراء الأزمة الاقتصادية التي عمت الكون، وتضرر منها الكثير، بل اعتبرها البعض حجة لتمرير مطامع شخصية، ولم يستثمرها المتضررون منها بإعمال العقل وإدارة الفكر بدءاً بترشيد الاستهلاك والبحث عن البدائل الأخرى، والكف عن التقليد أو السير مع القطيع دون إدراك لمدى توفر الإمكانيات المتاحة.

وإنا لنرجو الله أن يلطف بنا ويحل علينا بركاته بأعوام قادمة من الخير فتتبدد سنوات الابتلاء الإلهية سواء تلك الحروب المريرة في البلاد الإسلامية على وجه التحديد أو الفيضانات التي وقعت في بعض البلدان، أو الأعاصير والزلازل التي اجتاحت الدول حتى لم تنجُ منها بلادنا الحبيبة، وقلة الأمطار وتوقف هطولها عن بعض البلدان فاجتاحها التصحر والجفاف لدرجة تعرض سكانها للجوع، وكذا الانحباس الحراري وما ينبئ عنه من كوارث قادمة لا يدري أحد نهايتها، عدا عن كثير من الأوبئة التي أصبحت تحصد أرواح الناس كالمنجل، ولسنا بمعزل عنها. وكل تلك الكوارث بلا شك اختبارات ربانية يحسن التعامل معها بعد التوكل على الله بالدعاء وبالفكر والتخطيط والتعاون على التصدي لها لنتجنب سلبياتها، ونتخطى عقباتها، ونتخذ الاحتياطات المناسبة لمواجهتها بعيداً عن المطالبة بتحميل الحكومات المسؤولية الكاملة دونما مشاركة منا لها، أو الاكتفاء بترديد عبارات جوفاء بعيدة عن الحكمة والمسؤولية.

ورغم تلك الأزمات فإن الله رؤوف بعباده وهو يختبرهم ويبلوهم ويمحص قلوبهم ويرحمهم، فهو الخبير بحالهم اللطيف بهم.

rogaia143 @hotmail.Com
ص.ب: 260564 الرياض: 11342



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد