قيل إن (الحياة مدرسة)... غير أن الحياة لمن يتأمل دروسها لا يحصد مردودها المرء قبل أن تستوي السنون عجافاً على كتفيه..
لكن المدرسة التي تباشر بنتائج دروسها هي مدرسة الهدي المحمدي، يتعلم المرء فيها عند كل آذان حين يلبي نداء الله تعالى ويتعلم كيف يجيب، ويتعرف على خسارة التغافل عن الإجابة، ويتعلم فيها عند كل صلاة، وفي كل طريق، ومع كل قول يصدر، أو فعل يؤدي, حين يكون هناك المعلم المؤدب الحريص على آداء مهمة تعليمه وتربيته كما ينبغي، ويتعلم عند كل مواجهة لموقف حق أو باطل، صواب أو خطأ فيدرب جنانه على إدراك وجود عين الله التي تراه إن لم يكن هو يرى الله تعالى، فيعود لنقطة الضابط الداخلي الذي تنمو معارفه وتتوطد مفاهيمه يوماً بعد يوم، فحصاد التربية الإسلامية الصحيحة ثمار دانية قطوفها، وجنيها مذاق لا يغادر المشاعر والنبض..
في رمضان فتحت لكم كتابي لأبنائي (إلى من كانوا في أحشائي وغادروها لدروبهم) فاقتطفت لكم منه فصل (مدرسة رمضان).. ذلك لأنكم جزء من هذه الأسرة منذ يفاعة القلم ولثغة الحرف، ممتزجين بذاتي، ممنوحين اهتمامي، محاطين برسالتي، مشاركين أفكاري...
ولقد جاء تجاوبكم بقراءة واعية لأبعاد دروس (مدرسة رمضان).. لا أدّعي كمالها النصي، إلا من خلال كمالها المصدري، فكلنا نشهد بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أول وأكمل من علمنا وهدانا ودرَّسنا وكان لنا القدوة فيها.. نهجاً بكتاب الله تعالى وتمثُّلا بخلقه العظيم الذي شهد له به خالقه سبحانه وتعالى..
هدفي الأول تربية الأبناء وتدريبهم على السلوك الإيماني الصحيح، وهدفي الثاني أن نحرص ما استطعنا على أداء رسالتنا في الحياة ليعمنا الله تعالى بتوفيقه..، وهدفي الثالث أن لا أكتم ما أحب لأبنائي دون أبنائكم، وهدفي الأبعد أن نتشارك الرأي، ونعمل بأحسنه..
كنتم في تعقيباتكم خير رفقاء.. وأصدق قراء.. وأوفى بقيم الكلمة، ورسالتها.. لا نرتجي من ذلك إلا أن نضع أبناءنا على شارفة النجاة في زمن ضاعت فيه المعايير، وفقدت فيه البوصلة، وعم شتات الناس بما فيهم أغلبية الكتّاب والقراء بين مجديات للخاتمة وجائزة الفوز، وبين سطحيات مآلها مكاسب الدنيا...
أشكركم جميعكم اسماً اسماً، وكلمة كلمة وردت في تعقيباتكم الفورية على دروس رمضان، أو وصلتني عن فاكس وموقع رسائل الجريدة، أو بوسائلي المباشرة.. وأسأل الله أن لا يحرمكم الأجر وأن يحفظ أبناءكم ويقيل عثراتهم في الحياة حتى إذا ما بلغوا سنينهم على أكتافهم يكونون الذين يتوجونكم برحمة الله وفضله عند يوم التلاقي.
**
نلتقي بعد العيد وكل عام وأنتم بخير قرائي الأعزاء وخاصة قلمي الأجلاء..