«الجزيرة» - ناصر السهلي
وصف أساتذة في العقيدة والعلوم الشرعية وأصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حادثة الاعتداء على مساعد وزير الداخلية للشئون الأمنية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بالخسة والدناءة، شاكرين الله سبحانه وتعالى أن نجى سموه من كيد الكائدين ومكر الحاقدين.
وقالوا في تصريحات لـ(الجزيرة) إن مثل هذا العمل لا يصدر إلا من نفوس مريضة بعيدة كل البعد عن منهج الإسلام وعدالته وأنهم خوارج هذا الزمن حيث كشف الله زيغهم وما تتستر به هذه الفئة من ستار الدين الذي هو منهم براء.
في البداية تحدث رئيس مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها د. عبدالعزيز بن محمد السعيد قائلاً: إن الاعتداء الغادر الآثم على صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف كدّرنا جميعاً، ولكن نحمد الله جل وعلا على حفظه لسموه، ونسأله أن يمن عليه بالشفاء، ويلبسه لباس الصحة والعافية، ويحفظه من كل مكروه، ونحتسب على الله أن يجعل نجاة سموه من هذا الحادث من مدافعة الله عن عباده المؤمنين، لا سيما أن سموه على ثغر عظيم، وهو حراسة أمن هذه البلاد، والتصدي بحزم لكل مجرم ومعتد يريد النيل من حرمات الآمنين وأموالهم وأعراضهم، وقد قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا)، كما أننا نعتقد أن هذا الحدث سيزيد سموه قوة وعزماً في السير على الخطى التي رسمتها الدولة في القضاء على الفكر الضال، الذي ما فتئ أهله يقابلون الإحسان بالإساءة، والعفو والصفح بالغدر والخيانة، والحلم بالجهل، والعدل بالظلم، وهذا ليس من أخلاق أهل الإيمان، فالمؤمن لا يغدر ولا يخون ولا يظلم، قال تعالى: (هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ)، وفي الصحيحين عن ابن مسعود وابن عمر وأنس رضي الله عنهم قالوا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لكل غادر لواء يوم القيامة يقال: هذه غدرة فلان) متفق عليه.
وأضاف فضيلته إن قراءة الحدث تدل على أمور منها: إن هذا الاعتداء ليس على سموه فحسب بل هو اعتداء على كل فرد من أفراد هذا الوطن من الحكومة والشعب لأن الاعتداء ليس على شخص سموه فحسب -وهو جريمة منكرة لو كان كذلك- ولكنه اعتداء على ركن من أركان الأمن الذين حفظ الله بهم هذه البلاد، وما زال كذلك، فالاعتداء عليه اعتداء على أمن هذه البلاد، وعلى أمن كل فرد من أفرادها؛ لأنه محاولة لزعزعة أمن البلاد، ونشر الفوضى والفساد. وثانيها: أن هذا الاعتداء ينبئ عن نجاح الجهات الأمنية بقيادة سموه في محاصرة أرباب الفكر الضال، وأنه في طريقه -بمشيئة الله- إلى الاضمحلال والزوال، لا سيما أن الجهات الأمنية حققت نجاحات باهرة في مكافحة الإرهاب، وتفكيك خلاياه، وإفشال مخططاته، والوصول إلى العناصر المنظرة والداعمة له.
وثالثها: إن هذا الاعتداء وما قبله من جرائم نكراء استهدفت البلاد والعباد تبصّر كل عاقل بحقيقة هذا الفكر الخارجي، وما يحمله أربابه من عداء للمملكة وقادتها وشعبها، وهذا كفيل بأن يتعاضد الشعب مع ولاة الأمر ورجال الأمن؛ لبيان خطورة هذا الفكر ومكافحته والوقوف صفاً واحداً ضد معتنقيه.
كما وصف وكيل عمادة شؤون الطلاب بجامعة الإمام وأستاذ العقيدة بكلية أصول الدين د. سليمان بن محمد السدلان هؤلاء بكلاب النار وقال تعساً لكلاب النار تعساً تعساً، أعيتهم الحيل وتقطعت بهم السبل، فأصبحوا أشد على أهل الإسلام من أهل الأوثان، غدرٌ وكذبٌ وسرقةٌ وتدليس وتزوير؛ ثم يريدون أن يقنعوا الناس أن هذا من الإسلام أو الجهاد، فتعساً لهم.
وقال إن هذا العمل من الجرائم الشنيعة التي ما كان يخطر ببال عدو أن تحدث ناهيك عن أن تقع على يد أحد أبناء هذا البلد.
وأضاف أن كلاب النار يحاولون تعكير صفو الجماعة وتحقيق الفرقة وتنغيص عيش الآمنين، لكن الله لهم بالمرصاد، فقد رد الله كيدهم وحمى الله الأمير وسلمه منهم، وجعل كيدهم في نحورهم وكشف عوارهم وفساد اعتقادهم ونيتهم، وجمعنا تحت راية خادم الحرمين الشريفين وولي عهده والنائب الثاني، لا نأتمر إلا بأمرهم ولا نصدر إلا عن رأيهم نحبهم وندعو لهم ونرى ذلك ديناً وعقيدة، فالحمد لله أولاً وآخراً.وقال عميد كلية أصول الدين د. فهد بن سليمان بن إبراهيم الفهيد عن الحادثة قائلاً: إن الله تعالى أوجب على عباده شكره والاعتراف بفضله ونسبة النعم إليه وإن من فضل الله تعالى ومنته وكرمه وإكرامه أن أنجى أميرنا المحبوب من الاعتداء الآثم والكيد اللئيم الذي تعرض له من قبل الفئة الضالة وعصابة الخوارج المجرمين في هذا الشهر المبارك الكريم لافتاً إلى أن الله أكرمنا بسلامة رمز من رموز هذا الوطن الشامخ ومقتل وغد من أوغاد الخوارج شر الخلق والخليقة، وعرض فضيلته إلى أن الخوارج مافتئوا يتعرضون لولاة أمور المسلمين بدءاً من إمام المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال له ذو الخويصرة: أعدل فإنك لم تعدل، وقال: (هذه قسمة ما أريد بها وجه الله). فردّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل!) وقال له: (ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء). ثم استأذن عمر الفاروق رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتله فقال (دعه)، وذكر العلة وهي لئلا يقول الناس: محمد يقتل أصحابه، فيكون ذلك سبب تنفير عن الدخول في الإسلام، وقال صلى الله عليه وسلم (إن من ضئضئ هذا قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية) وأمر بقتلهم وقتالهم وحث عليه ورغّب فيه، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر فرقة من الفرق الضالة بصفاتها إلا فرقة الخوارج محذراً ومنذراً ومعرفاً بطريقتهم لتجتنب.
كما تحدث عميد كلية الشريعة بالرياض د. صالح بن أحمد الوشيل بقوله: إن ما أقدم عليه أصحاب الفكر الضال من عمل إجرامي مشين -رده الله على نحورهم وخابوا وخسروا- لا يستغرب من فئة خرجت عن الصراط المستقيم وعن نهج الشرع القويم، هذه النفوس الشريرة تقابل الإحسان بالإساءة وتغدر بالعهد وتخون المواثيق مخالفة أمر الله سبحانه وتعالى بالوفاء بالوعد والعهد والعقود, وعملها فكر شنيع ترفضه العقول والفطر السليمة وهو علامة إفلاس وإلا فهل يعقل أن يقابل لطف وتسامح الأمير محمد بن نايف وحرصه على دمجهم في المجتمع واستصلاحهم بالخيانة والغدر والله يقول: (هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ)، وما حصل أظهر مدى الحب والتلاحم بين الراعي والرعية فلا تجد -ولله الحمد- من الناس إلا من يذكر الأمير محمد وولاة الأمر بالثناء والدعاء لهم بالتوفيق، والشجب والاستنكار لهذا العمل البغيض على لسان كل فئات المجتمع الذي نلتقي بهم على كل الأصعدة وهذا فضل من الله يؤتيه من يشاء، قال تعالى: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ). فلله الحمد والشكر والمنة على نعمة العظيمة ومن أعظمها بعد نعمة الإسلام نعمة الأمن والأمان الذي نتفيأ ظلاله في هذا العهد الراشد عهد خادم الحرمين وسمو ولي عهده وسمو النائب الثاني -حفظهم الله أجمعين ووقاهم من كل سوء ومكروه.
من جهته أكد الأستاذ بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة د. فهد بن سعد المقرن أن من نعم الله علينا أن رد يد الغدر والخيانة الآثمة التي أرادت أن تغتال سموه لا لشيء ولكن لأنه وبتوفيق من الله ساهم في إبطال كيد الكائدين لبلاد الحرمين الشريفين، وأضاف أن الحدث يصور لنا جانبين الجانب الأول جانب الكرم والسماحة واليد البيضاء التي تقدم به الأمير لتلك الأيدي الغادرة التي أرادت لتلك اليد النقية أن تقطع لا لشيء ولكن لأن النفوس المريضة عجزت على كل صعيد أن تمس أرض الوطن الطاهر بسوء ووجدت رجال صدق قاموا لهم وقعدوا لهم بكل مرصد، فلما فشلت مخططاتهم حاولوا أن يصيبوا أمن البلد في عينه الساهرة المتمثلة في سموه -حفظه الله. أما الجانب الآخر المظلم في الحدث أنه هؤلاء أهل غدر وخيانة، وسلفهم خنجر الغدر والخيانة التي قتل بها عمر وهو يصلي بالمسلمين وقتل بها علي رضي الله عنه وهو ذاهب لصلاة الفجر، وهذا الحدث ينبغي أن يوقظنا أن الإرهاب يحاول محاولة اليائسين أن يفت في عضدنا بقتل الصف الأول من الرجال الذين يحاربونه، فلابد من اليقظة والحرص، ولكن - بحمد الله- فشلت مخططاتهم وعاد العدو خاسئاً وهو حسير وحفظ الله الأمير من كل سوء وحفظ الله وطن بلاد الحرمين من كل سوء.