يقول خبراء التسويق أن ما تنفقه على التسويق بُغية تنشيط مبيعاتك أو زيادة عدد عملائك -وخاصة إن كان هذا الإنفاق مؤسساً على الدارسة العلمية من خلال بحوث التسويق ودراسة السوق واحتياجات العملاء والمستهلكين- يأتي بالنتائج الإيجابية على العملية البيعيه وبالتالي الإرباح وقوة المنافسة، والتسويق الناجح والناجع بذات الوقت هو الذي يحقق رغبات العملاء على اختلاف أبعادها الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والسلوكية..، وتنفق الشركات الناجحة والكبرى وحتى المتوسطة منها ما يعادل عُشر أرباحها على العملية التسويقية، فالشركة التي تحقق أرباحاً تقدر بمائة مليون ريال عادة ما تنفق قرابة العشرة ملايين ريال للعملية التسويقية والترويجية، وتحرص الشركات على استقطاب الخبراء والمستشارين التسويقيين وأساطين علم الترويج وفن التسويق ليقدم لهم أولئك الخبراء فنون التسويق وما استجد من علم وصناعة ومبتكرات في هذا المجال، بل إن الكثير من الشركات تستقطب أولئك الخبراء والمستشارين وتقوم على رعايتهم رعاية كاملة بحيث لا يصبح لهم أية مشاركة تنفيذية بل يوضع هؤلاء المستشارين بأماكن قصية وذات طابع مختلف عن مكاتب الشركة من حيث الهدوء والإنارة والديكور والخدمات ليقدم هذا الخبير كل ما لديه من ابتكار وأفكار لهذه الصناعة، وهذا أمر حسن ومحمود ونحن عليه من المؤيدين والمنادين به، إلا أنك إذا أتيت لأحد التجار أقول البعض من التجار، ونحمد الله أن جُل رجال الأعمال لدينا معروفين بالخير وبذل الصدقات والعطف على المحتاجين، ولكن البعض لو أتيته وقلت له سوف تنفق من أرباحك ما يعادل الخمسة بالمائة كصدقة وزكاة لتمنّع وتردد وتمعّر وجهه وشاح به عنك ومال ميلاً عظيماً نحو الرفض والجدال، ألا يعلم أولئك التجار أن رسول الهدى يقول في الحديث الصحيح (ما نقص مال من صدقة بل تزده، بل تزده، بل تزده) أو كما جاء عنه عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، وهل كان رسول الهدى بأبي هو وأمي محتاجاً لأن يقسم ثلاث مرات بل هي قاعدة التأكيد ومنطلقات التسليم المطلق لهذا الأمر، بل تزده ثلاثاً كم من الإرباح والخيرات واتقاء مصارع السوء سوف يجنيها أولئك التجار من هذا العمل، أعلم أن هناك الكثير من التجار الذين يتجاوز رأسمالهم المليار ريال ولو أن هذا التاجر اخرج زكاته المشروعة لأصبحنا أمام رقم الخمس وعشرين مليون ريال؟! فما بالكم بهذا الرقم ؟! كم من فقير ومحتاج سيسد حاجته؟! كم من سجين ومكلوم سيمنح حريته والرجوع إلى أولاده وزوجته؟! كم من شاب يريد أن يكمل نصف دينه وهو عاجز غير قادر فتحقق له رغبته؟! تصوروا لو كان لدينا عشرة تجار يملك كل واحد منهم ملياراً سنكون عند الرقم مائتين وخمسين مليون ريال، وبالتالي سوف نوظف هذا الرقم بمناحي عديدة أعتقد أنه لن يكون لدينا محتاج ولا فقير ولا باحث عن وظيفة وعاطل؟! أنا هنا لا أريد أن نتعامل مع الأمور بشكل عابث وغير منظم أنا هنا أريد أن تتدخل وزارة الشئون الاجتماعية بموضوع الزكاة المفروضة على التجار، قد يقول أحدهم هنا أن التجار يدفعون الزكاة المفروضة عليهم من خلال مصلحة الزكاة والدخل أقول إن هذا الكلام غير صحيح فما يؤخذ من التاجر من خلال مشاريعه وتعاقداته من قبل مصلحة الزكاة لا يمثل أكثر من 10% من الزكاة المفروضة عليه؟! هنا أيضاً قد يسأل سائل ويقول هل أنت وصيي على أولئك التجار أقول إن الأمر يتجاوز الحكم الفردي والوصاية الفردية إلى مصلحة بلد وخير أمة وتناصح بالمعروف؟! كم لدينا من التجار في مدينة الرياض الذين يزيد رأس مالهم عن المائة مليار؟! عليكم أنتم الإجابة على هذا السؤال؟! أنا أريد التفاعل الذاتي من التاجر ومحاسبة النفس قبل أن تحاسب وأن يكون هناك دافعاً داخلياً قبل أن يكون هناك تنظيماً أو قانوناً قصرياً يحاسب التاجر على كل صغيرة وكبيرة لتخرج الزكاة الشرعية وبشكل دقيق دون زيادة أو نقصان، إن ما قام به خادم الحرمين الشريفين قبل عدة أعوام بإصدار أوامره لإنشاء صندوق الفقر لهو عمل جليل أرجو أن يكون في موازين أعماله، إلا أننا لو فعلنا مثل هذا الأمر من خلال فقط إخراج الزكاة المشروعة من قبل التجار والقادرين والموسرين لتغيرت المعادلة واختلفت النتائج وبالتالي سيصبح بمقدورنا فتح المصانع وتدريب الشباب وتهيئتهم على العمل والأخذ بأيديهم ودراسة حالات الفقر كل على حده ومن ثم صرف العلاج الناجع لها حتى يتم القضاء على تنامي مسألة الفقر وبالتالي تقويض الهوة التي تتسع يوماً بعد يوم مع زيادة عدد السكان المتنامية والبطالة والفقر والعوز، وأقول هنا أن دور وزارة الشئون الاجتماعية ورجال الأعمال وصندوق تنمية الموارد البشرية ومصلحة الزكاة والدخل وذوي العلاقة دور يحتاج إلى الوقفة الجادة الفاعلة على العمل المخطط والمنظم الذي بدوره يفرز نتائج تتبنى هؤلاء المحتاجين ليصبحوا عنصراً فاعلاً وإيجابياً بدل أن يكونوا عاله على المجتمع ومعول هدم، لا نريد ضماناً اجتماعياً بيروقراطياً يتكئ على عصا مكسورة فهو غير قادر على ترتيب بيته الداخلي فما بالكم بالفضاءات الخارجية وحاجات الناس، نريد هيئة تشرف على الزكوات وتستثمرها وتنميها وتفتح الجامعات والمعاهد والمصانع لتصبح حاضنات فاعلة توّلد لنا أجيالاً يُبْنَى الوطن على سواعدهم.
Kmkfax2197005@hotmail.com