هناك من الناس من لا يملك مالاً ولا يتحلَّى بخلق فاضل، فهو (عائل مستكبر)، وهناك لون آخر يوظِّف القيم لنيل المال، والصنف الثالث من البشر من يوظِّف المال للوصول إلى القيم، وخير الناس وأجود معادن الرجال من يملك القيم والمال معاً فيوظِّفهما لنيل ما عند الله فهو من كل بر قريب، ذو إحساس مرهف، وقلب وجل، ومشاعر فيَّاضة، يضنيه الألم، ويوجعه الحرمان، ويسهره مشهد البؤس، ويقض مضجعه الموقف الحزين، ومعالي الدكتور ناصر بن إبراهيم الرشيد أحسب أنه من الرجال القلائل الذين رزقهم الله هذا وذاك، فالكرم عنده طبع، وحب الآخرين سجية، والتواضع خلق، والناس بين عينيه في جميع شرائحهم وبكل أطيافهم، والمال أمانة عنده، والأنانية والفردية وحب الذات تعني في قاموسه أن يعطي بلا حدود، استجابة لأمر الله، وتلبية لنداء الوطن، ومشاركة في رقي الإنسان وتعلّمه أينما كان، ومن أجل أن يشبع رغبته الجامحة في البذل والعطاء!!، نعم زيادة الأرقام عند كل منا، عند الغني والفقير، عند الرجل والمرأة، عند الصغير والكبير أمر مهم ولكن الأهم في نظر القلائل الزيادة الحقيقية التي نعرفها أباً عن جد ونُعرّفها بالبركة، والتي لا يمكن أن تكون إلا بالإنفاق في وجوه الخير ومن أجل إسعاد الناس، والدليل على أن معالي الدكتور من هؤلاء القلة في عالم اليوم (ما نراه لا ما نسمعه)، مساجد ومستشفيات ومراكز علمية ودار للأيتام وأخرى للمعاقين وتبرعات لرعاية المسنين وذي العوز والحاجة، شيء نعلمه وكثير في الظل، لا يهم.. فالله هو الذي يعلمه، وعنده الجزاء الأوفى، وإن كانت جائزة حائل للأعمال الخيرية التي استلمها معالي الدكتور مساء يوم الأحد الماضي 16-9-1430هـ من يد صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز أمير منطقة حائل وسط حشد جماهيري رائع جائزة رمزية ذات دلالة معنوية كبيرة إلا أن درعه الحقيقي هو حب القلوب الصادق، وتجارته الرابحة إقراض الله في زمن الانكسار والنكوص، وبلسمه الشافي دعاء أولئك المحتاجين والمحبين الصادقين لمن جاد عليهم وتفضَّل، دعاء من القلب بأن يحفظه الله ويرعاه ويسدّد على الخير خطاه، لقد فرح أهالي منطقة حائل بمقدم ابنهم البار وكتبوا مشاعرهم وسطور بعض ما تكنه أفئدتهم سواء عبر الصحف أو في المنتديات أو أعلنوها وجهاً لوجه في ذلك المساء الذي ما زال حاضراً في الذاكرة ولن يغيب، وربما بقيت كلمات الثناء وعبارات التبجيل حبيسة المجالس والملتقيات والاستراحات وقد تكون ما زالت بين الضلوع راكدة، نعم.. إن الذكر الطيِّب والفعل الجميل تجارة حقيقية وكنز ثري لن ينمحي من الصفحات، وسيبقى في حنايا الأفئدة المحبة وإن طال الزمن وتعاقبت الأجيال، ومعالي الدكتور تاجر ماهر أقرض الله، ووصل ما بينه وبين الناس، ولذا منحه الله عزَّ وجلَّ حب الناس، ولن يرحل هذا الرجل عنا وإن عاش بعيداً منا فهو يتراقص أمام أعيننا صباح مساء، نراه في كل منعطف غرس فيه بذرة خير أو زرع فيه نبتة وفاء، هو موجود في أكثر من مائة قرية، بل في أرض الوطن بأسره، لقد تميّزت أعمال الدكتور الرشيد بالشمولية الزمنية والمكانية، الفردية والمؤسساتية، كما أنها تكاملية وذات مرام متعددة تتقاطع أحياناً وتتوافق كثيراً، فهي إنسانية دينية وطنية، ولذا صار سفيراً للقيم والعادات الحسنة، سفيراً للعمل الخيري المتأصّل في نفسه المحبة، الراسخ في ذاته الباذلة، المنبث من روح توَّاقة للعطاء، شعاعها الأمل، وديدنها التفاؤل، وباعثها رجاء ما عند الله، وعلى هذا استحق أوسمة وجوائز عالمية مرموقة، وحق لنا أن نفخر ونفاخر بك يا أبا فهد، وجزماً على خطى هذا الرجل الرمز ومعه وفي محيطه بيئة تعينه على الخير، وإن كان لي من إشادة في هذا المقام فهي بصدق تتوجه إلى أبناء وإخوة معالي الدكتور الذين كانوا في معيته مساء الأحد المشهود، البعض منهم جاء من الولايات المتحدة الأمريكية لحضور هذه المناسبة والبعض الآخر كان حريصاً على أن يكون هنا في دائرة الحدث ولكن منعه عن ذلك ظروف الحياة وسرعة إيقاع العصر، وشكر خاص لسعادة الأخ الغالي والصديق العزيز الأستاذ صالح بن إبراهيم الرشيد مدير عام مكتب الرشيد للهندسة ومدير مكتب معاليه الخاص؛ فهو نموذج مثالي في التعامل، وصورة رائعة لمن يكون في مثل هذا المكان الذي يشترط له مواصفات إدارية وإنسانية خاصة، وللوطن كلمة وفاء سجلها في ثنايا الحفل صاحب السمو الملكي أمير المنطقة ومعالي الدكتور المحتفى به والمكرّم، وحق لكل سعودي أن يفخر ويفاخر بولاة أمر يولون هذا الجانب كل اهتمام ورعاية ودعم ومتابعة وتشجيع.. ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء، والسلام.