Al Jazirah NewsPaper Monday  07/09/2009 G Issue 13493
الأثنين 17 رمضان 1430   العدد  13493
لما هو آت
الشجرة سقفها وجدار بيتها...!
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

أغلقت دفتر صغاري، إلى الصحف.. ولي عنها بعض أيام لم تكد تغريني بما فيها..

كنتُ قد تحادثت بحرف مسموع مع قرائي الأعزاء منذ زمن لم تكن فيه قد اكتسحت فسحة العرض أمامنا زحمة الأرض.. عما نهدر به كل يوم، حتى شككت أن القراطيس والصحف قد تعاركت مع المحابر والأقلام.. وتوقفنا أنا وهم عند السؤال: هل نبوح لنستريح؟ أم نقول لنلمس؟.. إذ إن كان فيما نقول فضفضة ممتلئ، يروح عن امتلائه ليستوعب ما يتوالد فتلك ليست المهمة الأولى ولا الوحيدة للكاتب..، أما إن كان فيما نقول لنلمس نتائج في الإنسان حلما متسعا وبناء قائما وتكوينا فاعلا وحياة أكثر سعادة، وأناسا أرقى تكافلا، ومنجزات أوسع فائدة فتلك المهمة القائمة على تبادل أدوار المعطي والمتلقي، المفكر والمنفذ وكلاهما في فسحة النرد رعاة في فلاة الدنيا.. هذه التي ما إن تعمقت في معناها وذهبت مع دلالة وسمها إلا تأكدت من دنوها واقعا وموقعا ونهاية... فما الأبقى وما الأجدى.. والمحابر تمتلئ وتفرغ، والقراطيس تحبر وتطوى، والناس تقرأ وتسمع ثم يعتورها النسيان، وتغلق ذواكرها الأبواب إلى لحظة لا تقدر فيه أن تستعيد بندول الساعة البتة.. ثم يأتي من يترحم على أصحاب المحابر والأقلام، وتكون قد تبخرت وألقيت أوعيتها مع موج التيار الذي في كل حقبة يجرف الفوارغ لجوف النسيان..في الصحيفة التي وقفت عليها امرأة في الليث تلتحف الأرض تحت شجرة في شيوع أوراقها الجافة سقفها المظلل لآهاتها وتضورها، حاجتها وفقرها، عوزها وجوعها، عراها وسترها،.. والليث تبكي الفقر والفاقة، الحاجة والدموع.., العوز والتشرد.. بينما الناس تتراكض للتسوق والسفر والسهر والبناء والاقتناء.. سأعود للسؤال ذاته الذي تركته بيني وبين قرائي من زمن طال بطول لقاءاتنا، تعمق بحجم أحبارنا، تعمق بمساحة محابرنا: لماذا نكتب وإلى أين ستؤول حروفنا..؟في الليث هناك، سيدتي، ليتني كنت الشجرة التي احتوت جسدك الناحل, وحاجتك الفاتكة بمحاجر الدموع، وبأوردة الدماء, وبمنابع الخجل والحياء.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد