لو تحدثنا عن التكفير لوجدنا أنه من أخطر الأحكام وأعظمها، وذلك لم يترتب عليه من الآثار الخطيرة وهو عملية نبذ للآخرين بقصد الإلغاء سواء كان معنوياً أو مادياً، هؤلاء الفئة وأقصد بها المكفرين ولدوا من رحم الكراهية ورضعوا من ثدي الفكر الضال الذي ينظر للحياة من منظاره الفكري الخاطئ الذي يعتقد أنه هو الصواب.. فيكفر هذا وينبذ هذا وتظل هذه النظرة الفكرية تعشش في مخيلته، الأمة الإسلامية لم تسلم حديثاً أو قديماً من داء التكفير.. وقد تعرض الإمام علي رضي الله عنه إلى عملية التكفير من قبل الخوارج الذين رفضوا التحكيم بين علي ومعاوية ونتج عن ذلك أن فارقوا أهل السنة والجماعة. إن أساس هذه الظاهرة هم الخوارج. إن تكفير أي إنسان أو اتهامه بالفسق أو الضلال فإن هذا يجرده من حقوقه الخاصة ويعرضه للطرد من المجتمع، ولو ترك لهؤلاء حريتهم فإننا بذلك نعطي لهم اتخاذ هذه الظاهرة منحى جماعياً، وتسمى جماعة التكفير وبذلك تعرض المجتمع الإسلامي إلى الفرقة والاختلاف، وإدراكاً من الإسلام إلى خطورة عملية التفكير فدعا إلى احترام هوية من شهد الشهادتين.. ولو نظرنا إلى بعض الفتن بين المسلمين كما ظهرت الفتنة الأولى بين المسلمين ونشبت بينهم الحروب، فقد رفض سيدنا علي رضي الله عنه أن يتهم خصمه بالكفر والنفاق، وقل: إن إخواننا بغوا علينا، ولو نظرنا إلى الهدف لوجدنا أن المستهدف بلادنا وأرضنا والأمر قد يكون أوسع من ذلك، فقد تولد فتنة عظيمة رافعة راية الفساد والحقد والاعتداء غير المشروع أو مبرر وسلك سبيل الإجرام وترويع الناس الآمنين وسفك الدماء البريئة واقتراف أشنع الجرائم، ومن هذا كل منا محاسب عن أمن هذا الوطن وسد كل الثغرات التي يمكن أن تحدث فتنة وبلاء، فإذا وضعنا أيدينا في اتجاه واحد مع ولاة أمرنا وكبار علمائنا وأدرك كل واحد منا أنه هو المستهدف في نفسه وماله وأهله ووطنه، وبهذا التلاحم سوف نبني في مجتمعنا جداراً واحداً لا يخترقه حاسد أو مخرب أو ناقم، صفاً واحداً لا يتفرق، فديننا الحنيف الذي بعث به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بأنه دين الحق والتسامح والمحبة والإخاء وهو دين الصف الواحد والكمال الإنساني، ديننا مبدأه الوسطية واليسر ونبذ التعسف والشدة، وقد وصف الله أهل الإسلام بقوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) وقد أمن هذا الدين المسلمين على دمائهم وأنفسهم وممتلكاتهم، وعدم تخويفهم أو الاعتداء عليهم كما في الحديث الشريف (لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً) ويقول عليه الصلاة والسلام (من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى يدعها ولو كان أخاه لأبيه وأمه)، فكيف عن الأسلحة الثقيلة والصواريخ القاتلة، أن الاعتداء على الأنفس الآمنة والمستأمنة جريمة شنعاء وظاهرة يجب أن تستأصل من جذورها، ولي في خطباء المساجد في جميع أركان هذا الوطن أن يكون لهم اليد الطولى في تهذيب النفوس وإبراز مخاطر هذه الفئة الباغية وتدعيمها بالقرآن والسنة وإعلام الجيل الناشئ بخطورتها وكيف نستطيع أن نقف أمامهم صفاً واحداً.
ليعش هذا الوطن آمناً بقدرة الله ثم بحكومتنا الرشيدة التي حفظت لنا الأمن والأمان والرخاء في المعيشة، ليحفظ الله ولاة أمرنا وعلماءنا ووطننا إنه القادر على ذلك.
د. علي سعيد آل صبر - أبها
abuturky1234@hotmail.com