قلنا سابقاً وسنظل نقول: إن جذور الإرهاب لا تزال موجودة، وإن القاعدة لم ترفع راية الاستسلام بعد، بل أصبحت تستخدم أساليب مختلفة للوصول إلى أهدافها، ومن ذلك: تنفيذ اغتيالات واسعة عن طريق استهداف شخصيات قيادية في المملكة، بعد استهداف المقيمين الأجانب، والمنشآت الحيوية. وقد أشار بيان وزارة الداخلية الذي صدر بعد القبض على مجموعة ال (44)، إلى تخطيط القاعدة لعمليات اغتيال تستهدف شخصيات كبيرة في الوطن، عبر دوائر التفجير عن بعد.
إعلان تنظيم القاعدة في اليمن عن مسؤوليته عن المحاولة الفاشلة الذي استهدف - الأمير - محمد بن نايف، يؤكّد انتعاش تنظيم القاعدة في اليمن - ولا شك -، خاصة بعد ضعف التنظيم في العراق. وتقدّر مراكز بحثية غربية: أن ما يزيد عن مئات الشباب الذين تطوّعوا للقتال في العراق ضد قوات التحالف، هم الآن في اليمن، بحكم تضييق الخناق عليهم هناك. وأن دولتين، هما: إيران، ودولة عربية أخرى، تدعمان تلك الخلايا النائمة في اليمن دعماً مادياً ومعنوياً، وذلك بحسب اعترافات القائد الميداني في تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، واعترافات محمد العوفي، وهو المطلوب رقم (73) في قائمة ال (85)، وغيرهما من اعترافات المقبوض عليهم تؤكّد ما سبق.
وتشير التوقعات إلى أن القاعدة - لا قدَّر الله - قد تعمد خلال - الأيام القادمة - إلى تنفيذ المزيد من الهجمات لرفع معنويات عناصر التنظيم، واستقطاب المزيد من الكوادر الجديدة، لا سيما بعد فشل تلك المحاولة الدنيئة بإلحاق الأذى - بالأمير - محمد بن نايف، وهو ما أكده - النائب الثاني وزير الداخلية - نايف بن عبد العزيز، حين قال: (نحن في هذه البلاد مستهدفون، ويجب أن لا نقول انتهينا من هؤلاء، الأمور قد تتغيّر، وقد تزيد أكثر، لا أقصد من حيث الكم، ولكن من حيث النوع، وهو الأخطر). مما يستلزم إعداد مشروع شامل، ومراقبة أنشطة القاعدة للحيلولة دون تمرير إستراتيجيتها، واقتلاع جذور الإرهاب من هذه البلاد.
ولا يكتمل الحديث عن الإرهاب، دون المرور على برنامج المناصحة، فهو جزء من إستراتيجية متكاملة لمحاربة الإرهاب، ومقارعة الفكر بالفكر، بل إن السفير الأمريكي (فراكر)، أكَّد على: (أن المملكة تمكّنت من هزيمة القاعدة، وهي التجربة الوحيدة التي هزمت فيها القاعدة، ليس بالوسائل الأمنية وحدها، وإنما بالحوار الديني والفكري). وأضاف: (أعتقد أن تجربة السعوديين في مواجهة القاعدة، تستحق أن تدرس بعناية كنموذج على سبل مكافحة الإرهاب لتطبيقها في دول أخرى). ونشرت مجلة (نيوريببلك) الأمريكية تقريراً، ذكرت فيه: (أن إدارة الرئيس أوباما تعتزم نقل عدد من المعتقلين العرب في سجن غوانتانامو إلى السعودية تمهيداً لإغلاق المعتقل، وترغب في الاستفادة من برامج التأهيل التي تقوم بها السعودية مع المطلوبين أمنياً).
وإذا كان ثمة ما ينبغي الإشارة إليه، تلك الصورة الرائعة التي تمثَّلت في علاقة الحب بين المسؤول والمواطن، عبر صور وفاء وتضحية متنوّعة، تمثّل ذلك من خلال تسابق شرائح المجتمع، من أجل التعبير عن فرحتها بنجاة - الأمير- محمد بن نايف، الذي استطاع خلال فترة وجيزة تفكيك بؤر الإرهاب، وبتر تلك الشجرة الخبيثة بعد أن اشتد عودها.
drsasq@gmail.com