«الجزيرة» - جمال الحربي
يقوم فريق بحثي من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بدراسة علمية بعنوان: (المحافظة على الأصول الوراثية النباتية لشجرة البن في المملكة العربية السعودية ودراسة خصائصها البيئية والتصنيفية وأهميتها الاقتصادية)، من أجل المحافظة على الأصول الوراثية النباتية لهذه الشجرة من الانقراض، بالإضافة إلى دراسة الجدوى الاقتصادية لها.
وقام الفريق البحثي بمسح ميداني للعديد من مزارع البن في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة شملت منطقة جازان، وتحديداً جبال فيفا، وجبال بني مالك، وجبل طلان، إضافة إلى منطقة عسير حيث زار الفريق محمية ريدة، وجو غمرة، ووادي الغيل، كما زار منطقة الباحة وتحديداً جبل شدا الأعلى، وتهدف هذه الزيارات الميدانية إلى التعرف على التوزيع الجغرافي بشكل دقيق لمزارع البن وذلك من حيث مساحة كل مزرعة، وعدد أشجار البن المزروعة في كل مزرعة، بالإضافة إلى إنتاجية الشجرة الواحدة (كلغم)، والإنتاج الكلي لكل مزرعة (كلغم).
وذكر الدكتور تركي بن علي التركي رئيس الفريق البحثي لهذه الدراسة أن هذه الدراسة أوضحت وجود نوعين نباتيين من أشجار البن نامية في المملكة هما البن العربي والذي يعد من أجود أنواع البن وأعلاها سعراً من الناحية التجارية حيث أن ثماره كبيرة، وعالية الجودة، وأما النوع الثاني فهو البن الأفريقي والذي يعد من أقل أنواع البن انتشاراً، وأقلها سعراً، وثماره تقل جودة عن البن العربي.
وقال الدكتور التركي إنه تبين وجود أعداد كبيرة من مزارع أشجار البن العربي المتناثرة على سفوح الجبال الشاهقة الارتفاع في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة والتي يتجاوز عددها المائة وخمسين مزرعة علماً بأن الزيارات الميدانية لم تستكمل بعد، وتتراوح مساحات هذه المزارع بين 400 - 3000 متر تقريباً، وينمو نبات البن العربي على ارتفاعات تتراوح بين 1230 - 1720 متر وذلك في أغلب الجبال الواقعة في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة.
وأضاف إن نبات البن الأفريقي ينحصر توزيعه الجغرافي في ارتفاعات منخفضة لا تتجاوز 1210 متر تقريباً حيث يشاهد فقط في جبال فيفا الواقعة شرق منطقة جازان، وتنتج الشجرة الواحدة 5 كلغم من البن العربي علماً بأن هذه الإنتاجية تزداد إلى 14 كلغم عند توفر كميات كبيرة من المياه، وعلى العكس من ذلك تماماً ففي سنوات الجفاف تقل هذه الإنتاجية إلى 3.2 كلغم وكذلك عند تقدم عمر الشجرة، كما يلاحظ تواجد العديد من أشجار البن المعمرة والتي يبلغ عمرها أكثر من مائة عام تقريباً في العديد من هذه المزارع.
ويقترح الفريق البحثي لهذه الدراسة عدداً من الاستراتجيات البحثية وذلك من أجل المحافظة على الأصول الوراثية لشجرة البن، والتي ستساهم بإذن الله تعالى في المحافظة على هذه الشجرة من التدهور والانقراض، وتتمثل هذه الاستراتجيات في إنشاء العديد من المحميات الطبيعية في عدة مواقع جبلية؛ وذلك لاستزراع العديد من أشجار البن، إضافة إلى تشجيع المزارعين على التوسع في زراعة أشجار البن، وتسهيل كافة العقبات التي تعترضهم ومنها صعوبة المواصلات، وصعوبة عملية تسويق محصول البن.
ومن الاستراتجيات البحثية الهامة أيضاً حفظ بذور نبات البن في البنوك الجينية النباتية والتي ستساهم في عملية المحافظة على حيوية البذور لفترة زمنية طويلة، وتسهل سرعة الحصول على هذه البذور وتوزيعها على المزارعين.
ويؤكد الفريق البحثي نجاح استزراع نبات البن عن طريق البذور وبدون أي معاملات كيميائية في البيوت المحمية وذلك في محطة أبحاث المزاحمية التابعة للمدينة، حيث يتضح أن هذه البذور لديها القدرة على الإنبات وذلك بعد زراعتها في التربة لمدة 45 يوماً، وتعتبر عملية الإنبات من أهم العمليات الحيوية والحساسة في حياة النبات.
وأشار التركي إلى أن حيوية بذور نبات البن قصيرة جداً قد لا تتجاوز شهرين بعدها يفقد الجنين حيويته ويموت، لذا يجب أخذ ذلك في عين الاعتبار، حيث تخضع هذه البذور للتجفيف ولمدة أسبوعين تقريباً بعدها يجب الإسراع في غرسها في التربة، كما أن بعض شتلات البن والتي نقلت في وقت مبكر (عمرها لا يتجاوز 4 أشهر) بدأت في عملية الإثمار داخل هذه البيوت المحمية.
وأوضحت التجارب المعملية (المخبرية) أن بذور نبات البن العربي لديها القدرة على الإنبات في مدى حراري واسع من درجات الحرارة المتبادلة وكذلك درجات الحرارة المستمرة ( 5 - 50 درجة مئوية)، كما أن لهذه البذور القدرة على الإنبات في تركيزات مختلفة من الملوحة وذلك عند درجة الحرارة من 15 إلى 25 درجة مئوية.