Al Jazirah NewsPaper Sunday  06/09/2009 G Issue 13492
الأحد 16 رمضان 1430   العدد  13492
خطاك السوء يا موطن التوحيد
د. فهد بن إبراهيم بن عبدالعزيز آل إبراهيم

 

على عقيدة التوحيد قامت هذه الدولة وعلى توحيد الكيان تشكل هذا الوطن، وكانت النتيجة أن تحقق الأمن للبلاد، ورزقها الله من الخيرات ما جعلها مقصد القاصي والداني، وتشرف حكامها بخدمة الحرمين الشريفين، وتوفير الأمن والسلامة للحجاج والمعتمرين، عمل خالص لوجه الله، لا يريدون من أحد جزاءً ولا شكوراً.

وساء الشيطان وأولياءه أن رأوا ثمرة الإيمان وإقامة شرع الله وتنفيذ حدوده استتباب الأمن في البلاد؛ فالشيطان وأولياؤه لا يريدون أن تقوم لدين الله قائمة، ولا أن يكون لعقيدة التوحيد ناصر ومعين، ولا أن تكون للإسلام دولة، فسولت لهم أنفسهم سوءاً وضلوا عن الطريق المستقيم، وخططوا لضرب الإسلام في خاصرته، متخذين الخوارج والقرامطة في التاريخ الإسلامي قدوة لهم فساروا على نهجهم واستنوا بسنتهم.

ولكن هذه البلاد وأهلها الذين أخذوا مبادئ الدين من مصادره النقية (كتاب الله وسنة نبيه) ومنهجها السلفي في مدارسها ومساجدها ومجالسها، عقيدةً وشريعةً وفقهاً وتاريخاً، لا يخفاهم كيد الذين يبتغون الفتنة بالمؤمنين، وفي مناهج التعليم العام عرفوا حكم قتل النفس المؤمنة ومصير القاتل في الدار الآخرة، وعرفوا حكم الانتحار وما مصير المنتحر، وعرفوا حكم من يريد في الأرض الفساد، وعرفوا من هم المحاربون وما حد الحرابة، ولكن الفئة الضالة عزلت نفسها عن المجتمع وسلكت طريق الشيطان وأوليائه، واستبدلت الأدنى بالذي هو خير؛ فانحرفت عن صافي عقيدتها إلى عقيدة فاسدة، وفصلت نفسها عن مجتمعها السليم لتلتصق بمجتمع مريض، وتركت منهجها المستقيم لتسلك منهج الضالين.

إن كل جرائم القتل والتفجير والتدمير والإفساد التي يرتكبها هؤلاء الضالون تكشف مدى ضحالة علمهم الشرعي، وأنهم لم ينهلوا العلم من منبعه الصافي الصحيح، بل إنهم لجأوا إلى مدعين للعلم جهال؛ فتمكنوا من الاستحواذ عليهم وغسل أدمغتهم، وبالمقابل قامت الدولة، ممثلة بوزارة الداخلية، بوصفهم ب(الفئة الضالة)؛ طمعاً بتوبتهم وأوبتهم، وأنشأت لهم لجنة من العلماء لمناصحتهم وتبصيرهم بالحق والصواب، ويفتح لهم المسؤولون الأبواب، ويتلطفون معهم في العبارة والخطاب، ويؤخذون بالأحضان إذا عادوا نادمين على ما كان منهم؛ فهم في نظرهم أبناء الوطن ضلوا الطريق ثم عادوا إليه.

ولكن من باع للشيطان نفسه خسر الدنيا والآخرة؛ فهذا الذي استسلم للمؤامرة القذرة والتفجير المشين، ما الذي جناه؟ وما الذي جناه المتآمرون من ورائه؟ إنه الخزي والعار وغضب الله وعقابه.. (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)، (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ).

هنيئاً لهذا الوطن الذي نشأ على التوحيد واتخذ رايته رمزاً له ودافع عنها عبر سني عمره، نهنئه على هذا النصر المبين الذي منَّ به العزيز الحكيم في هذا الشهر الفضيل؛ فنحمده سبحانه أن كبد عدونا وأظهر أمننا، هذا الأمن الذي استهدفه العدو الخفي باستهدافه شخص الأمير محمد بن نايف، هذا العدو الذي أرسل جاهلاً ضالاً من جُهّاله؛ ليعتدي على محمد بن نايف، ليس بصفته أميراً من حكام هذه البلاد أو فرداً من أفراد شعب هذا البلد بل بصفته رمزاً لأمن هذه البلاد؛ فهدف هذا العدو هو زعزعة أمن هذا الوطن ومحاولة إجراء ثغرة في جدار لحمته الصلب ليلج من خلالها لتنفيذ مآربه التي لم تعد خافية على أحد وواضحة جلية لكل ذي لب، إنها أهداف تخدم أعداء الإسلام ولا تمت إلى الدين بأي صلة.

إننا إذ نهنئ أنفسنا بأن كفانا الله شر هذا الاعتداء الأليم لنجد مرارة الألم من الحال الذي وصل إليه حال بعض الشباب الذين ضلوا الطريق السوي حتى وقعوا فريسة لعدو سلموه عقولهم فاستغلهم أسوأ استغلال.

دامت بلادنا على عقيدة التوحيد ودام مجتمعنا على وحدة الوطن، وحفظنا الله من كيد الشيطان وأوليائه، وردَّ الضالين إلى صراطه المستقيم.

* المستشار في الديوان الملكي



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد