Al Jazirah NewsPaper Thursday  03/09/2009 G Issue 13489
الخميس 13 رمضان 1430   العدد  13489
نوافذ
المستقبل
أميمة الخميس

 

هل هناك إجماع شعبي وإرادة متكاملة ضد الإرهاب بجميع ملامحه، وتجلياته، وصنوفه؟

هل هناك ربط بين الإرهاب كفعل عنيف موجه للأفراد والمنشآت والمشاريع الحضارية التي تتجه نحوها المنطقة، والفكر المحرض أو حتى المسوغ له؟ جواب هذه الأسئلة حتما سيحبطنا.

فالتنظيمات الإرهابية بمجملها دوما تبقى معلقة بأرض الحلم واليوتيبا، والشعارات وأحلام العدالة والمجتمع الفاضل وهذا ما يمنحها بعض القبول السري والصامت من قبل العديد من الفئات، ولكن الجماعات المسلحة التي تسيس الدين، لا تمتلك فلسفة أو حتى رؤية وهدف واضحين لإحلال مشروعها على أرض الواقع، لا يوجد داخل بنود أجندتها التنظيمية احتفاء بالإنسان كقيمة وبالتحضر كهدف، فعدا الركام الإنشائي لا يتبدى في مدوناتهم سوى الرغبة في التصفية والتدمير وإبادة مظاهر الحياة على الأرض، حيث ينطلق فكرهم من بنية تاريخية تجد في التصفية وإزالة المختلف سبيل وحيد لبوابة المدينة المثالية.

تلك الحركات على الرغم من كثرة منظريها وشيوخها ومريديها إلا أن مشروع الدولة لديهم يبقى ضبابي غامض الملامح، يراوح في مرحلة المواجهة العسكرية أو ما يسمونه بالجهاد، دون أن يتخلله مشروع حضاري تنموي متكامل يستجيب للسنة الإلهية المختصة بعمار الكون.

المعروف دوما بأن المعارضة دوما تمتلك أجندة وحزمة من الوعود البراقة تلوح بها وتعد بتحقيقها في حال وصولها للسلطة، ولكن الجماعات المسلحة عبر أعوام من المواجهات ما أهدافهم وطموحاتهم في حال وصولهم للسلطة؟

على سبيل المثال... هل سيجدون سرير لكل مريض ونظام صحي عالي الجودة؟ هل سيقدمون مدارس مثالية في مبانيها تقدم خلاصة الفكر التربوي إلى الطلاب وتصلهم بمستقبل وطنهم؟ هل لديهم آلية لإصلاح النظام العدلي وإضفاء المزيد من الوضوح والشفافية على القوانين الإدارية في مؤسسات الدولة؟

معظم ما نطلع عليه من طروحاتهم الفكرية تعكس فكر ضحل ومندفع وعاجز عن الانفتاح على التيارات الفكرية والسياسية في العالم من حوله، ويكتفي بحشد الآيات القرآنية والأحاديث وأقوال السلف بين أسطر طروحاتهم السياسية كي ينالوا المصداقية والمشروعية ويستقطبون الإجماع الشعبي.

التنظيمات الإرهابية عاجزة عن الدخول إلى المدينة الحديثة، وتظل تراوح على حدودها الخارجية، تنمو وتقوى شوكتها عندما تعيش بين الجبال وفي الكهوف المعتمة، ولكن يعشي أعينها التحضر والمدنية.

جميعنا نعلم بأن المواجهة طويلة ودامسة، وباعتقادي ما من سبيل لاقتصاص جذور هذه التنظيمات من أرضنا، سوى بالمزيد من الفعل المدني المتحضر، المزيد من الأسقف المرتفعة لمناقشة قضايانا بوضوح وشفافية، حيث الجميع تحت مظلة قانون مرتبط بأنظمة تكفل المساواة والعدالة، المزيد من التوغل في درب الإصلاح الفكري والإداري، المزيد من الفعل التنموي على مستوى البنية التحتية وعلى مستوى الفرد.....

من ناحية أخرى أيضا المزيد من الانفتاح على أفكار وثقافات وتاريخ الشعوب من حولنا كهدف للتعايش وليس الغزو.

الحركات الإرهابية لا تملك أجنحة تحلق بها نحو الغد والمستقبل... لذا فلنختر المستقبل.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد