Al Jazirah NewsPaper Thursday  03/09/2009 G Issue 13489
الخميس 13 رمضان 1430   العدد  13489
بعد كشف وزارة الداخلية لوقائع محاولة الاغتيال
مختصون: وزارة الداخلية تقوم بواجبها فعلى الجهات الأخرى مؤازرتها

 

الرياض - منيرة المشخص

طالب عدد من المختصين الأهالي والمدرسة والمسجد وغيرها من الجهات المختصة الوقوف إلى جانب وزارة الداخلية في محاربتها للإرهاب وأهله وتوضيح حقيقة وزيف أفكار أصحاب الفكر الضال.

وشدد المختصون لـ(الجزيرة) عقب كشف وزارة الداخلية لحقيقة منفذ الهجوم والطريقة التي حاول بها اغتيال صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف, على أهمية اهتمام الأسرة بأبنائها والتعاون مع المسجد والمؤسسات التعليمية والاجتماعية وتوضيح معنى الوسطية في الدين الإسلامي.

فيؤكد بداية الدكتور: صالح بن عبد الله الدبل أستاذ علم الاجتماع الجنائي المساعد كلية الملك فهد الأمنية. بان ما حدث هو نتيجة تمادي أصحاب الفكر الإقصائي، والتي تغلفت بالتمسك الديني والتي كانت النظرة للناس إما ملتزمين أو غير ملتزمين. وترتب على هذا الوضع التقوقع على الذات واستقطاب الأشباه وتجنب عامة الناس ذوو الفكر الاجتماعي المستقيم الذين يقبلون الآخرين ويتعاملون معهم. عندما قدموا الحظوة للأشباه، وحرموا الآخرين في العمل والوظيفة وحتى بالتعامل واللباقة والابتسامة واعتبروه أسلوباً للتقرب إلى الله مع أن الهدف هو التحكم والسيطرة. فكانوا لا يبتسمون لمن يعتبرونه غير ملتزم، وأضاف الدكتور الدبل: حتى أنه إذا ذكر الناس سألوا هل هو ملتزم أم لا؟ ليتم التعامل معه على هذا الأساس. وتقبل المجتمع هذا الوضع وبدأ عامة الناس يستعملون معايير الإقصائيين حتى أن الابن أصبح يؤدب أبيه ويتحكم في سلوك المنزل وأصبح التلفاز محرما بأوامر هذا الإقصائي.

وقال الدكتور صالح: وعندما عم هذا التوجه الفكري السلوكي في المجتمع تبلور في مرحلة جديدة هي مرحلة التقدير (التقديس) وخلط في هذه المرحلة بين العلماء وأنصاف العلماء، وأصبح الرعاع هم المفتين وهم الأئمة وكان التقدير الاجتماعي لهم دون غيرهم، ومرة أخرى ونتيجة لطوفان هذا الفكر تجاوب المجتمع معهم وأعطاهم من التقدير ما لا يستحقون ووثق بهم وقدم لهم فلذات الأكباد ليؤدبوهم ويربوهم على هذا الفكر الانعزالي الذي يقسم المجتمع إلى قسمين. وفي هذه المرحلة زاد التخبط أكثر لشعورهم بالتمكين والتحكم في أفكار الآخرين.

وفي مرحلة أخرى بدأ الوعي يدب في المجتمع وانتبه الناس لغايات هذا الفكر والسلوك وخف التجاوب والتقدير فشعر الإقصائيون بالإفلاس لأول مرة، فزادت لديهم حدة ولهيب الفشل والإفلاس، فأصبحوا يتخبطون يمنة ويسرة، وبحثوا عن توجهات فكرية يستعينون بها، وحولوا أجسادهم وعقولهم قنابل موقوته تحرق أنفسهم وغيرهم لعجزهم عن مسايرة الواقع السليم. واستبدلوا الرخاء الاجتماعي والتنمية الرشيدة بدعاوى الأساطير معصوبة العينين وارتموا في أحضان الشياطين يوجهونهم ويأمرونهم وألغوا عقولهم وصموا آذانهم عن استماع دعوة الحق والرشاد.

ويشير الدبل إلى توجيه الفكر الرشيد دعوته إليهم واعتبرهم أخوة مرضى لا أعداء يلزم حربهم، وفتح لهم باب الحوار وذكرهم بباب التوبة المفتوح وقدم لهم النصيحة والمعونة والتأهيل ليتم إعادتهم إلى الفكر السليم فعاد الكثير مقتنعين وعوملوا أخوة وأبناء مقبولين. وفي المرحلة الجديدة من الإفلاس لم يعجب هذا الوضع من تلوثت أيديهم بالدماء وألسنتهم بالإفك والضلال فهم يحاولون يائسين حرمان البقية من التمتع بالحياة الكريمة في الدنيا والفلاح في الآخرة بتلبيس الأمر عليهم ودفعهم إلى الضياع، وذلك لعجز هؤلاء المضلين من منظرين فكريين ومطاردين ومجرمين عن الحصول على الأمن والأمان لأن مصيرهم الهلاك لما اقترفوا من مهالك وموبقات. وبمزيد من التماسك الاجتماعي بين الشعب والقيادة لن يجد هؤلاء الضالين إلا الموت الرخيص أو الهروب النهائي والانهيار النفسي الذي لا يعودون بعدها. وهذا مرهون بتوفير عوامل التماسك الاجتماعي الرصين.

ويوضح الدكتور علي بن دبكل العنزي عضو مجلس شورى سابق وأستاذ العلاقات العامة والإعلام - جامعة الملك سعود اهتمام وزارة الداخلية بمعالجة الأمر والذي قابله شبه إهمال من قبل الجهات الأخرى حيث قال: الأمير محمد بن نايف يقود الحملة الأمنية التي تواجه هذه الفئة الضالة بشقيها الأمني والفكري، والتي نفذت وزارة الداخلية كل متطلبات هذه الحملة منها وبشقيها، لكن الجهات الأخرى، سواء الإعلام أو المساجد أو المدارس وغيرها من الجهات لم تقم بما يتوجب منها القيام به.وأردف الدكتور علي:إن توقيت العملية يدل على مدى الإحباط الذي بدء يدب في أوصال الفئة الضالة، حيث استطاعت وزارة الداخلية القبض على أكثر من 44 شخص ينتمون لها، ومن حملة الشهادات العليا، وقبل أن يبدؤوا بالتخطيط لأي عمل، مما يعزز القول أن جهود وزارة الداخلية حققت أهدافها، وانتقلت منذ فترة إلى الضربات الاستباقية للتنفيذ، وتحولت ألآن إلى الضربات الاستباقية للتخطيط، وهو الأمر الذي أصاب هذه الجهات بالمزيد من الإحباط والخيبة، ولذلك قاموا بهذا العمل الخسيس والدنيء، والجبان، لعلهم ينالون من تماسك هذا الشعب حول قيادته الرشيدة، بعد أن فشلوا بإقناع الناس بأهدافهم الدنيئة والخسيسة.

وأوضح الدكتور علي العنزي:إن المستهدف في هذه العملية الغادرة ليس محمد بن نايف ولا خادم الحرمين الشريفين ولا نايف بن عبد العزيز، بل المستهدف هو الوطن والمواطن، باستقراره وبأمانه وباقتصاده وبجميع مقوماته الحيوية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. إن هذه الفئة باستهدافها أحد رموز هذا البلد السياسية والأمنية، إما كشفت عن حقيقة أهدافها بنشر الفوضى، وعدم الاستقرار، والعبث بأمن هذا البلد واستقراره السياسي، لذلك لن تجد هذه الفئة لها أي مكان في هذا البلد والمجتمع.

وقال الدكتور عبد الله بن أحمد الشعلان أستاذ علم الاجتماع والجريمة المساعد في كلية الملك فهد الأمنية لا شك أن لتلك السياسة الحكيمة التي تتخذها المملكة في مواجهة الفكر الضال وعناصره فكرياً وأمنياً أتت أكلها وأثرت وبشكل كبير في تفكيك خلايا هذا التنظيم الضال. إن محاولة الاغتيال هذه تعد حجة على التنظيم لا حجه له. فقد بينت زيف الفكر الذي يحمله هذا التنظيم وبذلك انتفت الأرضية التي يزعم أنها شرعية. ويتساءل الدكتور الشعلان: فما تبرير تلك الخيانة للأمان الذي أعطي لهذا المطلوب امنيا والانتحار ومحاولة قتل الأبرياء وترويع الناس بهذا الفعل الإجرامي المشين في شهر الأمان؟

إن هذا العمل دليل واضح على احتضار هذا التنظيم وإعلان بضعفه فهو الآن يريد أن يزيل كل من يهدد بقاءه. ومحاولة الاغتيال هذه اعتراف من التنظيم بان ما يقوم به سمو الأمير محمد بن نايف حفظه الله في مواجهة الإرهاب له الأثر البالغ في تقويض هذا التنظيم وتجفيف منابعه. فقد افسد عليهم كل خططهم. حفظ الله سموه من كل مكروه.

ويبين الدكتور عبدالله الشعلان: إن السياسة الحكيمة التي تنتهجها المملكة في مواجهة الفكر الضال من خلال العمليات الأمنية الاستباقية ومواجهة الفكر بالفكر نتج عنها بفضل الله تفكك هذا التنظيم. ومن آثار هذا التفكك شعور عناصره بعدم الاستقرار والخوف والإحباط والتشتت وعدم وضوح الرؤية مما أدى بهم إلى التخبط في قراراتهم وفي عملياتهم الإرهابية. هذا فضلاً عن التذبذب في دخول التنظيم والخروج منه كنتيجة لهذا الوضع.

إن غدرهم بمن أعطاهم الأمان والثقة خيانة أخرى تضاف إلى سلسلة من الخيانات المتكررة من عناصر هذا التنظيم ضد الوطن الغالي ودليل على تردي حالتهم النفسية وأصبحت تصرفاتهم هذه مسمارا آخر يدق في نعش هذا التنظيم.

وفي السياق ذاته قال الدكتور ناصر بن علي العريفي أستاذ علم النفس ورئيس الدراسات المدنية بكلية الملك فهد الأمنية وعضو لجنة المناصحة وعضو بمركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية: نحمد الله على ما وصل إليه رجال الأمن بتوجيه ومتابعة من صاحب السمو الملكي مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية في القضاء على الخلايا الإرهابية واستباق رجال الأمن في القضاء على التنظيمات قبل تدبير أعمالها الإرهابية التي لا يرضى عنها الله ولا يرضى عنها مخلوق عاقل في أي زمان أو مكان، وبدأت يد الإجرام تتضاءل بفضل من الله ثم بفضل من الجهات الأمنية بقيادة سمو الأمير محمد ويواصل العريفي: ولكن تبقى يد الشر تمتد أحياناً رغم ما قدم لها من عفو وتسامح وهذا ما يدل على خيانة هذه الفئة لدينها ولوطنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث؛ إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان) فإن ما جرى من تسامح سمو الأمير للهالك الذي وعد بتسليم نفسه له لهو أكبر دليل على خيانة هذا الهالك الذي واجه العفو والتسامح بالعدوان والخيانة. هذه صورة بل وعبرة لمن اعتبر لكل من يخرج عن منهج هذه الأمة ويطوع نفسه لمثل هذه المنظمات الإرهابية التي بدأت تعاني من الإفلاس والتخبط الفكري وأكبر دليل على ذلك خططهم العشوائية وضعفهم أمام السلطات الأمنية وعدم قدرتهم على تنفيذ مرادهم وهذا والله إن دل فهو يدل على أن الله سبحانه وتعالى خذلهم وسيخذلهم إن شاء الله والشاهد على ذلك أن المطلوب الأمني الذي أراد تفجير نفسه بالقرب من سمو الأمير محمد قد خذله الله وهلك في مكانه.

ويؤكد الدكتور ناصر: إن وزارة الداخلية لم تألوا جهداً في مكافحة الإرهاب ومحاربة الفكر بالفكر فلم تعتمد فقط على الجهات الأمنية بل ساهمت في علاج الفكر المنحرف عند البعض سواء من الذين يحملون الفكر المنحرف أو ممن غرر بهم من الشباب فأعدت لهم لجان مناصحة لتحاورهم فكرياً وأقامت عدة دورات شرعية ونفسية واجتماعية في داخل وخارج السجون كما هيأت لهم مركزاً بتوجيه من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف لتأهيل البعض من الشباب الذين غرر بهم، ولا شك أن عمل هذه اللجان قد لاقت نجاحاً في مواجهة هؤلاء الشباب فكرياً وتصحيح بعض الأفكار العالقة في أذهانهم وإرشادهم إلى الصواب والعمل معهم لإعادتهم إلى أسرهم ومجتمعهم سالمين من أي شبهة أو فكر، وأضاف قائلاً: وإننا لا ندعي الكمال فالكمال لله تعالى إلا أننا نجد نجاحاً ليس بالقليل في أعمال لجان المناصحة وإننا لا نقيس الحالات الشاذة التي عادت إلى الفكر الضال بضعف أو تهاون أعمال لجنة المناصحة حيث نعلم أن لكل قاعدة شواذ وأن نسبة النجاح التي حققته أعمال اللجنة قد وصل إلى مستوى عال وهذا ليس بشهادتنا بل بشهادة الكثير من أطلع على أعمال اللجنة.

وحول الموضوع ذاته قال الدكتور خالد بن عبد الله السبيت أستاذ العلوم الإنسانية في كلية الملك خالد العسكرية: لقد نهى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وقد غضب غضبة شديدة على حبه وابن حبه أسامة بن زيد حين قتل رجلاً كان كافراً ونطق بالشهادتين حين رفع أسامة السيف في وجهه!. فكيف بمن يقتل رجلاً يعلم إسلامه. وقد قال الله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}، وقال الدكتور خالد: والأحاديث التي جاءت عن الرسول صلى الله عليه وسلم في الوعيد الشديد لمن قتل مسلماً كثيرة وخطيرة، فمن ذلك ما رواه البخاري في صحيحة من حديث ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً)، وروى البخاري في صحيحة من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أول ما يقضى بين الناس في الدماء)، وروى البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله).




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد