Al Jazirah NewsPaper Wednesday  02/09/2009 G Issue 13488
الاربعاء 12 رمضان 1430   العدد  13488
نجاة الأمير محمد بن نايف ماذا تعني للوطن والمواطن؟
د. أحمد بن محمد السالم ( *)

 

عاش منسوبو وزارة الداخلية لحظات عصيبة عندما بلغهم خبر محاولة الاعتداء الآثم الذي استهدف صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، وما إن تجلت تلك اللحظات وعلموا بسلامة سموه حتى تحولت حيرتهم إلى فرحة عارمة وسعادة غامرة وأصبح يهنئ بعضهم بعضاً بسلامة سموه حتى ليخال للناظر أنه يوم من أيام النصر والأعياد، وانعكس ذلك جلياً في مجلس سموه خلال الأيام الماضية الذي توافد عليه الزائرون من داخل المملكة وخارجها، من بينهم أصحاب السمو أمراء ووزراء ورجال أعمال، وآخرون من مختلف فئات المجتمع، يتباشرون ويتبادلون التهاني بسلامة الأمير محمد، ولا تكاد تتوقف البرقيات والاتصالات والرسائل الهاتفية للغرض ذاته، جمع هؤلاء غيرتهم على الدين، ومحبتهم للوطن، وولاءهم للقيادة، محتفلين ومبتهجين بسلامة رجل أمن عبر بقافلة هذه البلاد في محيط متلاطم بالأمواج إلى بر الأمن والأمان، بدعم ومناصرة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وبإشراف وتوجيه من سمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وسمو نائب الوزير حفظهم الله.

ولو عدنا بالذاكرة إلى يوم 11-3-1424هـ الموافق 13-5-2003م لوجدنا تفجيرات ثلاثة هزت العاصمة الرياض تزامن وقوعها دون سابق إنذار، وتوالت العمليات الإرهابية ووصل الأمر إلى حد تعرض وزارة الداخلية إلى تفجير عنيف مساء 17-11- 1425هـ الموافق 29-12- 2004م وفي البداية كان البعض يشك في قدرات الأجهزة الأمنية بإمكانياتها المحدودة على كسب معركة الإرهاب والتفوق على الإرهابيين المسلحين بالكثير من العدة والعتاد، والمدربين ميدانياً على العمليات الانتحارية وعلى صنع واستخدام كافة أنواع المتفجرات. ولم يمض وقت طويل حتى تبخرت هذه الشكوك والظنون، فالعمليات الإرهابية تقلصت كثيراً، وما أن تقع عملية إرهابية حتى يكتشف فاعلوها، وتمت السيطرة على الأوضاع الأمنية ومجريات الأحداث. وبرز الجهاز الأمني السعودي كواحد من أقوى الأجهزة الأمنية العالمية في ضوء النجاحات المتتالية التي حققها، وأصبح يشار إليه بالبنان في المحافل الإقليمية والدولية. ولعل الذي عوضنا عن النقص في العتاد والرجال، وجود سمو الأمير محمد الذي وهبه الله الفطنة، والحكمة، وحسن التدبير وتميزه بالقدرة الفائقة على التحليل والاستيعاب، عانق في فترة وجيزة أصحاب الخبرات والتجارب الطويلة في هذه الميدان. يشارك رجال الأمن في الميدان يوجههم ويقودهم إلى مخابئ الإرهابيين، يحاكي عقولهم وقلوبهم، ويكشف عن حيلهم وخدعهم وأكاذيبهم، مما أدى إلى إجهاض الكثير من خططهم وبرامجهم، وتلافينا بالتالي وقوع عمليات إرهابية، لا يمكن حصر ما ستنجم عنه من أضرار مادية وبشرية. وفي الوقت نفسه، لم يفقد سموه الأمل في تأهيل وإصلاح هؤلاء المنحرفين والمغرر بهم من أبناء الوطن، وإعادتهم إلى جادة الحق والصواب، أعضاء صالحين يفوتون الفرصة على أعداء الدين والحاقدين والمغرضين في الإضرار ببلاد الحرمين الشريفين. فأنشأ سموه برامج لتصحيح أفكارهم المنحرفة ومعتقداتهم الخاطئة باعتبارهم ضحية لمن يقف وراءهم (من ممولين ومخططين)، وتعاطف مع أسرهم وذويهم ومد يد العون والمساعدة من منطلق قول الله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.

وهذه التجربة الفريدة من نوعها في التعامل مع ملف الإرهاب نبعت من مبادئها الإسلامية السمحة وقيمنا الأخلاقية وجمعت ما بين اللين والحزم، والشدة والرحمة، قادت الكثير من المختصين في دول العالم إلى زيارة المملكة واللقاء بسموه وكان لي شرف حضور العديد من هذه المناسبات، كذلك تلقى سموه دعوات من دول تملك أجهزة أمنية متقدمة ومتطورة، للاستئناس بخبرات وتجارب سموه في الوقاية من الإرهاب ومكافحته، واستجاب سموه لعدد منها.

وبالرغم من تلك النجاحات، يكرر سموه في كل مناسبة أن الإرهاب سيبقى معنا سنوات طويلة وعلينا أخذ الحيطة والحذر، فلا حدود له (مجهول زمان ومكان وقوعه). ويظهر بأشكال وصور متعددة. لذا فإن سموه يتابع هذا الملف على مدار الساعة لا يكاد يخلد إلى الراحة، ينتقل العمل إليه أينما انتقل وتواجد، عين ساهرة على تحركات الإرهابيين، يصل إليهم في جحورهم وخنادقهم قبل أن يصلوا بمتفجراتهم وأسلحتهم إلى المواطنين الآمنين في مختلف مناشط الحياة ويهددون مصادر رزقهم وعيشهم.

واستهداف سموه في هذه المحاولة الفاشلة اليائسة استهداف لأبناء الوطن جميعهم؛ حيث كلنا سائرون في قافلة سمو الأمير محمد بن نايف على طريق الحق والصواب، نضحي بالغالي والنفيس ولا نأسف على ما يروح من دمائنا وأموالنا لخدمة الدين والوطن، حسبما ذكره سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في لقائه بابنه وخادمه سمو الأمير محمد بن نايف بالمستشفى مساء الاعتداء الآثم على دم مسلم في شهر فضيل أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.

* وكيل وزارة الداخلية



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد