Al Jazirah NewsPaper Wednesday  02/09/2009 G Issue 13488
الاربعاء 12 رمضان 1430   العدد  13488
مطر الكلمات
سجناء السعودية في إجازة شهرية
سمر المقرن

 

تلقيت اتصالاً هاتفياً من رقم لا أعرفه، وبعد أن أجبت حدثني رجل وعرفني بنفسه، تذكرته فوراً، إنه أحد السجناء الذين كان يتواصل معي أهاليهم بصفة مستمرة، منذ أن عرّفني باسمه تذكرت زوجته التي تتصل بي من وقت لآخر بعد أن تابعتني عبر الصحافة وعرفت أن قضايا السجينات والسجناء هي من أولويات اهتماماتي الإعلامية, التي - ولله الحمد - عادت إليَّ فكافأتني, بمحبة الناس, تلك المحبة الأخوية التي أعتز بها كثيراً وأفرح بها طويلاً وهي تاج على رأسي.

قال لي: (أبشرك يا أستاذة.. أهاتفك الآن وأنا بين أهلي)، أجبته: (مبروك، وأتمنى لك أن تنعم بحرية دائمة بين أهلك وذويك)، رد: (لم تنتهِ محكوميتي، أنا الآن في إجازة لمدة يومين أقضيها بين أهلي ثم أعود للسجن مرة أخرى)، قلت له: (هذا أمر جيد، ودليل ملموس على التعامل الإنساني من إدارة السجون التي سمحت لك بهذه الإجازة، وأتمنى أن يكون هذا للجميع)، رد بنبرة مُبشرة: (يا أستاذة.. هذا القرار يخص جميع المساجين، وهذا قرار صادر عن وزارة الداخلية جاء بناءً على اقتراح من صاحب السمو الملكي أمير منطقة القصيم الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز)، أجبته: (جزاه الله خيراً، ووضعها في ميزان حسناته، إن شاء الله؛ فقد زرع بهذا المقترح السعادة في قلوب المساجين وذويهم، ووفق الله وزارة الداخلية ووزيرها صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز - أطال الله في عمره - الذي وافق على هذا المقترح)، وختم المحادثة قائلاً: (اتصلت بكِ لأبشرك بهذا الخبر يا أستاذة؛ لأني أعرف جيداً مدى اهتمامك بهذه الفئة، وأبشرك كذلك بأنه قد تم السماح للسجناء بالخروج في هذه الإجازة كل شهر).

انتهت المحادثة.. وبقيت لي كلمة لا بد أن أقولها وشهادة حق أقولها صادقة من أعماق قلبي، ما إن نسمع كلمة (سجون) حتى نتخيل دهاليز من الظلام يقف على أعتابها جلاوزة شداداً غلاظاً، وهذه حقيقة لا يمكن أن ننكرها في كثير من الدول، لكن الحقيقة الأهم لدينا في هذه البلاد هي أن سجوننا قد وضعت لها شعار (إعادة التأهيل)، وليس التعذيب والإيلام، وهذا الكلام أقوله من واقع خبرة ومعرفة من خلال زيارات متعددة قمت بها كصحفية لسجن النساء وتواصل مع كثير من السجينات والسجناء وذويهم، ويثبت هذا أن أبواب السجون مفتوحة للإعلاميات والإعلاميين ولكل مَن يرغب أن يساهم في مساعدة هذه الفئة، وهذا تحديداً لا يتوفر في كثير من الدول الأخرى، وكثيراً ما ألتقي بصحافيات وصحافيين يتعجبون من السماح لنا بالدخول إلى السجون، ويذكرون لي أنهم حاولوا كثيراً هذا ولم ينجحوا مع أنهم من دول سبقتنا في تصنيف الحريات الصحافية بحسب منظمة (صحافيون بلا حدود)، ومع ذلك فإنهم عاجزون عن إجراء تحقيق أو لقاء مع أي سجين أو سجينة, هذا هو أحد الفروق الكبيرة بين بلدنا وبلدان كثيرة محيطة. لا نملك إلا أن نحمد الله على عيشنا في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين ملك مملكة الإنسانية، وبعدنا عن حكم الحكومات الثورية التي لا ترى قيمة لحياة الإنسان ولا لحريته؛ فيبقى متعفناً في السجون بلا ذنب ارتكبه. حقيقةً, لقد أثرت في مشاعري تلك اللفتة الجميلة الإبداعية الخلاقة التي أذاقت السجين طعم الحرية وجعلته ينعم برؤية ذويه وسمحت لهم بأن يروه، وأنا على ثقة بأنها ستجعل الإنسان يفكر كثيراً بعد انتهاء محكوميته قبل أن يرتكب أي عمل أو يقترف أي جرم يعيده إلى السجن مرة ثانية.

قبل أن أختم هذه المقالة، لا يفوتني أن أتقدم لبطلنا الوطني صاحب السمو الملكي مساعد وزير الداخلية، الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، على نجاته من المحاولة الإرهابية الغادرة التي عادت مدحورة وانقلب فيها السحر على الساحر، ولله الحمد والشكر.

www.salmogren.net



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد