Al Jazirah NewsPaper Wednesday  02/09/2009 G Issue 13488
الاربعاء 12 رمضان 1430   العدد  13488
وظائف شاغرة
محمد الدبيسي

 

500 ألف وظيفة توفرها هذه المنشأة.. و(100) ألف توفرها أخرى.. ونصفها تعلن عنها ثالثة ورابعة.. وخامسة مثلها أو أدنى منها قليلاً!

ولكن السيدة الوقور: (البطالة) لا يرف لها جفن.. وهي تمرر بصرها على هذه الإعلانات.. لا تفزع ولا تخشى أن يمسها خطر.. أو يهدد حياتها زوال.. فهذه (الأرقام الفلكية).. والفرص الذهبية المجازية.. تشبه إلى حد كبير، تخفيضات الأسواق التجارية.. وتشبه إلى حد كبير الجوائز (المغرية) التي تزخها رسائل الجوال.. (كمائن) للحالمين والمغفلين.. تستدرجهم من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون للاتصال، ليساهموا في زيادة أرصدة الجشعين.. ولا تثريب إذا ما اقتنصت شركات الاتصال نصيبها من الكعكة- اللعبة..!

فتلك (الأرقام الفلكية) والإعلانات الوظيفية؛ يكذبها (3 آلاف) جامعي يتسابقون على (12) وظيفة حارس أمن في إحدى الشركات...وأضعاف هذا الرقم على قوائم الانتظار..! تكذبها جباهم الكريمة تلامس رصيف إحدى الشركات بانتظار الصباح.. يتدافعون على (شباك) يقدمون ملفاتهم من خلاله.. أو بوابة منشأة، يرابطون عندها منذ ساعات (الليل الأولى)....بانتظار شروق شمس حلم/يتحقق بالوظيفة.. تكذبها ساعات أرق مميت يمزق أرواحهم بانتظار فرج لا يأتي..! وأمثلة أخرى تستودعها ذاكرة كل منكم.

وتلك الأرقام والإعلانات الوظيفية تسندها مبررات لا نعلمها لدى من أعلن..؟ وتسندها (فكرة عيية) رضعناها منذُ نعومة أظفارنا (بأن التعليم) الوسيلة الوحيدة للوظيفية،وأن (التعليم)مرحلة أو مراحل زمنية.. أو متطلب معيشي فقط.. وليس قيمة بحد ذاته..وحتمية وجودية.. لا هدف للتعليم إلا الوظيفة..ولا وظيفة للجامعات..

إلا إعداد الموظفين! تسندها تربية اجتماعية تصنِّف الوظائف والمهن بين شريفة ومرذولة (تسوى وما تسوى)!

يسندها غياب إستراتيجية تعليم وعمل.. منظومة تنموية.. يتأسس سياقها على (معطيات) علمية..أمينة وواقعية، وتُبنى نتائجها على هذا السياق وتلك المعطيات..! يسندها ضعف وهشاشة أساليب التربية الاجتماعية.. وبناء الإنسان، يسندها إحساس الآلاف.. بأنهم (هامش).. تُحلَّى به متون تستأثر بالحظ

والفرصة والنصيب.. يسندها عدم تحفيز الشعور بالمواطنة وجوهرها النبيل،كل هذا دون أن تتجاهل الجهود الصادقة والمخلصة التي تقوم بها أجهزة الدولة رعاها الله لاحتواء (المشكلة).. وتقليص مستوى تفاقمها.. وكل الجهد النبيل ومحاولة تأسيس قيمة للعمل وأسس لفلسفته ومنافذ لتطبيقه الذي يقوم الوزير: (غازي القصيبي).. الذي ورث (تركة ثقيلة) تواطأت القوى الاجتماعية والمؤسسات الرسمية تعليم وتدريب وإعلام وإرشاد على غرسها وتنامي معضلاتها..! ومعضلة أن تكون (الوظيفة).. هي الهدف الوحيد لكل هذه(الآلاف المؤلفة) من رعايا التعليم، وأن تكون حلماً أشبه بالمستحيل لمخرجاته.. ومعضلة أن لا تكون كذلك.. وفي دائرة الشبه تلك تدور (أمنيات الآلاف).. إذا لم تُحتوى هذه المعضلة الكؤود، وتتم معالجتها.. ببصيرة تعي حق الوطن وحق المواطن.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد