Al Jazirah NewsPaper Monday  24/08/2009 G Issue 13479
الأثنين 03 رمضان 1430   العدد  13479

وقفة مع ديوان الشاعر ناصر السعيد

 

الشعر صناعة، هكذا قالت العرب أي عمل دؤوب واشتغال مستمر على مستوى اللغة من أجل إدراك كنهها وسبر أغوارها، فباللغة ندرك العالم ونسكن فيه، فهي مأوى الوجود.

والشعر أيضا تخييل كما قالت فلاسفة الإسلام وكلا المرتكزين كانا حاضرين بوضوح في ديوان الشاعر ناصر بن عبد الله السعيد، هذا الديوان الذي طالما انتظره كثير من المهتمين بالشعر فالديوان يعتبر إضافة لساحة الشعر الشعبي ليس لمنطقة سدير فحسب بل لمنطقة الخليج عامة وجاء الديوان مشتملا على العديد من أوزان الشعر المختلفة وذلك في مئتين وسبع وعشرين قصيدة حوت أغراض الشعر المعروفة من مدح ورثاء وغزل ووعظ ووصف للطبيعة مع استعراض لبعض قضايا المجتمع.

قصائد متنوعة كان صدق الشاعر واضحا في كثير منها هذا الصدق الذي ترجمه شعرا عاميا ووظفه من خلال عبارات تلامس الوجدان وتساءله وذلك بلغة جزلة سهلة وصور محفوفة بخيال واسع استمده من مشاهداته وقراءاته.

فنراه يستهوينا بحبه للطبيعة واللجوء إليها في قصائد عديدة أذكر منها قوله:

لا ضاق صدري وعيني هلت الدمعة

أروح في وسط بر وأقعد لحالي

أبدي هموم سطت بالقلب مجتمعة

وأقول كود الهموم اليوم تنجالي

وقوله:

لا واهني إللي نسى كل ما فات

وأصبح يسلي خاطره بالشعابي

من يمة الشوكي على ريع تنهات

إللي زهرها مثل نقش الخضابي

وتارة أخرى يستثير عواطفنا بقصائد الوجد والشوق وذلك في شعر عذري يفيض إحساسا صادقا وألفاظا سهلة لا تكلف فيها كهذه القصيدة الرائعة:

يا لعين يا إللي بها دمعات

وش فيك يالعين تبكيني

قالت بكينا حبيب فات

له مدة ما يحاكيني

قضيت انا العمر في حسرات

من فيه غيره يسليني

إلى أن قال:

يازين لا تكثر الصدات

حطيت في القلب جرحيني

مالي على وصلكم قدرات

ما دام قلبك مجافيني

وقوله من قصيدة أخرى

أنا لا من طرالي قمت أشيل الصوت وابكيها

أحن الها وأنا جوفي تقل يصلى على نيران

مثل بل تحانت يوم شدت عن مرابيها

حداها الوقت واقفت من شعيب سدير للصمان

وإذا دققنا في المواضيع التي قدمها الشاعر، سنراها إشارات موجهة إلى أكثر من شريحة اجتماعية وهذا مما ميز هذا الديوان فشاعرنا ارتكز في نظم قصائده على أمور أساسية هي:

أولا: ضبط مفاهيم اللغة العامية ومعرفة الأوزان الشعرية.

ثانيا: القراءة والاطلاع على الموروث الشعبي والعربي والذي يعد مصدر إلهام قويا، وبنكا لغويا لا تنضب تعابيره.

ثالثا: التعايش مع البيئة والاستفادة من تجارب الآخرين

كل تلك العوامل كانت مكونا أساسيا لشاعرية الشاعر ساندته، في تراكيبه المميزة وكلماته المنتقاة وخياله الواسع وثقافته المتنوعة، فابرز تلك الذخيرة الشعرية العامية الجميلة التي يكتنزها في داخله في قالب إبداعي تلقائي بعيدا عن التكلف والغموض.

ومما يميز لغة الشاعر رغبته في إحياء ما اعتقده الناس أنه قد قضى نحبه ودفن إلى الأبد في مقابر المعاجم، فلجأ إلى إحياء بعض الكلمات والتراكيب وتوظيفها في المكان المناسب لها كاستخدامه لكلمة (خايع) في هذا البيت المشهور:

يا وجد قلبي على المقناص

في خايع ما بعد ديجي

سررت بقراءتي لهذا الديوان ومزيدا من الإبداع والتألق لشاعرنا المتميز.

عبد المحسن السلمان


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد