Al Jazirah NewsPaper Tuesday  18/08/2009 G Issue 13473
الثلاثاء 27 شعبان 1430   العدد  13473

الرأي الآخر
قصيدتك.. صايدة..!

 

الشعر كيف، تماماً مثل القهوة، حين كانت كيفاً يصنعه الرجال لأنفسهم ولضيوفهم، القهوة كيف لأن لها نظاماً خاصاً في تقديمها (من حمستها ليا صبتها)، كيف، لأن لها مكاناً وزماناً مناسبان، فهي لا تصنع في كل وقت ولا تقدم في كل قدح، وهي خاصة أيضا لأن ليس كل شخص يسمى (راعي معاميل) ولهذا ليس كل شخص راعي كيف، ومن يتصف بأنه راعي معاميل معناه أنه عارف بالقهوة وهذا يعطيه أحقية الحكم عليها، وهذا ما يجعله مختلفاً عن غيره، ممن يشربون القهوة، وربما يقومون بتسويتها وتقديمها.

قصة العنزي كما تروى والتي حدثت في مجلس ابن رشيد، وتزكية الحربي له بالقصيدة التي منها هذا البيت:

تستاهل الكيف الحمر يابن وايل

انت الذي تستاهل الكيف كله

فخبرة هذا الرجل بالقهوة هي التي جعلته يعرف أن القهوة (صايدة)، وعرف ما دخل عليها وغيّر طعمها، إن هذه الخبرة هي ما يسمى بالنقد، حيث قال الشاعر الحربي مادحاً له:

اللي نقدته وسط ديوان حايل

لولاك ياعلوش محد فطن له

هذه هي فائدة النقد المعرفي، الذي يعطي الإنسان حق النقد، ويعطي الآخرين واجب الاعتراف بمعرفته.

هذه القصة تحيلنا للشعر، لأنه كيف، ولهذا نحتاج لمعرفة هذا الكيف، كي نستطيع الحكم عليه وتقييمه وتقويمه.

معنى أن نقول قصيدتك صايدة، هذا يعني أننا وجدنا بها خللاً ما، إما في فكرتها أو إيقاعها أو معانيها أو صورها، ويجب أيضا أن نحدد ما الذي جعل القصيدة صايدة؟ كما فعل العنزي حين حدد مصيد القهوة (أبو عوف - راك - عرفجة).

حين نقول صح لسانك لشاعر ما، فهذا يعني أننا لم نجد في كلامه (شعره) ما يعيب، وهذا ما تداول عليه المتلقون للشعر الشعبي حين كان الشعر الشعبي صافيا وخاليا من النفعية المضرة.

لكن ومع كثرة المسابقات الشعرية التجارية، أصبحنا نتداول مصطلحات نقدية تحمل حكما عاما، جعل بعض المتلقين يطلقه ساخراً على كل شيء يحتاج لتقييم سريع، فأصبحنا نسمع مثلا: فالك المليون، ما فيك حيلة، دربك خضر، والله إنك مبدع..، هذه كلها مصطلحات عامة ولا تحمل دلالة نقدية محددة.

إذا مادام الشعر كيفا، فلابد أن نبحث عن صاحب الكيف الذي يستطيع أن يعطينا حكما دقيقا مثل حكم صاحب القهوة الذي قال إنها صايدة وعرف نوعية المصيد الذي غير طعم القهوة.

* القصة معروفة بأسماء معاصريها، لهذا لم ذكر أسماء أعلام هذه القصة.

سالم الرويس

rouis22@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد