Al Jazirah NewsPaper Saturday  15/08/2009 G Issue 13470
السبت 24 شعبان 1430   العدد  13470
مستعجل
مفهوم الستر لدى الهيئة.. وكيف يُطبق؟! (1-2)
عبد الرحمن بن سعد السماري

 

كلنا في هذا المجتمع.. أو ربما.. السواد الأعظم.. مجمعون على الدور الريادي البناء الذي تقوم به هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

** وكلنا - تقريباً - مجمعون.. على أنها من أهم الأجهزة الحكومية وأكثرها فائدة للمجتمع.

** ومجمعون أيضاً.. على أنها حققت أشياء طيبة.. ودفع الله بها شروراً كادت أن تحل بمجتمعنا.

** وكلنا أيضاً.. مجمعون على أن الهيئة تضم نخبة من الأخيار الذين هم يشكلون أعضاء ورؤساء المراكز.

** هذا.. لا نختلف حوله.. ولكن هناك قضية تثار دوماً.. وهي تظهر حتى في التقارير السنوية للهيئات.. وهي قضية (الستر).

** ما هو الستر؟

** وما هو مفهوم الستر؟

** وماذا يعني الستر.. إذا أُطلقت هذه العبارة؟

** كيف تطبق الهيئة مفهوم الستر؟

** تقول تقارير الهيئة.. إن أغلب القضايا المضبوطة تنتهي (بالستر).

وقد اطلعت على تقارير السنتين الأخيرتين للهيئة.. فوجدت أن نسبة القضايا التي انتهت بالستر نسبة عالية جداً.. (هذا.. حسب التقرير).

** ولكن.. ما هو هذا الستر؟! وما مفهوم هذا الستر؟ وكيف يُطبق الستر؟

** وما هو الستر في الشريعة؟

** كيف هو تعريفه الاصطلاحي؟

** وما معنى الستر في لغة العرب؟

** الهيئة تقول: إن الكثير من قضاياها انتهت بالستر على المخالف.. بمعنى أنه ضبط متلبساً بالمخالفة أو الجريمة ورأى رجال الهيئة (جزاهم الله خيراً) الستر عليه.. وتم بالفعل الستر عليه.

** والذي نفهمه من هذا كله.. أنه - كمثال - تم القبض على شخص أو أشخاص.. (رجال أو نساء) وهم متورطون في مخالفة شرعية أياً كانت.. غير أن رجال الهيئة (وهم رجال شريعة وفيهم فقهاء) رأوا أن من المصلحة الشرعية ومن مصلحة المجتمع الستر على هؤلاء المخالفين، فانتهت القضية بالستر.. وقيل للمخالف (مع السلامة).. بعد أخذ التعهد عليه وتنبيهه لما فرط منه من مخالفة وتحذيره من العودة إلى هذا الصنيع مرة أخرى.. ولم يعلم أحد على الإطلاق.. غير القابضين عليه ما حصل منه.

** هكذا نفهم من تقارير الهيئة التي تقول: إن نسبة (كذا) وهي نسبة عالية - قد انتهت بالستر وهكذا يظهر لنا أن الغالبية العظمى من القضايا انتهت بحفظ القضية والستر على المخالف.

** وفوق أن هذا مبدأ شرعي صحيح فهو أيضاً توجه ولاة الأمر في هذه البلاد.. إذ سمعنا لمسؤولينا وقرأنا لهم وهم يكررون دوماً توجيهاتهم لرجال الهيئة (الستر.. الستر.. الستر.. يا رجال الهيئة).

** غير أنني سمعت من الناس غير ذلك وهكذا قرأت في بعض الأخبار التي تقول هذه القضية أو تلك ضبطها رجال الهيئة وتعاملوا معها بالستر، ثم أحالوها إلى الشرطة أو إلى هيئة التحقيق والادعاء العام حسب النظام.. بمعنى أنها صارت قضية.. فهيئة التحقيق والادعاء العام بعد استيفاء دورها ستحيلها إلى المحكمة ليصدر حكم شرعي بحق المخالف فيعلم الكل.. أن فلاناً سُجن وجلد بسبب تلك المخالفة الشرعية التي ضبطتها الهيئة.

** فأين الستر؟

** هل هناك فضيحة أكثر من ذلك؟

** إنني لست ضد إحالة المخالفين للقضاء.. ولست ضد محاسبة المخطئ.. ولست ضد إعمال قواعد الشرع المطهر.. ولست ضد عمل الهيئة.. لكنني هنا.. أنقل التباساً حصل في أذهان الناس عن قضية الستر. الهيئة تقول: أكثر قضايانا تنتهي بالستر، فما هو هذا الستر؟ وكيف تطبق الهيئة مبدأ الستر وتعلن أنه يشكل النسبة العالية في قضاياها؟

** هل الستر.. هو إحضار المخالف أو المخطئ للمركز وتنبيهه لما فرط منه ونصيحته وأخذ التعهد الحازم عليه ثم تركه وإخلاء سبيله بعد إشعاره بحجم الخطأ الذي حصل منه ولكن.. دون أن يعلم (مخلوق) غير الرجال الذين ضبطوه؟

** أو أن الستر حسب مفهوم الهيئة هو الاكتفاء فقط بإحالته إلى الشرطة ثم إلى هيئة التحقيق والادعاء العام ثم إلى المحكمة.. ولكن الهيئة تكتفي بذلك.. ولا تلجأ إلى (نشر خزيه) أمام الأشهاد.. بل تكتفي بإيقافه والتحقيق معه وإحالته للشرع وصدور حكم عليه بالسجن فترة طويلة ثم إخراجه من السجن بعد سنة أو سنتين ليضاف رقم جديد إلى أرقام المجرمين.. بدلاً من أن يكون تورط في المخالفة لحظة ضعف وغياب ضمير فيتحول إلى مجرم لا يهمه شيء.

** أو أن الهيئة تعني بالستر مثلاً هو من يُلقى عليه القبض وهو يمشي في الشارع وقت الأذان أو كان موجوداً في محل أو متجر وقت الأذان فاكتفت الهيئة بمجرد أخذ التعهد عليه ولم تشأ إحالته للمحكمة بتهمة الترك المتعمد للصلاة.. والصلاة كما نعلم الركن الثاني من أركان الإسلام فمن تركها فقد كفر.. ونحن لا نلوم الهيئة في التشديد في هذا الشأن.. ومن المعلوم.. أن الكثير من قضايا الهيئة المضبوطة هي من هذا القبيل وهي التساهل في أداء العبادات أو ضبط شخص وقت الأذان وهو في حال التكاسل أو التارك للصلاة.

** فهل مقصد الهيئة من (الستر) في تقاريرها هو هذا الصنف من المضبوطين كمثال؟! وليس المضبوطين في قضايا أخرى؟

** لعلي أعود في زاوية لاحقة لأنقل بعض الرسائل أو الاتصالات التي تردني حول قضية (الستر) مؤكداً مرة أخرى دعمنا كإعلاميين لجهاز الهيئة ورجاله الصادقين المخلصين ودعمنا لرسالته السامية وهدفه النبيل ودوره الريادي وتفهمنا لما يقوم به وما يواجهه من صعوبات.

** سائلاً الله تعالى أن يثيب رجال الحسبة على جهودهم وأن يوفقهم لكل خير.. و(للحديث صلة).




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد