Al Jazirah NewsPaper Sunday  09/08/2009 G Issue 13464
الأحد 18 شعبان 1430   العدد  13464
بين يدي ندوة حميدان الشويعر

 

في العام الماضي حصل لقاء مع الدكتور عثمان بن عبد العزيز المنيع عضو مجلس هيئة حقوق الإنسان، التقيت به في بلدتي المشاش التابعة لمحافظة شقراء، وكان مما دار من حديث في المجلس أنه بصدد الإعداد لندوة عن الشاعر والحكيم والعلم (حميدان الشويعر) يكون مقر إقامتها بمدينة القصب حيث ولد هذا الشاعر وعاش وترعرع، والدكتور المنيع بهذا العمل الذي آمل كما يأمل غيري أن يتم قريباً إنما يضيف إلى أعماله العلمية والأكاديمية والصحفية إنجازاً جديداً، بل غير مسبوق على مستوى مدينة القصب، فهي بلد الذهب الأبيض (الملح) الذي لا يمكن الاستغناء عنه ولها نصيب من الشهرة من شاعرها (المفوّه) حميدان الشويعر.. وأذكر أنني أثناء دراستي في الجامعة بمدينة الرياض كثيراً ما كان يرد اسم الشويعر مرادفاً لمسمى القصب كما يرد الملح، فهو ليس شخصية مجهولة، بل شاعر حكيم مجرب ذكي ألمعي لا تكاد تفوته شاردة ولا واردة.. تناول في قصائده الحكم والنصح والمدح والذم والوصف والنواحي الوطنية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية والسياسية وغيرها، وما زالت أبياته تسير أمثالاً في الحياة، وليس المجال مجال إيراد شيء من ذلك (وهو كثير) ولعلي أشير بشيء من الوفاء إلى عدد ممن تناولوا موضوع الشاعر من أمثال الدكتور عبد الله بن ناصر الفوزان في مؤلفه القيّم (صحافة نجد المثيرة في القرن الثاني عشر رئيس التحرير حميدان الشويعر).. وقد تناوله المؤلف بروح المحب لبلدته.. وروح الأكاديمي الذي يبني موضوعاته وفق منهجية علمية (على الرغم من بعض الملحوظات فيما يتعلق بشرح المصطلحات أحياناً).. وكذلك الأديب الفذ محمد بن عبد الله الحمدان في مؤلفه (ديوان حميدان الشويعر) وما حاوله في هذا المؤلف من إلحاق أبيات نُسبت للشاعر وذكر من زوّده بها وإن كان هناك اختلاف في بعضها، وهذا شيء طبيعي في عصر لم يكن يهتم بالتدوين، ولم تكن وسائل حفظ المعلومات متاحة كالعصر الحاضر، ومنهم الأستاذ عبد الله الجعيثن الذي يكتب عن الشاعر بين وقت وآخر، وكذلك الأستاذ ناصر بن عبد الله الحميضي وغيرهما.

إن الندوة المزمع عقدها -إن شاء الله- عن الشاعر حميدان الشويعر فرصة للتعريف بالشاعر على مستوى الجيل الحالي، فعلى الرغم من شهرة الشاعر وذيوع صيته وبالرغم ما تميّز به شعره وتميزت به تجربته في الحياة من معاناة وما أفرزته من حكمة وتجربة إلا أن جيل الشباب بخاصة يحتاج إلى هذه الندوة وما ستسفر عنه من بحوث وأوراق عمل وتوثيق للرواية الشفهية، فلقد حظي غيره بالإشادة والدراسة والتعريف وهو لا يقل عنهم، بل يزيد لارتباط حياته ومسيرته بعدد من بلدان نجد وتاريخها، وغيرها كالزبير والبصرة وبعض قرى ومدن العراق، وأذكر أن أستاذاً أكاديمياً ينتمي إلى إحدى الجامعات قال لي لماذا لا يُعمل دراسة علمية عن هذا الشاعر ممن يملكون القدرة والمعلومات عنه تُدرس فيها شخصيته وتُحلل أفكاره ويُفاد من تجربته؟.. وأنه لو كان في بلد آخر لكانت حياته مجالاً للدراسات والقصة والرواية وغيرها من الأعمال الأدبية.

وأجزم أن الدكتور المنيع قد درس الموضوع من جميع جوانبه، وأن في ذهنه الكثير مما ستضيفه هذه الندوة عن الشاعر، ولعل من أهمها البعد الثقافي والإعلامي والبحوث والدراسات عن شعره وأغراضه وتوثيق الروايات المكتوبة والشفهية وتصحيح بعض المفاهيم عن الشاعر وعصره وتتبع تاريخ بلدة القصب من خلال شعر وحياة هذا الشاعر، وأعتقد أن قوة الندوة وعمقها وأهميتها تأتي من قدرات المشاركين فيها وما يملكونه من رصيد علمي وثقافي وتاريخي وتراثي وإلمامهم بالشاعر وأهمية الندوة وتحقيق أهدافها، وفي مقدمة هؤلاء من تناولوه بالدراسة والتوثيق والجمع لشعره والبحث عنه في مظانه من المؤلفات القديمة المخطوطة والمطبوعة، وكذلك الحديثة والرواية الشفهية من أهل مدينة القصب وما جاورها وبخاصة كبار السن على الرغم من تأخُّر ذلك فقد انتقل إلى رحمة الله -إن شاء الله- كثير ممن يحفظون قصائد حميدان الشويعر أو بعضها.. ولكن كما يُقال ما لا يُدرك كله لا يُترك جله، ولعل في الموجودين من يعوّض فقدان الرواة الأوائل الذين كان لديهم الكثير.

وإنها لمسة وفاء من الدكتور لعلم من أعلام مدينته وجهد نأمل أن يرى النور قريباً وأن تتحقق الفائدة من الندوة وفق ما خطط لها.. والله أسأل أن يعين القائمين عليها لتحقيق أهدافها.

د. إبراهيم بن مقحم المقحم
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد