وتحدث الدكتور خوجة عن أسفاره ورحلاته في هذا العالم شعراً بعنوان: سندباد قال:
|
تهت في الإبحار يا قلبي طويلا |
وشراعي أخطأ الأفق الجميلا |
كلما ضج اشتياقي هزت الغر |
بة وجداني التياعاً وذهولا |
خبروها عن هوى مغترب كم |
بعثر العمر ضياعاً ورحيلا |
سندباد شط عن موطنه هل |
للصفا أرجو إلى عود سبيلا؟ |
كم تشردت سنيناً أرجعيني |
لحنان أرتوي منه قليلاً |
أنهليني رشفات من رضاب |
زمزماً يشفي غليلي سلسبيلا |
واحضني قلباً صغيراً عشقه أنت |
وربي ما أرتضى عشقاً بديلا |
اذكريني، وأنا طفل بريء |
أرتوي من نورك الهدي النبيلا |
آه يا عمري، غرامي في الحنايا |
راحل فيها معي عمراً طويلاً |
وخلال وجود الشاعر سفيراً لبلاده في موسكو وعمل فيها أربع سنوات من عام 1992-1996م نظم قصيدة قصيرة بعنوان: ليلة شتاء في موسكو هذا نصها:
|
الثلج يغمرني ليلاي فاقتربي |
روحي الفراشة قد تاقت إلى اللهب |
في البعد في القيد في الأشواق في قلقي |
نفسي الحبيسة قد حنت إلى السحب |
ليلاي والليل في موسكو بلا قمر |
والليل فيها بلا نجم ولا شهب |
ليلاي في الليل من إلاك يؤنسني |
في وحشة الكون والأشباح والتعب |
قد غاب طيفك عني في الدجى ردحاً |
يا من نأيت بلا عذر ولا سبب |
وعند انتهاء مهمته في المغرب العربي نظم قصيدة بعنوان: (وداعاً يا مغرب) قال فيها:
|
عينان، أم هي دعوة القدر؟ |
أم صيحة الأشواق بالخطر |
قودي مصيري للهوى سبل |
وأحبها في دربك العطر |
(أنت الذي بالحب يغرقنا |
الشاعر التواق للسفر)! |
(من أنت؟ قلت، فرد مبسمها |
رد من موطن الأمجاد والكبر) |
(مكناس أهلي من الود بهم |
والدار في أكدال للسمر) |
يا مرحباً يا ألف هلا |
بالموعد المكتوب في القدر! |
عانقتها فالعرق يجمعنا |
من أطيب الأعراق في الشجر |
أم القرى بلدي ولدت بها |
في مكة الخيرات للبشر |
من ها هنا ولدى الهدى وسرى |
بالنور للأمصار والحضر |
(وهنا المشاهد تستبين لنا |
ويحدث القرآن بالخبر) |
من مثل أحمد جاء يرشدنا |
بالحق والآيات والسور |
هذي هي الدنيا وزينتها |
في مضرب (الأرجان) والنهر |
دار الكرامة في العلى بسقت |
فوق الذرى والشمس والقمر |
واستوفت الأيام دورتها |
ما أقصر الأفراح في العمر |
وتحدث الشاعر والسفير عن زيارة للعاصمة الفرنسية باريس بقصيدة بعنوان: (لقاء في باريس) قال فيها:
|
ليلاتي إن الليل في عينيك قد ثملا |
رشف الطلا من قبله طابت وما سألا |
صهباء من شفة ومن عينين ترسلني |
شيطان من لهب وقديساً ومنذهلا |
طاب الهوى في حضنها حتى انتشى طربا |
وسقى بتحنان ليالي الوصل والأملا |
باريس في أعطافها خط الهوى قدر |
عرفت مفاتينه فما بخلت وما بخلا |
جئناك يا باريس عشاقاً على أمل |
قلبان قاضا بالهوى لم يعرفا مللا |
لما ارتحلنا في فضاء والكون فرقنا |
بعد المكان وإنما الوجدان ما ارتحلا |
ويكاد قلبي أن تذوبني صبابته |
ويذوب الدنيا معي عمداً وقد فعلا |
وفي قصيدة بعنوان (غربة) قال الشاعر:
|
هزك الشوق يا طريد المسار |
واستباك الحنين في الأشجار |
يا طليقاً في المشعب الحر يزهو |
زك الوجد عنوة في الاسار |
آهة الليل في ضلوعي نار |
وأنين الجوى صدى الأوتار |
قد ذرعت الزمان شرقاً وغرباً |
سندباداً قد ضاق بالاسفار |
أين، أين المصير والعمر يذوي |
وحنينتي الوحيد نحو دياري |
إيه يا مكة الهدى للبرايا |
وجذوري في روضك المعطاير |
واستطابت أطياف مكة تكريماً |
فهي داري وقبلتي وفخاري |
إيه يا كعبتي أطوف حواليك |
بروحي، صباً بعيد المزار |
كل شبر يا مكتي فيه رسم |
وحديث يمور كالانهار |
وعد الله: لن يرى نزيل |
أو منيب إلا بلا أوزار |
يا رفاقي: أرسلت روحي رسولاً |
فعساها قد بلغت الحباري |
وفي قصيدة أخرى من بيتين بعنوان: (اتيتك يا رب) قال:
|
اتيتك يا رب عطشان حباً |
لتشفي غليلي وتطفي حريقي |
ومن لي سواك يدل فؤادي |
ويهدي الشريد لنور الطريق؟! |
وفي قصيدة يخاطب فيها والدته بعنوان (أماه) قال:
|
أماه إني قد اتيت وفي يدي طفولتي |
وتركت خلفي كل أحلام الشباب |
وبحثت عن يدك النحيلة كي تعانق أوبتي |
ورأيتها ممدودة عبر السحاب |
وكأنها طوق النجاة لحيرتي |
وقفزت ألثمها... أعانقها |
فعانقني السراب! |
وهتكتُ أستار المدن |
ورحلت في أسرابها، وغزوتها |
لكني، أماه، لم أجد السكن |
وفي قصيدة بعنوان: (رحلة الشوق) قال فيها عن مدينة طيبة (مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم):
|
شدي اليك رواحلي |
فقد عزمت على المسير |
يا طيبة المجد الأثيل |
وغرة الشرف النضير |
ساقوا إليك محبتي |
وبقيت في قيدي حبر |
صلى عليك الله هل |
إلاك في الدنيا مجير |
صلى عليك الله، هل |
في الحشر غيرك من نصير |
روحي بباك يا رسول |
الله من حبي سفير |
حملت إليك توسلي |
بشفاعة عند القدير |
يا سيدي قلبي براه |
الوجد من خوف المصير |
إني نزلت بروضكم |
وسجدت للرب الغفور |
ورجوت أن تبقى نصيري |
عند معترك الأمور |
وفي قصيدة عن المسجد الحرام في مكة المكرمة بعنوان: (في حضرة النور) قال فيها:
|
يا لفتة الظبي تغويني إلى الحرم |
تحلو له فتنتي في الحل والحرم |
لعل حب رسول الله يشفع لي |
في النائبات ويحميني من الأمم |
فالله يعلم لم أشرك بوحدته |
والله يمحو بنور المصطفى ظلمي |
روحي فداه وقلبي فهو سيده |
يا من هواه سرى في خاطري ودمي |
نور أضاء نعم الكون بارقه |
والعابثون مضوا في لذة النعم |
يا سيد الكون دع روحي بتوبتها |
تطوف مرضية في روضك الضغم |
في حضرة النور تبقى الروح هائمة |
والله بالنور يهدي الخلق كلهم |
لا رب إلا إله واحد أحد |
لا عهد إلا على عهد من الشيم |
لما أنت رسل الرحمن خاشعة |
لغسل صدرك نبع الآي والحلم |
الفوك تهتف بالرحمن مجلبا |
فحضنوك ضحى من شهوة القرم |
حاربت بالحق من ضلوا ومن كفروا |
حتى استنار بدين الله كل تممي |
وولت الروم حيرى في وساوسها |
وعرش كسرى هوى من نكس منهزم |
يا اشرف الناس خلقا زانه خلق |
وأرحم الناس خصما عف كالحكم |
إن العظام إذا راضو عزائمهم |
فعفة النفس تغدو مبعث الهمم |
يا خاتم الأنبياء الرسل منعطفاً |
نحو الرفيع من الآكام والقمم |
أسرى بك الله تفضيلاً ومكرمة |
ليلا إلى المسجد الأقصى من الحرم |
واختتم الشاعر الدكتور خوجة ديوانه الجامع فصلاً هاماً من تاريخ أسفاره وتنقلاته في هذا العالم وكان بعنوان: (أسفار الرؤيا وضم هذا الفصل ثلاثة قصائد شعرية رائعة وكانت من أطول القصائد الحية وأخذت من صفحات الديوان (35) صفحة وكان أولها بعنوان: (سفر الأنا) وبدأها بقوله:
|
مت يا أنا... أو كف عني للأبد
|
|
|
|
|
لا تعطيني يدك المنى وعداً يقيدني
|
|
|
|
|
|
|
قلبي المركب من شياطين وطين
|
وعجينة ممزوجة بالنور واللهب المذاب
|
كيف التوازن في معادلة الحساب
|
والقصيدة الثانية بعنوان: (سفر المناجاة) بدأها بقوله:
|
يا رب إني طلسم ضيعت شفرته ولا أدري الجواب
|
يا رب إني قد تعبت وطال بي سفري على طرق الضباب
|
|
يا أيها البعوث للقلب اليباب
|
|
|
|
|
وحسوته دمعاً يمازجه اغتراب
|
جفت ينابيعي، وجافاني الصواب
|
ما زلت في دربي أسير إلى السراب
|
وأرى بني قومي على هامات تيه من ضلال
|
يتهالكون.. يهرولون.. بين اليمين إلى الشمال
|
|
|
مسراك في سوق النخاسة كالمتاع
|
وضميرنا المجروح لوح بالوداع
|
|
|
رباه كن للمستجير بك الدليل
|
|
|
|
والقصيدة الثالثة بعنوان: (سفر الخلاص) بدأها بقوله:
|
لو أنهم جاؤوك ما شدوا رحالهم إلى جهة الضياع
|
لو أنهم... ما تاه ربان لهم أو ضل في يم شراع
|
طير أبابيل على الكف المصمخ بالضحايا
|
في صلاة لم تصلك لأن فيها ما يهول من الخطايا
|
في خوار الروح حين تدكها خيل المنايا
|
أشلاء مجزرة على جثث السبايا
|
|
|
|
|
كم هتكت ليالينا عيون الغاصبين
|
وتناهشت دمنا حراب الروم ماجنة
|
|
هل جف الهواء ولم يعد يتنفس الشهداء
|
|
|
عن وجوه لم تكن إلا قناعاً
|
|
هب لي منك منأى عن غوايتها
|
|
أنت القريب إذا ابتعدت وما ابتعدت
|
وأنت مني نبضة القلب القريب
|
|
|
|
|
|
|
|