لعل الجدل لا يزال محتدماً بين أنصار الطب الحديث، والآخر البديل، فكل الفريقين يرى أن بضاعته هي الجديرة بالاهتمام، بل لم يعد الأمر مجرد خلاف علمي أو عملي، أو تباين في الرؤى، إنما بات على هيئة سباق محموم بين العلاج الكيميائي الذي يعرف بأنه شيء من السموم، وبين البديل المتمثل بالاستطبابات الشعبية، والعشبية العشوائية، سعياً من الجميع إلى بث روح الطمأنينة في قلوب المرضى المحتاجين دائما إلى مثل هذه الوصفات أيا كان نوعها أو مصدرها.
ومناسبة هذا القول: إن الأستاذ الدكتور جابر القحطاني الخبير في مجال العلاج بالأعشاب، والعالم المتخصص في العقاقير النباتية، بل هو رئيس مركز أبحاث النباتات الطبية والفطرية والسامة بجامعة الملك سعود بالرياض أنه قد صرح مؤخراً من خلال وسائل الإعلام باعتزامه إنشاء (حديقة نباتية) تحوي الكثير من الأعشاب والشجيرات التي تصلح أن تكون ذات أثر طبي.
إلا أن الوهلة الأولى لهذا الأمر قد لا تحمد عقباها، أي - ربما - بمجرد أن تنمو هذه الشجيرات والأعشاب ستُشدُّ الرحال إليها من كل مكان، فالعالم لدينا مهووس بمثل هذه الممارسات، وقد نذكر أن بئراً ماؤها كبريتي تحول بين يوم وليلة إلى مركز استشفائي كبير، لولا تدخل (الزراعة) و(البلديات) حينما طمرت البئر، وحتى الآن في كل يوم تهرع الوزارتان لردم ما قد يصبح خطراً على الناس، والأمثلة غير الماء الكبريتي كثيرة، كحليب التيس، وجبهة الذئب، و(عصعص) الضبع، وشحم الثعلب، وما إلا تلك النزوات المفرطة في سطحيتها.
ففي ظل قيام هذه الحديقة الطبية التي بشر بقيامها الخبير الدكتور جابر القحطاني قد يعتقد بعضهم أن زمن العلاج العصري ولى، ولا داعي للذهاب إلى الطبيب، أو الهرولة إلى الصيدلي، ليشخص أمامه بادعاء المهارة:- هذا يوجعني، وأحس، وأريد هذا أبو كرتون أخضر، أو الأحمر.. لا.. لا ذاك يمكن أزين، وقد يبلغ الجهل مبلغه حينما يظن أحد من هؤلاء أنه سيذهب إلى هذه (الحديقة الطبية) التي تحتوي العديد من الأعشاب فيعثو فيها أكلاً، وكأنه يتناول أوراق الخس، أو الجرجير، أو الجزر.
فالتوعية مطلب مهم، يؤكد الباحثون من خلالها أن هذه الأعشاب والنباتات لا يتم تناولها بالشكل التقليدي، إنما سيتم إعدادها بشكل علمي مدروس، وستخضع للتحاليل والتجارب المخبرية حتى تصبح صالحة للتناول كدواء لا يصرف إلا بوصفة طبية حقيقية.
hrbda2000@hotmail.com