Al Jazirah NewsPaper Friday  31/07/2009 G Issue 13455
الجمعة 09 شعبان 1430   العدد  13455
(اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان)
د. محمد بن عبدالله القناص

 

قد كثر السؤال عن صحة حديث: (كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ رَجَبٌ قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَبلغنا رَمَضَانَ)، وفي رواية: (وبارك لنا في رمضان)، وهو من الأحاديث المشتهرة عند عامة الناس، فأحببت في هذا المقال أن أبيِّن درجته ومن أخرجه، فالحديث أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند ح (2346)، والبزار في مسنده (616 كما في كشف الأستار)، وابن السُّني في عمل اليوم والليلة ح (658)، والطبراني في الأوسط (3939)، وفي الدعاء (911)، وأبو نعيم في الحلية (6-269)، والبيهقي في الشعب ح (3534)، وفي كتاب فضائل الأوقات ح (14)، والخطيب البغدادي في الموضح (2-473)، وابن عساكر في تاريخه (40-57)، من طريق زائدة بن أبي الرقاد عن زياد النميري عن أنس.

وهذا إسنادٌ ضعيف: زائدة بن أبي الرقاد: قال البخاري والنسائي: منكر الحديث، وقال أبو داود: لا أعرف خبره، وقال أبو حاتم: يحدث عن زياد النميري عن أنس أحاديث مرفوعة منكرة، ولا ندري منه أو من زياد، وقال الذهبي: ضعيف، وقال الحافظ ابن حجر: منكر الحديث .

وزياد بن عبد الله النميري البصري: قال ابن معين: ليس بشيء وضعفه أبو داود، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يخطئ، ثم ذكره في المجروحين، وقال: منكر الحديث يروي عن أنس أشياء لا تشبه حديث الثقات لا يجوز الاحتجاج به، وقال الذهبي: ضعيف، وقال الحافظ: ضعيف ، وقد تفرد زائدة بن أبي الرقاد بهذا الحديث عن زياد النميري، قال الطبراني في الأوسط: (لا يروى هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد، تفرد به زائدة بن أبي الرقاد)، وقال البيهقي: (تفرد به النميري وعنه زائدة بن أبي الرقاد، قال البخاري: زائدة بن أبي الرقاد عن زياد النميري منكر الحديث).

وقد أشار غير واحد من العلماء إلى ضعف إسناد هذا الحديث منهم: النووي في الأذكار ح (547)، وابن رجب في لطائف المعارف ص (143)، والهيثمي في المجمع (2-165)، والذهبي في الميزان (2-65)، وابن حجر في تبين العجب ح (38).

ويحسن الإشارة بمناسبة الكلام على هذا الحديث إلى أنه لم يثبت في فضل شهر رجب ولا في صيامه ولا قيام ليلة مخصوصة منه حديث صحيح، قال الحافظ ابن حجر: (لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيامه شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه (حديث صحيح) يصلح للحجة، وقد سبقني إلى الجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ، رويناه عنه بإسناد صحيح، وكذلك رويناه عن غيره)، وقال الحافظ ابن رجب: (فأما الصلاة فلم يصح في شهر رجب صلاة مخصوصة تختص به، والأحاديث المروية في فضل صلاة الرغائب في أول ليلة جمعة من شهر رجب كذب وباطل لا تصح، وهذه الصلاة بدعة عند جمهور العلماء، وممن ذكر ذلك من العلماء المتأخرين من الحفاظ: أبو إسماعيل الأنصاري، وأبو بكر بن السمعاني، وأبو الفضل بن ناصر، وأبو الفرج بن الجوزي، وغيرهم، وإنما لم يذكرها المتقدمون لأنها أحدثت بعدهم، وأول ما ظهرت بعد الأربعمائة؛ فلذلك لم يعرفها المتقدمون ولم يتكلموا فيها، وأما الصيام فلم يصح في فضل رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه.... وقد روي أنه كان في شهر رجب حوادث عظمية، ولم يصح شيء من ذلك، فروى أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد في أول ليلة منه، وأنه بعث في السابع والعشرين منه، وقيل في الخامس والعشرين ولا يصح شيء من ذلك، وروي بإسناد لا يصح عن القاسم بن محمد أن الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم كان في سابع وعشرين من رجب.

* الأستاذ المشارك بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة القصيم



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد