Al Jazirah NewsPaper Friday  31/07/2009 G Issue 13455
الجمعة 09 شعبان 1430   العدد  13455
د. عبدالرحمن اللويحق لـ(الجزيرة):
دوائر إعلامية تملك إمكانات ضخمة وراء تشويه صورة الإسلام عالمياً

 

الرياض - خاص ب(الجزيرة):

أكد فضيلة الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق - الأستاذ المشارك بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أنه لا أحد ينكر أن الحضارة الإسلامية أسهمت إسهاماً كبيراً في تاريخ البشرية، ولكنها تعيش الآن في العصر الحالي عالة على غيرها في الجانب المادي.

وتساءل د. اللويحق: ماذا لو امتنعوا صناع الحضارة اليوم عن إمدادنا بمتطلبات حياتنا، كيف سيكون حالنا؟ مشيراً إلى الخطط التي تستهدف المجتمعات الإسلامية، وقال: هم يستهدفون قيمنا وديننا وثقافتنا، ولابد أن نواجه هذا الاستهداف.. جاء ذلك في حوار مع د. عبدالرحمن بن معلا اللويحق، وفيما يلي نصه:

* في ظل المحاولات لفرض الثقافات والصراعات الآن، هل تعتقد أن قيم الحضارة الإسلامية قادرة على الوصول إلى الغرب، والتأثير فيه؟

- إن وصول القيم منوط بمن يوصلها، وبمن يحملها، هذا أولاً، ثانياً التأثير منوط بذات القيم من جهة، وبمن يحمل هذه القيم من حيث تأثره بها.

فهل نحن كمسلمين نحمل قيم الإسلام ونحتويها سلوكاً وعملاً؟! إن الإسلام يأمر بالعدل والشورى في نظام الحكم - مثلاً - فهل هذا موجود في كثير من بلاد المسلمين.

الإسلام يأمر بالصدق وينهى عن الكذب والغش، يأمر بالأمانة والوفاء بالعهد إلى جانب منظومة متكاملة من الأخلاق الرفيعة، فهل المجتمعات المسلمة تحمل هذه القيم؟!.

نعم كأفراد أو مجتمعات صغيرة ضمن المجتمع الإسلامي كأمة ذلك لكن قيم الأمة يجب أن تكون هي السمة العامة لها.

نحن مستهدفون الآن من الداخل والخارج، فالأجدى والأحرى والمنطق يدفع بهذا الاتجاه ألا وهو الاعتناء بنشر القيم داخل أمتنا فالحفاظ على رأس المال أهم من البحث عن الربح.

لكن من حيث التنظير - وما أكثر تنظيرنا - لا أشك بأن القيم الإسلامية قادرة على الوصول إلى قلوب كل البشر غربيين كانوا أم شرقيين.

إن الآخر لن يهتم بقيمنا لما يجدنا ننشرها، ونحن أول من قصّر في العمل بها، فلسان الحال سيقول عالج نفسك بدوائك ثم ابحث له عمن يستخدمه.

* هل العالم الإسلامي في حاجة لتحسين صورته في الغرب، أم لإيصال صورته الحقيقية التي أطرها القرآن والسنة؟.

- القول بأن صورة الإسلام مشوهة قول فيه شيء من الصحة، فعملية التشويه عملية منظمة تقودها دوائر إعلامية ذات إمكانات كبيرة، وهي عملية ممتدة في القدم منذ فجر الرسالة فاتهام النبي صلى الله عليه وسلم بالجنون أو السحر والشعوذة هي ضمن هذا السياق، ونشر تلك الصور الكريهة أيضاً ضمن هذا السياق، وتصريح رأس الكنيسة الغربية بأن الإسلام دين عنف وقتل أيضاً ضمن هذا السياق، واستحضار الحروب الصليبية عندما يكون الحديث عن الإسلام أيضاً ضمن هذا السياق.

هناك خوف هائل من الإسلام، علينا أن نعلم بأن دوائر القرار تخشى الإسلام لذلك تعمل جاهدة على تشويهه بكل الوسائل.

ومما ساعد على ذلك أفراد من أمتنا الذين بأفعالهم المنكرة جيشوا العالم كله ضد الإسلام، فكم من مراكز دعوية أغلقت، وكم من جمعيات إسلامية منعت إلى جانب كثير من الضرر الذي لحق بالمسلمين في مجالات شتى.

إننا نحتاج إلى استراتيجة منظمة تتكاتف فيها الجهود والعقول للخروج بتصورات وخطوات لمحو تلك الصورة التي لحقت بنا.

والعمل لا بد أن يكون ضمن اتجاهين كما أحسب داخلي وهو الأهم، وخارجي.

فكما أسلفت في الجواب على السؤال الأول، إننا نحتاج إلى دعوة تستهدف أمتنا أولاً فتعيد إليها بريقها لا أقول الحضاري ككل، لكن على الصعيد الأخلاقي على الأقل، إننا نسمع قصص عمن أسلم كيف تأثر بنظام الأخلاق في الإسلام مما دفعه إلى اعتناق هذا الدين العظيم، ولا ننسى عبارة ذات دلالة خرجت منهم تقول: ( الحمد لله الذي وفقنا إلى معرفة الإسلام من خلال الكتب، لا من خلال المسلمين ).

* بعض الأصوات الغربية تتطاول على الأديان بدعوى حرية التعبير، فما تقييمك لنظرة الغرب لهذه الحرية؟

- الغرب في قيمه: الحرية تعني إباحة كل شيء، فلا مقدسات لديه سواء كانت إلهية أو بشرية. وكل ذلك بني في منظومته الثقافية إبان الصراع مع الكنسية التي حاربت العلم والفكر ورجاله، فهذا الصدام بين المفكرين والكنيسة وما أدى إليه من انهيار الكنيسة وما تبعه من فقدانها الهيبة، فتح الباب أمام المفكرين في انتقادهم لكل شيء.

ولعل ذلك كان بقصد الانتقام من رجال الدين الذين وقفوا ومارسوا كل أنواع القهر بل التعذيب والقتل بحق كل من عارض تعاليمها بحجة أنها هرطقة وإن كان العلم يؤكد عليها، فكان الفصام بين العقل والدين.

وبعد تحرر العقل من آصار الدين وبزوغ فجر الحضارة الغربية كان ذلك دليلاً على أن الدين المحرف إنما كان حجر عثرة في نهوضهم.

لكن استصحاب هذه الفكرة أي: نقد المقدس إلى ديننا مرفوض تماماً؛ لأن الواقع التاريخي يدل على العكس، فالحضارة الإسلامية انكمشت حين حورب الدين ومنع وصودر عن العمل.

* بعض المتشدقين يقولون:( إن أمة الإسلام خرجت من عباءة التاريخ، ولم تعد من صناع الحضارة الإنسانية ) فما قولكم؟

- الحضارة الإنسانية هي نتاج العقل البشري ككل، فهي سلسلة مترابطة بعضها ببعض تأخذ وتعطي، وإسهام الأمة المسلمة للحضارة الإنسانية أمر لا ينكره أحد، لكني أجد أن الحضارة قسمين مادية، ومعنوية.

في الجانب المادي: لا يشك أحد بأننا كأمة عالة على غيرنا في العصر الحديث، ولك أن تتصور ما حالنا لو أن الغرب أو الشرق - الصين وجاراتها - امتنعوا عن مدّنا بمتطلباتنا الحياتية المادية كيف سيكون حالنا؟ وإن كان هناك إصرار فما رأيكم أن نحاول ولو ليوم واحد أن لا نستخدم إلا ما أنتج محلياً بالكامل، ونتنازل فنسمح باستعمال ما ختم ب (منتج وطني) ولا تغرك هذه العبارة؛ لأن المنتج المستخدم مصنوع بأدوات غربية، وربما بأيدي غير مسلمة.

أما الجانب المعنوي: فهو أمر يحتاج إلى نقاش، والجواب ينسحب إلى السؤال الأول، فهل نحن كأمة - الآن - نمارس الجانب الحضاري الإسلامي كما يجب؟ أظن السؤال هو: كيف تعود الأمة إلى مجال التأثير الحضاري الفعال المشارك؟




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد