اعذروني أيها القراء:
إن قرأتم مقالتي بالفصحى تارة! وباللهجة العامية تارة! وبلهجات الآخرين تارة أخرى! لعلكم تفهمون السبب وتريحوني من إبراز العذر...
استيقظت الساعة العاشرة صباحاً ذات يوم، في الفكر عدة أمور كالعادة، أعد غداء العائلة، أنتظر عودة الابناء من المدرسة، يتردد على فكري هل اليوم بساعاته كافي بكل ما لدي من التزامات نحو أسرتي ونحو واجباتي الشخصية والعلمية، المهم وفي خضم هذه الأفكار المتتالية إذ بي أفاجأ بالهدوء الذي يخيم على البيت في هذا اليوم بالذات.
(فليس بالعادة يا سعادة)
أين الخادمة؟! أين دوي المكنسة؟! أين صوت الباب الذي يفتح ويقفل بطريقة مفجعة! الخادمة هربت.
والغريب ليس هروبها..!! بل الغريب الرسالة التي تركتها - تودعنا فيها - ذكرتني بالأفلام العربية ورومانسيتها.
يا ترى ماذا في الرسالة؟!
كلمات كتبت بالأحرف الأعجمية وتنطق بالعربية - شيء حلو - أراحتنا من الترجمة...!! لكن سأترجمها لكم.
المكتوب في الرسالة -
ماما آسيف انا هبي انت hopy inti بهالطريقة كتبتها ونقول ليش لغة أبنائنا اعوجت... انا هبي بزوره كله كويس. بس كلاص انا يبغى سفر ما يبقى يجلس اتنين سنه. انا الهين روح سفاره انا.
والعجيب انها لم تذهب إلى سفارتها إلا بعد خمسة أيام لأنها أخذت تتجول في ربوع المدينة. وتشتري أحسن الماركات (آمان ولله الحمد والمنّة).
يأتينا الاتصال بعد البلاغ بخمسة أيام لنجدها في مكان الإقامة الجبرية بكامل القوة والزينة. الذي حيرني إلى الآن أنها طيلة إقامتها مدة سنة وشهرين وهي تشتكي من داء الربو. وكلفتنا الكثير علاجه لارتفاع أسعار أدويته.. نسأل الله الأجر والعوض.. وفجأة أصبحت لا تشتكي من شيء حتى موعد سفرها طيلة إقامتها الجبرية.. بل تركت كل أدويتها لدينا قبل أن تهرب! أتظنون أنها أبدعت في التمثيل أم كشفت لنا مهارة الأطباء في التشخيص!.
المهم سافرت الخادمة واسترجعنا الله في كل أتعابنا المادية والنفسية وبدأنا من جديد ندور في وسط المدينة عن خادمة مؤقتة حتى تأتي الدائمة بقصص جديدة - والله المستعان.
وليتك تدري بشروط الخادمة المحلية (والله أعلم بالإقامة والحال).
وجدنا الخادمة الأخرى وعشنا لهجة جديدة لكن أكثر فصاحة من الآسيوية (ما دام أنا راتبي 1500 وفي رمضان 1800 بالضمة طبعاً! بزوره ما اهب، بيت كبير ما اهب، طبخ ما اطبخ، توديني كل اسبوع اتونس جماآتي! وما تدقي علي، أنا ارجع الوقت اللي يناسبني.)
يا ترى هل هذا التشرط سببه قلة الرقابة والنظام خارج المنزل أم داخل المنزل أم الاثنان معاً حتى أصبحت العمالة تتشرط بكل مهزلة وسخرية من المواطن....!! أظنه أننا افراطنا في الاتكالية والكسل.
وآه إلى أن وافقت بالعمل لدينا وارسلنا الأطفال للجيران بعض الوقت عندما وصلت حتى تألفنا وتقبل (ببزورتنا)!
ويا ليتها رضت مثل ما خضعنا لشروطها - يا حسرة - يا ويلنا لو زودوها (البزوره) وزاد صوتهم ولعبهم - فوراً حزمت أمتعتها شامخة لا تلتفت لأحد لا هرب ولا غيره (قدام عينيك) صارخة بصوتها: (مدام.. اديني حقي.. أنا ما اهب الازعاج حاروح بيتي ارتاح وبعدين ادور على شغل تاني. ما تعرفي يا مدام بيت فيه شغالتين أو تلاتة اروح اتونس معاهن!) حقيقة قالتها بدون ادنى احساس بالخجل - يا ترى من السبب؟!
وداد القرني