أقيم قبل فترة مضت في قاعة مركز الأمير فيصل بن فهد للفنون التشكيلية بمعهد العاصمة النموذجي بالرياض المعرض الأول لمقررات الرسم والتصوير (لوحتي) الذي كما تقول رئيسة قسم التربية الفنية بكلية الاقتصاد المنزلي والتربية الفنية بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الدكتورة مريم محمد العمري أنه يسعى كغيره من معارض الفنون التشكيلية إلى تحقيق التواصل مع المجتمع وتفاعله مع الفن لترتقي ذائقة المتلقي البسيط.. مثل هذا التوجه لهذا المعرض أو غيره هو ما كنا ولا نزال ندعو إليه ونسعى إلى تحقيقه وبلا شك فإن مثل هذه الفعاليات الجمالية هي المسار الأمثل إلى فتح نوافذ ومسارات مع المتلقي أياً كان وليس البسيط فقط كما تقول الدكتورة مريم مع احترامي.. وإن كان المتلقي البسيط يمثل الشريحة الأكبر في المجتمع والوصول إليه هو الوصول إلى المجتمع برمته وبالتالي الوصول إلى تحقيق الأهداف المثلى لهذه المعارض وهو نمو الذائقة الجمالية وتأصيلها في نفوس ووجدان المتلقين خصوصاً النشء وطلاب المدارس وغيرهم.. ومن هنا فإن مثل هذا التواصل ما بين هذه المعارض والمتلقي هو المعادلة الأهم التي نعمل معاً ومن خلال كل السبل على تحقيقها والحرص على تناميها.. وحيث إن محور الحديث عن التواصل فإنه ومن خلال اطلاعي على الأعمال المعروضة في المعرض المذكور وجدت في أعمال الغالبية من الطالبات مؤشرات فنية وتقنية جميلة بل إن معضمها يعطي مؤشراً لقدوم أسماء جديدة سوف يكون لها بإذن الله شأن في مستقبل الحركة التشكيلية.. والمعرض بشكل عام جاء يحمل الكثير من الدلالات والمؤشرات لقدوم أسماء تشكيلية جديدة سوف يكون لها حضور مميز متى ما تواصلت مع أدواتها ووسائطها المختلفة ومتى ما سعت أيضاً إلى الاستفادة من كل المعطيات الجديدة في هذا العالم الجمالي المسكون بالمتعة والدهشة البصرية..
تقودني حكاية (التواصل) أيضاً إلى التساؤل وبمرارة عن سر غياب عدد كبير من الطلاب والطالبات المبدعين أثناء الدراسة من الذين لهم حضور جيد وجميل خلال معارض أقسام التربية الفنية السنوية والملاحظ أن الغالبية الكبيرة منهم ينقطع ويغيب تماماً بعد التخرج والدخول في معمعة الحياة العملية، إنني أتساءل أيضاً عن هذا الغياب وانعدام التواصل فكما أسلفت يلاحظ وبشكل دائم ومستمر حضور أسماء وتوهجها وفاعليتها في المعارض الطلابية إلا أن هذه الأسماء سرعان ما تختفي بعد التخرج ومغادرة فصول الدراسة!! وكان حرياً بهؤلاء المبدعين أن يتواصلوا مع مواهبهم وقدراتهم الفنية وأن يعملوا بعد تخرجهم على مواصلة العطاء والتواصل مع كل الفعاليات الفنية وأن يستفيدوا من كل التجارب والخبرات وكل المعطيات الفنية والتقنية أياً كانت.. وكنت أتمنى من أقسام التربية الفنية في الجامعات أن تسعى إلى إيجاد حلقات تواصل مع الخريجين (أبناء الجامعة) من خلال دعوتهم للمشاركة في معارض سنوية تحت مسمى (معرض الخريجين القدامى) أو أي مسمى آخر يتوافق مع الهدف والفكرة.
خلاصة القول إن (التواصل) في مجال الفن التشكيلي هو المطلب فالتواصل ما بين المعارض والمتلقي وما بين الطالب وموهبته بعد التخرج هو أمر هام أيضاً، فالتواصل أحبتي (مربط الفرس)!!