رأى (نادي الشرقية الأدبي) إلغاء المداخلات في الأمسية الشعرية التي أقامها للشاعرين: عبد الوهاب الفارس، وعبد الوهاب العريض. وحجة النادي في رؤيته تلك (حتى لا تنحى منحى مغايراً فيفقد الشعر متعته). وقد نفذ النادي رؤيته.
العلة اتضحت، بيد أني أرى أن يؤخذ بذلك الرأي أو تلك الرؤى في جميع الأمسيات الشعرية، والقصصية أو ما شابه. لماذا؟
لأن النقد منهج وعلم ودراية وأسلوب وصياغة، وليس عملاً مبتذلاً يؤتى به تطفلاً، أو سلعة يستهلكها من شاء بأسلوب فج، عشوائي سيده الادعاء، ادعاء المعرفة بالنقد وما هو بناقدٍ في الأصل.
رؤية نادي الشرقية الأدبي أوثقها وأيدها بأمسيتي التي أقمتها يوم الاثنين 27 رجب بدعوة من (نادي مكة الثقافي الأدبي). الأمسية كانت جميلة بجمال المسؤولات عن اللجنة النسائية أو العضوات ومن قمن عليها، حيث تكفلت (الناقدة: أسماء الزهراني) بالقراءة النقدية للنصوص القصصية التي ألقيت من قِبلي أو من قِبل المشاركة معي (القاصة: خديجة الصاعدي). ثم كانت هناك مداخلات من الحاضرات مكتوبة تقريباً، سمة المداخلات الاتزان والوعي مما أثبت لنا أن نساء الغربية متذوقات بدرجة جميلة وراقية جداً، قادرات على قراءة النص بعدة صور من منطلق نظرتهن وفهمهن للنص بما يتفق ونفسيتهن أو درايتهن بالسرد.
حينما ندعو أن تخلو الأمسيات من المداخلات الجانبية لا يعني الرفض المطلق، ولكن أن يتم ترتيبها وتنظيمها بحيث تخرج بملامح أكثر بهاءً. والشعر بالذات جماله وبهاؤه يتضح أو يسمو مع فن الإنصات وملكة الإنصات المتعمق الذكي المدرك لأبعاد النص أو رموزه. ثم بعد الانتهاء من إلقاء القصائد في جو هادئ كان المتسيد فيه الشعر والإنصات للشعر، بعد ذلك من الممكن أن يحضر ناقد مدرك أو متخصص كي يقدم ورقته النقدية، وحبذا لو كان له اطلاع وقراءة مسبقة للقصائد قبل موعد الأمسية كي يجهز ورقته النقدية. أما المداخلات لو أتت مكتوبة أفضل منها منطوقة فلا تعم الفوضى وتسوّد العشوائية فيها، وتتدخل الأهواء أو العلاقات، وربما تصفية الحسابات التي يستغل بعض الطفيليين فرصتها ويخصص مداخلته لتصفية الحسابات.
يعيب المداخلات في الأمسيات الشعرية أو القصصية ضعف الصياغة أو عشوائية الإلقاء. وربما لو راجعت الأندية الأدبية الأمسيات التي أقامتها خلال فترة زمنية مضت، وجدت أن الفوضى تتسيّد على الدوام.. وتدلل عليها التغطيات الصحفية الفوضوية أيضاً، لغياب الناطق الرسمي!! والأدب أرفع من أن يكون عرضة للفوضى أو العشوائية وتصفية الحسابات أو التصيّد. الأدب ما كتب إلا لكي يقرأ تذوقاً، ونقدا،ً ودراسة، وبحثاً وتأريخاً. وما من أدب كتب إلا وكان له أثر من وجه أو من آخر، بطريقة أو بأخرى. لذا من الخطأ قتل النص. والمداخلات أحيانا تمارس قتل النص بضراوة، بعشوائية طرحها، وبرفضها للنص لأنه لم يلامس شيئا لدى المداخل.
المداخلات كثيراً ما تجافي المنطق وإن اعتبرها بعضهم حرفاً من حروف النقد، في حين أن النقد يعتمد على فحص المؤلفات والمؤلفين لتوضيحهم وشرحهم وتقديرهم ويبقى النقد المكتوب أكثر منهجية حين لا يتحول إلى هجاء شخصي، أو إدانة بهدف الإدانة!!
ص. ب 10919 - الدمام 31443