هل في نظام مجلس الشورى ما يعيقه لأن يكون مجلسا مراقبا ومبادرا في اقتراح الأنظمة والتنظيمات للمؤسسات في القطاعين العام والخاص؟ هنالك ملفات وطنية في مؤسسات حكومية منوط بها مسائل:
الصحة والإسكان والتعليم والنقل والسلامة والبيئة والطاقة وغيرها.
ألا يكون لمجلس الشورى دور المبادرة والمراقبة والمحاسبة وسن الأنظمة والتشريعات الإدارية.
ما حصل للشابة التي غرقت في البحر الأحمر في مدينة جدة وقبالة شاطئ عام لا تتوافر فيه شروط السلامة العامة، ومنها عدم وجود مراقبة لمن يزاولون السباحة الذين قد يتعرضون للغرق. من المسؤول هنا: البلدية، الدفاع المدني، خفر السواحل، الشرطة، الأرصاد وحماية البيئة؟ هنالك جهات تعمل في خطوط متوازية، غير متلاقية. لابد أن تتوافر في الشواطئ العامة الحدود الدنيا من أصول السلامة والأمن البيئي. هل يزاول الناس السباحة في أماكن عامة ملوثة مياهها؟ ويأتي التلوث من مصادر الصرف الصحي أو من المخلفات الصناعية وغيرها. من يجب أن يتعامل مع هذه القضايا غير مجلس الشورى (تنظيما ومراقبة ومساءلة).
أتصور أن المجلس يكون حلقة الوصل بين (جهات بيروقراطية بطبيعتها) في الدولة. أما الجهات فكل جهة تلقي باللائمة على الأخرى. بعد حادث غرق الفتاة، يصرح أحد مسؤولي الأمن بأن على الناس الاهتمام بأطفالهم، لم يعلم أن الغريقة لم تكن طفلة بل شابة في مقتبل عمرها، ولم يدرك المسؤول أن حماية المجتمع تقع على كاهل الدولة، حماية من الأضرار والأخطار بكل أنواعها، أما من يقوم بهذه المسؤولية فلا بد من أن تشرع الأنظمة لذلك ومن ثم تفعل ومن ثم يحاسب ويساءل المقصر.
في مجال هندسة الطرق ما تقوم به وزارة النقل، ممثلة في إدارة الطرق، من تصميم تحويلات وجسور في مدينة الرياض فشيء لم أره في أي بلد، ولربما لم يره المسؤولون أنفسهم في أي بلد غربي ولا شرقي. من يراقب إدارة النقل في وزارة النقل ويتأكد من أن ما تقوم به الإدارة ومهندسوها، من وسائل لامتصاص كثافة الحركة المرورية عند بعض التقاطعات، معمول به في الدول المتقدمة؟ وهل إدارة الطرق تنسق مع المسؤولين عن الإدارة العامة للمرور ومع الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض فيما تقوم به من ابتكارات وتجارب؟ وهل يتبع في ذلك معايير عالمية؟ الذي ألاحظه هنا لا يتفق مع ما ألاحظه، ويلاحظه غيري، في مدن أوروبية أو آسيوية أو أمريكية، لن آتي بأمثلة على ما يجري عمله في تقاطعات بين شوارع وطرق في شمال مدينة الرياض، فهي معروفة، ولكني أتساءل عن الإجراءات المتبعة والمعايير المعتمدة ومسألة التنسيق مع الجهات ذات العلاقة؟
الشاهد هنا، مرة أخرى، أن مجلس الشورى، إما بسبب نظامه أو إجراءاته، لا يبادر في مسألة التشريع والتنظيم والمراقبة والمساءلة والتنسيق بين الجهات العاملة في القطاعين العام والخاص. والمعلوم أن الوضع في جهات تتمثل فيه جوانب من الاستقلالية في اتخاذ القرار، بل وأحيانا اللا مسؤولية. المحاسبة صعبة في حالة عدم تحديد المسؤولية، والملاحظ أنه عندما تحدث مشكلة، أو كارثة، تتبين الجهات ذات العلاقة. ففي حالة الشابة الغريقة في ساحل مدينة جده، تبين أن هناك جهات متعددة مسؤولة: البلدية، الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، خفر السواحل، الشرطة، وهل يضاف إلى ذلك جمعية حقوق الإنسان؟!
وفي مجال الإسكان، هل لدينا (سياسة وطنية للإسكان)؟ أو للسكان؟ ومن الجهة أو الجهات المنوط بها الشأن الإسكاني في الوقت الحاضر؟ بعض الجمعيات الخيرية تقوم بمشروعات إسكانية، ولكن من يشرع لها ومن يراقبها ومن يحاسبها في هذا الشأن؟ بلدنا بلد الخير والمشروعات، ولكن نحتاج إلى تنظيم قضايا هذا الوطن في مجالات شتى، كما ذكرت آنفا: الصحة والإسكان والتعليم والنقل والسلامة والبيئة والطاقة وغيرها.