مؤشر الأسهم السعودية أحد أغرب مؤشرات الأسواق المالية، يتحكم في نفسيات ومدخرات المواطنين دون استثناء، وتتحكم فيه مجموعة محدودة من المستثمرين. يُستخدم في بعض الأحيان لإحداث التأثيرات الجانبية غير المرتبطة بعمليات التداول، فينخفض دون مبرر، ويُرفَع دون سبب! يتأثر بأحداث لبنان أكثر من تأثره بالمتغيرات الداخلية، وينكمش لأسباب سياسية خارجية ولا ينتعش للأخبار الوطنية المتميزة؛ بات أكثر تفاعلا مع مآسي شعوب العالم من مؤشرات أسواقهم المالية.
تُحاك حوله القصص، وتُستخرج منه الروايات المؤلمة. لا تحتاج إلى متابعة حركته اليومية؛ فحركته يمكن أن تُرى في وجوه المواطنين، أطفالاً، ونساءً ورجالاً. اخضراره يشيع البهجة بين الناس، ويُضيء وجوه حسناوات المحطات الفضائية نوراً. يلبسن له ما يُغريه، ويُحَرك أعماقه، وما يُساعِدهُ على الحركة وتتبع الألوان الزاهية؛ فالألوان الخضراء ليومه السعيد، والحمراء ليومه التعيس الدامي، والسوداء ليوم مأتمه، وما أكثرها. يتقمصن الدور فَيَشعُرن بانتمائهن لمجتمعه الواسع، يَسوؤهُن ما يسوء أفراده، ويُفرحهن ما يُفرحهم، فتتحول الكلمات المحايدة إلى انتماء؛ فلا عجب أن يسمع المشاهد: (خسرنا اليوم 100 نقطة، أو كسبنا 150 نقطة). عندما بكت (بيكي أنديرسون) مذيعة محطة CNN وهي تعلق على تقرير مصور لموت الأميرة دايانا، وُجهت لها بعض الانتقادات لخلطها بين الرسالة الإعلامية ومشاعرها الخاصة، تُرى من يستطيع الفصل بين مشاعره وما يحدث حوله من أفراح وأتراح؟
لم يخطئ الفنان (هاجد) في تشبيه مؤشر سوق الأسهم السعودية بالطائرة الحربية محطمة الجناحين. ونحن في القرن الواحد والعشرين وجد المبدع (هاجد) أن إحدى طائرات الحرب العالمية الأولى هي الأقرب ل(مؤشر أسهمنا) كما أطلق عليه في رسمه الكاريكاتوري بجريدة (الجزيرة). بالفعل يبدو أن مؤشر سوق الأسهم السعودية بات محطم الجناحين، وقد أعاده الزمن إلى العصور الماضية. بحثت عن مروحة محرك الطائرة الحربية في الرسم الكاريكاتوري فلم أجدها، وكذلك الطيار فأيقنت أن المؤشر قد جُرد من محركاته، فَتُرِك لتداولات الهواة. تمنيت لو أن الزميل (هاجد) رسم بعض الأطفال وهم يعبثون بأجنحة الطائرة المحطمة لتكتمل الصورة الكاريكاتورية المُضحكة المُبكية.
ستبقى سوق الأسهم السعودية من أغرب الأسواق المالية على الإطلاق، وأكثرها عبثاً في الاقتصاد الوطني، وضبابية، ومع كل هذا السوء، لم تعجز يوما عن إيجاد ضحاياها الذين تسابقوا عليها مقبلين كتسابق ذكور النحل على ملكتهم المتوجه مقابل نشوة عابرة تقودهم إلى الهلاك.
****
F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM