الجزيرة - الرياض:
دعا مستشار هيئة سوق المال السابق إبراهيم الناصري إلى إنشاء صندوق أمانات للمستثمرين تُودع فيه الشركات المُدرجة أرباح المساهمين التي مضى على عدم تسليمها لأصحابها فترة محددة (ستة أشهر مثلاً)، ويشمل ذلك أية حقوق أخرى لم يستلمها أصحابها مثل رسملة الاحتياطات ومتحصلات بيع الأسهم التي لم يدفع مالكها القسط الذي تطلبه الشركة من رأس المال وفوائض الاكتتابات وحقوق الأولوية ونحو ذلك، وتكون مهمة الصندوق البحث عن أصحاب الأموال بشتى الطرق وتسليمها لهم. وقال الناصري: لو كان لدينا صندوق أمانات مستثمرين لما حدثت مأساة شركة بيشة؛ لأن أموال المساهمين المترتبة على بيع أسهمهم في المزاد ستودع في الصندوق بدلاً من تركها تحت رحمة الشركة، التي استثمرتها في السوق فغرقت في الخسائر؛ ما تسبب في تعليق تداول أسهمها. وأضاف الناصري: هيئة السوق المالية هي الجهة المعنية بإنشاء هذا الصندوق الحيوي انطلاقاً من مسؤوليتها تجاه المستثمرين في السوق وتوفير الحماية اللازمة لهم. وتابع الناصري: من مسوغات تأسيسه حفظ الحقوق من الضياع وإيكال البحث عنها إلى جهة محايدة؛ لأن بعض الشركات لا تبذل الجهد اللازم لإيصال الحقوق إلى أصحابها، ولاسيما أنها هي المستفيد من تلك الأموال وتستثمرها لصالحها. وفيما يأتي نص ردود الناصري على أسئلة القراء:
* قرأت في إحدى الصحف إعلاناً من شركة مساهمة يطلب من المساهمين الذين لهم أرباح عند الشركة التقدم لاستلامها. فهل يوجب نظام السوق المالية على الشركات إصدار إعلانات من هذا النوع؟ علماً بأنها المرة الأولى التي أشاهد فيها مثل هذا الإعلان.
محمد الغامدي - الدمام
- ربما يقصد السائل الإعلان المنشور من شركة أسمنت العربية في موقع (تداول) الذي تضمن دعوة الشركة للمساهمين الذين لهم أرباح متراكمة من أعوام سابقة للتقدم باستلامها، وورد في الإعلان أن الشركة نشرت قوائم بأسمائهم في الصحف وعلى موقعها الإلكتروني. ولا يوجد في نظام السوق المالية أو لوائحه التنفيذية ما يلزم الشركات بنشر مثل هذا الإعلان. وهذه مبادرة من الشركة تستحق عليها الثناء والإشادة؛ فالشركات القديمة على وجه الخصوص يوجد لديها مبالغ عبارة عن أرباح غير مستلمة، وفي الغالب تكون لمساهمين متوفين أو كبار في السن أو مرضى أو لا يعلمون شيئاً عن صرف الأرباح، في حين أنها تُعد أمانة لدى الشركة ومن واجب مسؤوليها إبراءً لذمتهم اتخاذ كل الوسائل الممكنة للبحث عن أصحابها ودفعها لهم. أما الشركات الحديثة فإن التعليمات توجب أن يكون لكل مساهم فيها حساب مصرفي مرتبط بحسابه الاستثماري، وبالتالي تُحول الشركة الأرباح إلى تلك الحسابات بصورة تلقائية. ولكن قد تستجد ظروف تمنع تحويل هذه الأرباح مثل عدم تحديث المساهم المعلومات المطلوبة لاستمرار الحساب المصرفي نشطاً، ولاسيما أن ثلث مساهمي تلك الشركات من المكتتبين، ومنهم من فتحوا الحسابات الاستثمارية والمصرفية لغرض الاكتتاب فقط؛ الأمر الذي يعني استمرار مشكلة الأرباح غير المستلمة حتى مع وجود هذه التعليمات. وتُعد هيئة السوق المالية الجهة المعنية بتنظيم هذا الموضوع الحيوي انطلاقاً من مسؤوليتها عن حماية المستثمرين في السوق. ومن التجارب العالمية الرائدة للتعامل مع هذا الموضوع ما يُعرف بصندوق أمانات المستثمرين، وتقوم فكرته على أساس تأسيس صندوق برعاية وإشراف هيئة السوق المالية تُودع فيه الشركات المُدرجة أية أرباح مضى على عدم تسليمها لأصحابها فترة محددة (ستة أشهر مثلاً). ويشمل ذلك أية حقوق أخرى للمساهمين لم يستلمها أصحابها مثل رسملة الاحتياطات ومتحصلات بيع الأسهم التي لم يدفع مالكها القسط الذي تطلبه الشركة من رأس المال وفوائض الاكتتابات وحقوق الأولوية ونحو ذلك. وتكون مهمة الصندوق البحث عن أصحاب الأموال بشتى الطرق وتسليمها لهم. ومن الدول التي طبقته بكفاءة سلطنة عمان. ومن مسوغات تأسيسه حفظ الحقوق من الضياع وإيكال البحث عنها إلى جهة محايدة؛ لأن بعض الشركات قد لا تبذل الجهد اللازم لإيصال الحقوق إلى أصحابها، ولاسيما أنها هي المستفيد من تلك الأموال وتستثمرها لصالحها. ولا شك أن إنشاء مثل هذا الصندوق سيضيف المزيد من الثقة والمصداقية على الاستثمار في سوق الأوراق المالية، ولا يحتاج تأسيسه إلى أكثر من قرار من مجلس هيئة السوق المالية؛ لأن لدى المجلس الصلاحية النظامية الكافية لذلك بناءً على نظام السوق المالية. ويكفي للدلالة على مدى أهميته أنه لو كان موجوداً في السوق السعودي لما حدثت أزمة شركة بيشة؛ لأن أموال المساهمين المترتبة على بيع أسهمهم في المزاد ستودع في الصندوق بدلاً من تركها تحت رحمة الشركة، التي استثمرتها في السوق فأغرقت الشركة في الخسائر؛ ما تسبب في تعليق تداول أسهمها.
* سبق أن أجبت في عدد سابق عن سؤال بشأن إجراءات توزيع تركة الأسهم على الورثة، وأنها تودع في محافظهم الاستثمارية من قبل شركة (تداول). والسؤال هو: ماذا لو كان من بين الورثة شخص غير سعودي، كالزوجة مثلاً؟
قايد أحمد - الرياض
- تقضي التعليمات النافذة حالياً بعدم التفريق بين الورثة في مثل هذه الحالات؛ فغير السعودي الذي يرث أسهماً لشركات سعودية، يستطيع نقلها إلى ملكيته حتى لو كان ممنوعاً من تملك الأسهم السعودية. ويخضع في هذا المجال لذات الإجراءات المطبقة على السعودي، وذلك بأن يفتح حساباً استثمارياً لدى شركة وساطة سعودية، مُستخدماً هويته الأجنبية أو جواز سفره، ثم يُنقل نصيبه من الأسهم من محفظة مُورثه إلى هذا الحساب. وله الحق في جميع المنافع المترتبة على تلك الأسهم كالأرباح الموزعة وحقوق الأولوية وغيرها، ويستطيع بيعها متى شاء.
* ما المقصود بنشاط (الحفظ) في أعمال الأوراق المالية؟
مهند السويلم - الرياض
- عرّفت لائحة أعمال الأوراق المالية الحفظ بالآتي: (الحفظ: وذلك بأن يحفظ شخص أصولاً عائدة لشخص آخر تشمل ورقة مالية، أو يقوم بترتيب قيام شخص آخر بذلك، ويشمل الحفظ القيام بالإجراءات الإدارية اللازمة). ويقتصر دور أمين الحفظ على حفظ الورقة المالية دون أن يكون له صلاحية اتخاذ أي ترتيب آخر بشأنها، وإلا أصبح مُديراً للورقة المالية. وفي معظم أسواق الأوراق المالية لا يتعامل المستثمر مباشرة مع جهة الحفظ المركزي لتسجيل ملكية السهم أو غيره من أوراق مالية، وقد لا يوجد مثل هذه الجهة، وإنما يتعامل مع شركة متخصصة في حفظ سجلات الملكية تسمى (أمين الحفظ)، ويتطلب ذلك الترخيص من الجهة المنظمة للسوق نظراً لحساسية هذا النشاط وخطورته. وفي المملكة لا يسمح النظام لغير مركز الإيداع في شركة (تداول) بتنظيم سجلات ملكية أسهم الشركات المُدرجة، ومع ذلك فقد شملت لائحة أعمال الأوراق المالية نشاط الحفظ الأمين للأوراق المالية من بين الأنشطة التي يجب قبل ممارستها الحصول على ترخيص من هيئة السوق المالية؛ وذلك لوجود أوراق مالية أخرى غير تلك المسجلة لدى مركز الإيداع، يحتاج المتعاملون فيها إلى خدمة الحفظ الأمين.
* يلاحظ عليكم في زاوية مستشار السوق تكرار ذكر عبارة (سيادة القانون) وتأكيد أهميته للتنمية الاقتصادية. فهل يمكن شرح المقصود بتلك العبارة؟
نجلاء أحمد - جدة
- مصطلح سيادة القانون ليس له جذور في تراثنا اللغوي، وإنما دخل حديثاً إلى اللغة العربية عبر الترجمة لمصطلحات أجنبية، لعل من بينها في اللغة الإنجليزية مصطلح the role of law وكذلك the legality. وعلى المستوى الدستوري وخاصة في الولايات المتحدة تستخدم عبارة
the due process of law. وكل هذه المصطلحات تصب في اتجاه واحد هو (سيادة القانون). ويقصد به على وجه العموم خضوع الجميع لقواعد عامة مجردة صادرة عن السلطة التنظيمية، مع وجود واجب على كل شخص في اتباع هذه القواعد، مع حقه في الاعتراض عليها أمام جهة قضائية مستقلة. ويمكن إيجاز مبدأ سيادة القانون في أنه يعبر عن خضوع الأفراد للقانون بدلاً من خضوعهم لأفراد آخرين. وتكمن أهميته من الناحية الاقتصادية في أنه يشيع الطمأنينة والثقة في البيئة العدلية؛ ما يعني حفظ الحقوق وعدم المساس بها إلا وفقاً للقانون الذي يفترض أن يكون صادراً بالطريقة الدستورية السليمة ومعلناً ومعروفاً للجميع. وعلى النقيض من ذلك عندما تكون الهيمنة للأفراد ونزواتهم فلن يطمئن المستثمر على أمواله، وسيكون تحت رحمة أفراد آخرين سواءً أكانوا من أصحاب النفوذ أو من البيروقراطيين أو غيرهم. وتولي الشركات الأجنبية أهمية كبيرة لسيادة القانون في البلد المستهدف في الاستثمار.
* عندما تتجه شركة مساهمة عامة نحو الإفلاس ما اللحظة التي يتوقف فيها تداول أسهمها؟
سلطان علي - القطيف
- لو أخذنا السوق الأمريكي كمثال فإن أسهم الشركات المفلسة هناك تستمر في التداول حتى لو كانت القيمة الحقيقية للسهم تساوي (صفر) إلى أن تتم التصفية الكاملة للشركة فتذوب أسهمها شيئاً فشيئاً كما تذوب قطعة ثلج في ماء ساخن. ومن الأمثلة الحية على ذلك أسهم شركة جنرال موتورز للسيارات، التي لا تزال تتداول في سوق النازداك وأسواق أخرى بالرغم من أنه من شبه المؤكد أن ملاك الشركة الحاليين قد خرجوا من صفقة إعادة الهيكلة بخفي حنين. وهناك أسباب عديدة لاستمرار تداول السهم بعد الدخول في مراحل التصفية لعل من أهمها تحوله إلى ورقة مضاربة (قمار) والتعلق بقشة أمل، وتغطية مراكز البيع على المكشوف، وغيرها.