Al Jazirah NewsPaper Saturday  11/07/2009 G Issue 13435
السبت 18 رجب 1430   العدد  13435
جداول
النقد ولا تبخسوا الناس أشياءهم..!
حمد بن عبدالله القاضي

 

النقد مطلوب لكل عمل بشري.. إذ إن هذا العمل يعتريه بالضرورة النقص والخطأ!

لكن فرق بين نقد ونقد..

(نقد موضوعي) يبتعد عن الغرض الشخصي ويتكئ على المعلومة، منوهاً بالإيجابيات، وناقداً السلبيات، عارضاً لأسبابها، ومقترحاً علاجها.

وبيّن (نقد) يضخم الأخطاء ويتناسى الإيجابيات ويتم عرضه بأسلوب يحفز على النفور منه وليس على الأخذ به، والله يقول: (وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ) (سورة الأعراف - آية 85).

إن المراقب لمشهد النقد الاجتماعي لدينا يلاحظ أن البعض منا نحن الكتاب ينظر إلى أي جهاز تنفيذي حكومي نظرة معتمة وكأنه لا بياض فيه ولا إنجاز له.

بل إن البعض منا - كما قال أحد الزملاء - كأنه يعشق (جلد الذات)، فكأننا في وطننا نطير بالسلبي ونعرض عن الإيجابي!

إن المسؤول بشر بحاجة إلى كلمة طيبة تحمد لجهازه إنجازه تماماً مثل ما هو بحاجة إلى النقد الموضوعي الذي يرشده إلى النقص في مؤسسته.

***

إن التركيز على السلبيات في نظري هو إشغال للمسؤول ومنسوبي جهازه، وهو إحباط لما تبذله منشأته عندما يجد أنه - مهما عمل - فلن يلقى سطر تقدير، بل سيواجه بعنف النقد سواء أحسن أو أساء!

لقد كتبت مقالة - ذات مناسبة - أشرت فيها إلى: (إن علينا بوصفنا كتاباً ومنظرين - أن نضع أنفسنا في مواقع هؤلاء المسؤولين عندما نرى تقصيراً أو قصوراً في الأجهزة التي هم مسؤولون عنها؛ إذ قد تكون هناك عقبات كثيرة مثل عدم توافر الإمكانيات المادية أو الكفاءات المؤهلة والفنية التي تحول دون تحقيق ما نطالب به أو معالجة القصور الذي نتحدث عنه، وهذا لا يعني ألا ننتقد ولا نكتب عما نراه من قصور، لكن لو تصورنا مثل هذه العقبات لجعلنا ذلك نخفف حدة نقدنا وقسوته، ولطرحنا ما نريد بأسلوب موضوعي (فمن يأكل الضرب ليس كمن يعده)، وقديماً قال الشاعر الحكيم:

لا تعذل المشتاق في أشواقه

حتى يكون حشاك في أحشائه

المسؤول مواطن يتطلع إلى ما نتطلع إليه كتاباً ومواطنين، ولكن - أحياناً - يصح منهم العزم لكن الدهر يأبى، والإمكانيات لا تواتي!

إنني أجزم أن للكلمة (الهادئة) أثراً لدى المسؤول ولدى الإنسان عامة أكبر بكثير من الكلمة (القاسية) أو (الجارحة).. بل إن (الأسلوب الهادئ) يجعل المسؤول أقرب إلى التجاوب بدلاً من الغضب الذي قد ينتج عنه عدم الاكتراث بما كتب، ولا ننسى أنه بشر له عواطفه وردود فعله، ونحن - الكتاب - لسنا أفضل من موسى وهارون اللذين أمرهما الله أن يذهبا إلى فرعون مستخدمين أجمل وأرق أسلوب مع ذلك الذي قال أنا ربكم الأعلى، ولكن الله أمرهما بمخاطبته - بأرق أسلوب: (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) (سورة طه - آية 44).

***

نحن في هذه المرحلة - على وجه الخصوص - بحاجة إلى خطاب نقدي صحفي هادئ في ظل (حوار وطني) يوحد القلوب وينير الدرب، وينشر خطاب المحبة.

إن الكلمة البانية هي التي تكون قناة رفق ومحبة، وهي تكون كذلك عندما تعتمر الموضوعية، وتنأى عن (التجريح والسخرية)؛ فالكلمة الطيبة (نهر إصلاح)، وكلما كانت أهدأ كانت أقرب إلى الإسهام في بناء هذا الوطن.

فيض الحنين..!

** ليس المتنبي وحده الذي كان ألوفاً.. حتى لو رجع إلى الصبا لفارق شيبه كليماً باكياً.. ولكن الناس أو أغلبهم كذلك..

إنك عندما تزور بلداً لأيام معدودة أو تسكن (فندقاً) في ليال محدودة.. أو تعاشر أناساً لزمن قصير.. فإنك تألف هذا البلد وتستألف ذلك السكن، وتأنس بهؤلاء الناس.. ثم حين يحين فراقك - ورغم قصر الزمان - فإن قدراً من الألم يسكنك بسبب رحيلك عنها، وأن فيضاً من الحنين يشدك إليها.

آخر الجداول

** للشاعر القدير مازن العليوي:

(أستقيكِ مع الماء أرشفُ

حبكِ شعراً لأكتب روحَ

القصيدْ

أهاجر فيك وأنسى اغتراب

البعاد

وأهجس بالقلب حيث

المواعيد تتلى

وأبحر في نبضة من نشيد).




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد