Al Jazirah NewsPaper Tuesday  30/06/2009 G Issue 13424
الثلاثاء 07 رجب 1430   العدد  13424

قصة من الماضي
سافر (مبرك) وعادت السواني!!

 

ليت (مبرِك) عندنا لأجل المكينة

ينبز الحذاف لين إنه تقومي

اضطرت ظروف المعيشة الصعبة الشاب (مبرِك) إلى مغادرة مواطنه وملاعب صباه في مزارع أهله في ضواحي الرس إلى السفر لطلب الرزق في أرض الله الواسعة. سافر مبرك وهو الوحيد الفاهم في تشغيل ماكينة (اللستر)، هذه الآلة السحرية العجيبة المستوردة من بلاد الكفار إلى نجد حيث السواني والآبار والمزارع وبساطة العيش وجمالية الحياة رغم قسوتها وانعدام وسائل الراحة. فالعمل في الزراعة كان شاقاً ومضنياً وكان الكل يعمل في الحقل، كل موكل إليه مهمة، وكانت المهمة الأكبر المهمة الشاقة بل هي مهمة المهمات هي العمل في (المنحات) خلف السانية حيث الإبل المدربة المخصصة للسواني لاستخراج الماء من الآبار لسقي الزروع والمواشي. وعلى الرغم من شظف العيش وقلة الوسائل المساعدة في الزراعة وغيرها إلا أن الأجداد والأهل في نجد وغيرها كانوا بسطاء وكانت الألفة والمحبة هي الصفة السائدة لدى الجميع.

في السبعينيات الهجرية كما قيل لي أو هكذا سمعت أستوردت ماكينات استخراج المياه من الآبار واستقبلها أهالي نجد بشيء من الحذر والريبة وكانت مكائن (اللستر) هي الأكثر شيوعاً لرخص أسعارها نوعاً ما ولتوفرها ولسهولة استعمالها، وكان أهل (مبرك) قد استطاعوا شراء هذه الماكينة واستطاع مبرك بذكائه ونشاطه أن يكون هو مسؤول التشغيل لهذه الماكينة وصيانتها والتعامل معها.. إلا أن ظروف الحياة كما أسلفت أجبرت (مبرك) على السفر ومغادرة مواطن أهله في الرس، ومع سفره توقفت هذه الماكينة إجبارياً عن العمل لأنه سافر ومعه كل أسرار التقنية والتشغيل لهذه الآلة مما أوجب معه عودة الأهل إلى (المعاويد) وهي الإبل المخصصة للسواني مرة أخرى لأن خبير التشغيل سافر ومعه كل الأسرار.. مما حدا بأحد شعراء عشيرته أن يردد البيت المذكور أعلاه متمنياً وبقوة أن (مبرك) ظل بين ظهرانيهم ولم يسافر إطلاقاً ليواصل مهمته التي أراحتهم من عناء السواني وأعبائها. كيف لا وهو الذي يمارس دوره كل صباح في التشغيل والإيقاف فهو الذي يدير (هندل التشغيل) باليد اليمنى ويطرح (الحذاف) باليد الأخرى وعندها تشتغل الماكينة وتبدأ في ضخ المياه بكل بساطة، فالعملية جداً سهلة وليست بهذه الصورة التي يتخيلها أهله. لكنه الجهل الذي كان أيامها مطبقاً في نجد وفي غيرها قبل أن تتوحد هذه البلاد على يد الملك القائد المؤسس (عبدالعزيز آل سعود) طيب الله ثراه والذي جاء وجاءت معه كل بشائر الخير والعلم والمعرفة حيث أصبحت هذه البلاد بفضل الله أولاً ثم بفضل عبدالعزيز ومن بعده أبناؤه البررة منارة من منارات العلم والحضارة بكل صورها وأشكالها.

رحم الله المهندس (مبرك) الذي سافر ذات يوم وسافرت معه كل الأسرار مما حدا بأهله العودة إلى السانية مرة أخرى.

محمد الخربوش

sada_art@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد