في الشرع السارق للعينات تقطع يده إذا اكتملت في المسروق وجود الاحترازات، ولم يكن محفوفاً بإهمال من صاحبه، وهذا ليس بمدار حديثي وإنما محور الحديث حول السرقات المعنوية التي تكون في منأى عن قطع اليد إلى حد ربما يكون بعيداً لا أقول عن الشرع وإنما عن صفة الجزاء.
|
والسرقات المعنوية الملموسة والمحسوسة كثيرة لكن أقف على واحد منها وهو السرقة الأدبية التي نسمع بين آونة وأخرى ضجة كبيرة ودعاوى مقامة، وفضائح معلنة، وبما أخذ إثباتها أخذاً ورداً بين السارق والمسروق، هذا إذا كان المسروق على قيد الحياة، لكن المشكلة أن يكون المسروق ميتاً لا أحد يأخذ بحقه الذي أصبح فيما يشبه المائدة الجاهزة التي تكون عرضة لكل متذوق لها، إذ لا حارس يحميها من اليد الجريئة التي لا تتوانى عن أخذها بكاملها أو اقتطاع جزء منها.
|
وإذا ما بحثنا في تاريخ السرقات الأدبية وجدنا أنها ضاربة في عمق التاريخ وان هناك من يبرر هذا النوع من السرقة، وذلك بمحاولة إقناع الناس بلغة تجعل السرقة شيئاً عادياً بدعوى أن السارق يجد مدخلاً يسلكه بأمان إلى السرقة - السرقة الأدبية.
|
ومن الذين يلتمسون لسارق الأدب أعذاراً تبيح لهم السرقة الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى الذي خفف لهجة السرقة بالاستعارة أو الاضطرار، حيث لا مناص من أن أخذه له مباح على اعتبار أنها نوع مشاع من أصله وهو اللغة.
|
|
ما أرانا نقول إلاً معاراً |
أو معاداً من قولنا مكرور |
والباحثون في هذا الشأن وبخاصة الشعر يرون أن الذي يتخذ هذا المسلك إنما هو متتبع إذا ما تناول المعنى فأجاد صنعه، كأن يختصره إن كان طويلاً أو يبسطه ان كان كاكزاً أو يبينه ان كان غامضاً، أو يختار له ما حسن من الكلام إن كان سفسافاً أو رشيق الوزن إن كان جافاً فهو أولى به من مبتدعه.
|
|