يوم الجمعة 26-6-1430هـ، يوم مبارك فهو اليوم الذي يوافق الذكرى الرابعة لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ملكاً للمملكة العربية السعودية وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولياً للعهد، ذكرى متجددة نفرح بها في كل عام ونشكر الله على ذلك، وكيف لا نفرح ونزهو ونتباهى ونحن نعيش بحمد الله في ظل دولة مباركة موحدة دستورها القرآن الكريم ومنهجها الإسلام وقيادتها قيادة واعية رحيمة تسهر على مصالح شعبها وتبني وطن العزة والشموخ وطن الوحدة والخير والنماء والعطاء في مسيرة متجددة في حلقات الزمن تضرب بجذورها في أعماق التأريخ الذي يشهد على استمرار دولة الوحدة وموئل الإسلام وقبلة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
وتستمر حركة التحول في بنية المجتمع السعودي نحو التطور والتحديث في إطار الثوابت الراسخة التي انتهجتها القيادة الرشيدة وسارت عليها بجهود قادتها الأوفياء منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود مروراً بعهود أبنائه (رحمهم الله جميعاً) إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله ووفقه - الذين تميزوا بسلامة المنهج والابتعاد عن مزالق التهور والارتجال في المواقف والأقوال والأفعال.
إن ذكرى البيعة تستدعي وقفة للتأمل إذ لا يكاد يمر يوم دون أن نسمع أو نقرأ أو نشاهد مشروعاً تنموياً أو برنامجاً تطويرياً أو تحديث نظام أو توجيه أو متابعة في جميع المجالات الصحية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية والعمرانية والاتصالية وغيرها، لقد واصل الملك عبدالله بن عبدالعزيز ببلاده مسيرة التنمية ووضعها مع الدول المتقدمة على أعتاب القرن الواحد والعشرين وأسس لها شراكة عالمية فاعلة إقليمية ودولية ورسم لها دوراً محورياً لا غنى للعالم عنه في كل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعج بها العالم مع استمرار النهج الثابت الذي ميّز المملكة وأعطاها سمعة دولية وإقليمية فضلاً عن سمعتها العربية والإسلامية التي لا تحتاج إلى إثبات هذه هي ذكرى بيعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز هذا الملك المخلص النبيل الشهم بعروبته وإسلامه الذي يقود دولة مسلمة في دينها قائمة بحقوق شعبها تنتهج الشورى والحوار الوطني وتتعامل مع العالم شرقه وغربه معاملة الند للند بكل شفافية ومثالية نسمع ونقرأ عنه الإشادات من قيادات العالم شرقه وغربه، يزور البلدان العربية فيجد الحب والتقدير إذ هو قائد المصالحة العربية، ويزور البلدان الإسلامية فيجد الثناء والمشاعر الجياشة ويزور بلدان العالم الصديقة فيقف الجميع احتراماً وتقديراً لرجل الدولة صاحب المبادرات الخيرة الذي جعل بلاده مملكة لكل الإنسانية يخطبون ودها ويحترمون قادتها وشعبها، ويكفي أنها الدولة العربية والإسلامية الوحيدة التي حظيت بالثقة لتحمل مع دول (مجموعة العشرين الاقتصادية) همّ الأزمة الاقتصادية العالمية التي أناخت بكلكلها على العالم في العام الماضي -ولا تزال- وأثرت فيه تأثيراً عظيما، وأن المملكة عضو فاعل مع هذه الدول التي تبحث عن أنجع السبل اللازمة لاحتواء آثار هذه الأزمة على الدول والمجتمعات والشركات ومعالجة ذلك.إن المتابع لمسيرة المملكة في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين يدرك مدى الجهد الذي بذله ويبذله في سبيل وطنه وأمته وشعبه فعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية العالمية فإن ميزانية الخير والنماء مستمرة والمشاريع تنعم بالإنفاق المالي المدروس والتجربة السعودية في احتواء الأزمة الاقتصادية وآثارها مضرب المثل، والإصلاح الداخلي مستمر تباعاً تحديثاً للأنظمة وسيراً حثيثاً في مضمار التقدم ومن ينظر حال العالم من حولنا يدرك حجم العمل الجبار الذي يقوم به الملك عبدالله في كل يوم بل في كل ساعة، وهذا التطور التقني والاتصالي والبعثات الخارجية وضبط سوق المال وربط المملكة بشبكة الطرق الحديدية ومتابعة الإنجازات في الحرمين الشريفين والمدن الاقتصادية والجامعات وتحديث النظام والتجديد الوزاري وتحديث مجلس الشورى ما هي إلا أمثلة وشواهد ونقطة في بحر يدركها المنصفون.
ولقد جاءت هذه المعطيات بفضل ما يمتلكه خادم الحرمين الشريفين من حس وطني مرهف وشعور صادق بحجم المسؤولية وخبرة اكتسبها من خلال ممارسة الشأن الوطني والعربي والدولي من عدة عقود، وإن نجاح النهج وعمق التأثير وقوة الدور السعودي نتاج صفات هذه الشخصية التي نفتخر بها نحن السعوديين وننظر إلى هذا اليوم الذي يحمل الذكرى الرابعة للبيعة بمزيد من الإعجاب لدولة يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله محافظة على مكتسباتها التي تحققت له منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز وأبناؤه (رحمهم الله) في الوحدة والوسطية والاعتدال والتوازن وبناء جسور العلاقات بين أفراد المجتمع وجسور التواصل مع العالم أجمع وتوظيف علاقاتها العميقة مع القوى العالمية لصالح الأمة العربية والإسلامية.
وإن من نافلة القول الإشارة إلى الإنفاق الحكومي على المشاريع والصروح الحضارية وتطوير التعليم بكافة أنواعه وإنشاء الجامعات وتحديث بنيتها العلمية والخدمية والإنشائية وتحسين الخدمات كالمياه والصرف الصحي والصحة والنقل والخدمات البلدية والتدريب والتقنية، إضافة إلى زيادة رؤوس أموال الصناديق الداعمة للتنمية وغير ذلك، وإن الواجب علينا جميعاً الإشادة بالإنجازات وشكر القيادة وأن يحرص كل مواطن على القيام بواجباته ومسؤولياته ودوره في التنمية والبناء فقوة الوطن وعزته وشموخه وأمنه ورسوخه واستقراره يأتي من إسهام كل مواطن بدوره مهما كان عمله وموقعه.
إن معايير قوة الدول وتأثيرها يأتي من عدة مقومات ومكتسبات وحقائق فالمملكة دولة تحتضن الأماكن الإسلامية المقدسة التي يحج إليها ملايين الحجاج في كل عام ولها الريادة في عالمها الإسلامي والعربي ومبادراتها لحل القضايا العربية والإسلامية أشهر من أن تذكر ولها اليد الطولى في الاقتصاد العالمي وضبط سوق النفط، فهي مقصد الساسة والقادة ورجال التأثير في العالم، ولا يكاد يمر يوم دون زيارة أو اتصال من ملك أو رئيس أو وزير أو مندوب من أكبر دولة في العالم حتى أصغر دولة وهذا الدور المحوري لم يأت إلا من تميز قيادي من رأس الهرم السعودي الملك عبدالله الذي ندلف إلى السنة الخامسة من حكمه المديد -بعون الله- بمزيد من الثقة والطموح وإن ما يجري في العالم من حولنا من فتن واضطرابات وأحداث بعضها متوقد ظهرت آثاره وأخطاره، وبعضها قابل للاشتعال في أي لحظة تجعل الواجب علينا كبيراً في الحفاظ على الوحدة والتصدي للإفساد والإرهاب بكل حزم، والأخذ بأسباب البناء والتنمية والتقدم والإفادة من المنجزات والمكتسبات الحضارية التي نقلت المجتمع السعودي إلى مصاف المجتمعات الراقية في زمن قياسي.
والله نسأل أن يمد في عمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وسمو النائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وأن يبقيهم سنداً وذخرا لخدمة الإسلام وأمتهم العربية ووطنهم وأن يديم على هذا الوطن نعمة الأمن والأمان والاستقرار في ظل قيادته الحكيمة.
* عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية