عالم المال والأعمال من مسلماته الإفلاس والتعثر كما النجاح والبروز فليس من المستغرب أن نسمع عن تحقق أي من الاتجاهين لأي كيان تجاري وفي هذه الأيام تعتبر قضية تعثر مجموعة السعد وما لحق من ضرر لمجموعة القصيبي حديث الساعة بامتياز إلا أن التطورات الأخيرة بدأت تكشف عن تداعيات متلاحقة طالت بنوك خليجية انكشفت أمام هاتين المجموعتين بمبالغ بعضها معلوم والآخر ما زال طي الكتمان إلى درجة أن البنك المركزي الإماراتي الذي أعلن عن تعرض بعض البنوك لمخاطر ائتمانية نظير علاقتهم بالمجموعتين طالب بالوقت نفسه عدم تقديم أي قروض جديدة لهما بينما اكتفت عمان بالإعلان عن تعرض بنك مسقط لانكشاف فاق 600 مليون ريال سعودي وتقديم هذه الأرقام ما هو إلا تدليل على احتمال تعرض بنوك عديدة من الخليج إلا أن هذه القضية تفتح لنا بابا واسعا للحديث عن مدى الحفاظ على النظام المصرفي سليما من تداعيات الأزمة المالية العالمية أو تحفظها، حيث أتى الخطر من باب الإقراض المحلي الذي اعتبر سببا رئيسيا في نجاة البنوك من الأزمة ولكن لم يتضح إلى الآن أن هذا الإقراض صحيح أنه تم محليا ولكنه توجه عبر بوابة المستثمرين للخارج منذرا بتطورات سلبية فيما لو كان واسعا في حجمه ليطرح سؤالا ملحا هل معنى الإقراض المحلي هو تسليم المال لمواطن فقط ليعتبر ضمانة ما فيه بسلامة الموقف والتقدير؟ أم يجب أن يشترط لأي إقراض غير استهلاكي أن يكون موجها للاستثمار داخل المملكة أو بشراكات تعود علينا بدخول صناعات وتحالفات تثري الاقتصاد وتساهم بتنوعه وتخلق فرص عمل فنحن دول تفتقر للقاعدة الإنتاجية ونحتاج لأموال طائلة حتى نصل إلى اقتصاد متنوع الدخل كما يجب على القطاع الخاص أن يكون شريكا حقيقيا بالتنمية من خلال توظيف الأموال هنا وعدم الاستفادة من الرافعة المالية لتنمية الثروات بالأرقام من خلال شراء الأصول الجاهزة بالخارج وتعود الفائدة فقط على الكيانات التجارية دون أن يضاف للاقتصاد شيء يذكر ونبقى في دوامة التفكير بسهولة الربح دون إنتاج حقيقي تعود فائدته على الجميع وإذا كان للحكومات حساباتها بسياسة توزيع استثماراتها بالداخل والخارج لأسباب تهدف إلى ضبط التضخم النقدي وعدم المزاحمة مباشرة على الاستثمار لإعطاء المواطنين الفرصة الأوسع به, فهل يجب أن يفكر الجميع بنفس الطريقة الحكومية فالمسألة مختلفة تماما والغايات متباينة أن هذه القضية الآن ليست محصورة بمجموعة أو اثنتين فما نسمعه عن التوقع بتعثر المزيد من رجال الأعمال لأسباب تتعلق بالاستثمار الخارجي بالتأكيد يثير القلق ويجعلنا نشعر بأن الجدار الذي حمى اقتصادنا ونظامنا المصرفي من الأزمة جاء ثقب الأوزون فيه من إحدى لبناته التي يفترض أن تكون شريكاً بالتنمية وليس مستفيدا منها فقط فكل ما تم توفيره من أرضية واسعة للاستثمار المحلي لاقى ترحاباً دولياً كبيراً وشجع العديد على القدوم إلينا فكيف نبعد نحن عن المكان الأوفر حظا بالنجاح ونذهب إلى حيث يريد الآخرون الخروج.
ما حدث لن يكون بالتأكيد النهاية وإن كنا نتمنى ذلك بعودة أمور تلك المجموعتين إلى وضعهما الطبيعي فتداعيات الأزمة لديهما ستطال البنوك والقوى العاملة فيهما ومن هو متحالف معهما بأعمال تجارية فما نأمله سرعة احتواء المشكلة وحصرها مبكرا لكافة الكيانات التجارية التي قد تواجه نفس المأزق من خلال التواصل المباشر معهم وتقدير حجم المشكلة فيما لو تفاقمت على الاقتصاد الكلي والجزئي من الآن وأيضاً ضرورة ضبط خطوط الائتمان مستقبلا باتجاه ما يعود على التنمية المحلية بالنفع الحقيقي والمباشر.
m9m70@hotmail.com