بداية دعوني أصبِّح بالخير على أخوي المستهلك السعودي سعد بن دفاتر.. وأقول له: كل عام وأنت بخير!!!
بعد ذلك, أريد أن أجري مقارنة بسيطة بين المستهلك السعودي والمستهلك الأمريكي في الوقت الراهن الذي يردد فيه جميع المستهلكين في العالم وبالأخص في السعودية مقولة الشاعر: (ألا ليت الطفرة تعود يوماً فأخبرها بما فعل التضخم)!!
كنا بالأمس أيام الغنى واخضرار سوق الأسهم نردد المثل القائل: (الدنيا درهمتني وخلت لي في الحي مقدار بعد ما كنت مبيكير صرت الحاج بكار).. ولكن وكما يعلم الجميع.. وأتمنى أن يكون سعد بن دفاتر واحداً منهم!! أن هناك كارثة اقتصادية جالت العالم بأسره في عام 2008 أبكت الفقير ووخزت آذان الهوامير الذين هم أحد الأسباب وبخاصة في السعودية إذا أردنا التحديد عما حصل في سوق الأسهم كما قال فيه أخوي الشاعر عبد الرحمن الشمري في شاعر المليون: (للفقر لذة في عيون الهوامير شوفوا وشلون في فقرنا شاركونا).. وأخونا سعد بن دفاتر لا يزال ينفق ما لا يحتاجه على السلع غير الضرورية كاستبدال سيارته الأقدم موديلاً بأخرى أحدث.. لا بد للمستهلك السعودي أن يكون واعياً اقتصادياً خصوصاً عندما يكون دخله الشهري ثابتاً والأسعار في تزايد.. ومما زاد الطين بلة في حياة أبو دفاتر أنه ما زال يدفع المبالغ الطائلة من أجل الرفاهية اللي تحتاج لها أم دفاتر وهو لا يعلم أنه بهذه الطريقة يتيح لأصحاب وكالات السيارات المحلية (المحتكرين) بأن يرفعوا الأسعار في وقت نجد فيه أن جميع وكالات السيارات على مستوى العالم بدت على وشك الإفلاس حتى إنها قامت بطلب قروض إعانة من حكوماتها.. كنظرية اقتصادية في مثل هذه الحالات سوف يكون لدينا تراجع في الطلب الحقيقي على السيارات.. وعلى ذلك قامت بخفض أسعار السيارات إلى النصف وبعض الوكالات العالمية قامت باتباع طريقة اشتر سيارة واحصل على أخرى مجاناً!!! لأن تدهور الاقتصاد العالمي حتّم عليهم ذلك بعد نقص الطلب الملحوظ على سوق السيارات.. وكما ذكرت جمعية منتجي وتجار السيارات الأمريكية قبل فترة قصيرة أن الطلب على السيارات الجديدة في أمريكا انخفض بنسبة 23% عن العام الماضي وهو يُعتبر أشد انخفاضاً مقارنةً بالسنوات الماضية.. أيضاً معظم الشركات الأخرى قالت بأنها خسرت ما يقارب 15.5 مليار دولار في العام الماضي مع انخفاض مبيعاتها في أمريكا الشمالية بنسبة 23% وانخفاض أسعار السيارات.
ومما يزيد الأمر عجباً أن في مثل هذه الأوقات الصعبة, المستثمر السعودي ما زال يشترى تلك السيارات الباهظة في سعرها وكأن الاقتصاد العالمي لم يؤثر علينا وعلى سوقنا السعودي.. نجد حسب تقديرات البنك السعودي البريطاني فإن مبيعات السيارات ارتفعت بنسبة 8% في عام 2007 وبنسبة 9% في عام 2008.. نجد أيضاً أن المملكة العربية السعودية تعتبر من أكبر الدول المستوردة للسيارات في هذا الوقت العصيب!
التقارير الاقتصادية والاجتماعية تشير إلى أن هناك تزايداً على طلب السيارات في السعودية وأن النكسة الاقتصادية لم تؤثر على كميات السيارات الجديدة المطلوبة محلياً بل العكس حيث إن الطلب زاد بنسبة 23% عن السنة الماضية في المملكة العربية السعودية كما أوردت وكالة أيسوس للسيارات!!
المستهلك ستيف مايكل ستيف من أمريكا قام بتبديل سيارته الجديدة بأخرى أقدم عمراً لكي يوفر ولم يغامر وكأنه يعلم أن المستقبل كالمرأة الحامل التي لا يعلم أحد ما سوف تنجب!! وقام هو وبقيه الأمريكان بفرض قرار نزول أسعار السيارات بسبب الأزمة الاقتصادية إلى أن أفلست الوكالات العالمية التي يوجد لها وكالات في المملكة العربية السعودية.. وكالات السيارات قامت بخفض أسعارها بعدما قام المستهلكون الأمريكيون بالإعراض عن تلك الوكالات التي ترفع من أسعارها.
أنا أرى أن أسعار السيارات المحلية يجب أن تنخفض اقتداء بالأسواق العالمية لتوفر التوازن المفترض في نظرية العرض والطلب.. ومن ثم نسمح لشركات عالمية أخرى بدخول سوقنا المحلي وعرض الجميع أمام واقع التنافس السوقي لمصلحة أبو دفاتر والمستهلكين السعوديين إلا إذا أن أبو دفاتر وأم دفاتر يطلبون مواصفات خاصة (طلاء الكرومات, زيادة مكبرات صوت, ودعامات عشان سلامة أم دفاتر, ومحرك أقراص فيديو للعيال, وإضافة حامل أكواب للخادمة في المرتبة الثالثة,....).. وكما نعلم أن معظم هذه الخدمات الإضافية تحصل عليها كإضافات مجانية في أمريكا والدول الأخرى وبخاصة في الوقت الحالي المتدهور اقتصادياً.
وعلى فكرة, ما زال بعض الطلاب المبتعثين غير المدركين للمنفعة الحقيقية لزيادات الرواتب الأخيرة هم الوحيدون الذين يشترون سيارات جديدة حتى اليوم.. وأنا أرجع ذلك لقلة الوعي الاقتصادي!!!