لم يضيِّع الرئيس الأمريكي وقته، ولم يترك مجالاً للتخرصات الصهيونية التي تلجأ إليها جماعات الضغط اليهودية في أمريكا وخارجها، واتهام كل من لا يخضع للإملاءات الإسرائيلية بأنه عدو للسامية، وهو ما عملت عليه جماعة شاذة من الجماعات الصهيونية داخل الكيان الصهيوني عندما تظاهر نفر منهم بعد خطاب أوباما في القاهرة، مدعين بأن الرئيس الأمريكي معاد للسامية..!!
أوباما لم يضيِّع وقته، ولم يلتفت إلى مثل هذه التخرصات، وسافر من القاهرة إلى ألمانيا ليزور المكان الذي حرق فيه هتلر اليهود.. ليؤكد تعاطفه مع اليهود كل اليهود الذين يتفقون معه فيما يقوم به لجلب السلام الدائم والأمن الذي يتيح لهم العيش على الأرض التي أعطيت لهم مسلوبة من شعب آخر.. واليهود الآخرون الذين يرون فيه جرأة غير معتادة من الرؤساء الأمريكيين للحد من أطماعهم ودعم تعنتهم.
طبعاً ذهاب أوباما إلى محرقة اليهود لم يكن رداً على المظاهرات الصهيونية التي اتهمته بالعداء للسامية.. ولكنها رحلة مبرمجة بعد خطابه في المكان الآخر لأحفاد سام (العرب). وللذين لا يعرفون نذكر بأن سام بن نوح هو جد للعرب كما هو جد لليهود، فكلا القومين ينحدرون من سلالة أبينا إبراهيم، ولذلك فإن من يعادي العرب ويقتلهم أيضاً معاد للسامية.. بل معاد كبير لأن العرب تعدادهم أكثر والظلم الواقع عليهم أكثر من أبناء عمومتهم اليهود..!!
والعداء لا ينحصر فقط في اتخاذ مواقف سلبية ضد هذا الطرف أو ذاك، بل أيضاً عندما تواصل دول ما أو جماعة ما دعمها للعدوان على دولة أو جماعة أخرى، وحتى دعم إثنية عرقية أو دينية ضد دولة أو جماعة إثنية أخرى، فدعم العدوان ومساندة الظلم هو مشاركة وإسهام في استمرار ذلك العدوان وإبقاء الظلم، ولهذا فإن مواصلة تقديم المساعدات المالية والاقتصادية والعسكرية -وتقديم الأسلحة المتقدمة من مقاتلات حربية حديثة وصواريخ مدمرة لإسرائيل وبالمجان واستعمال كل ذلك لقتل الفلسطينيين ومواصلة ارتكاب العدوان ضدهم في حروب متتالية- يثبت ظلماً قائماً واحتلالاً مستمراً، وهذا يؤكد أن الجهات التي تقدم أدوات مواصلة العدوان هي جهات مشاركة في ذلك العدوان وتتحمل مسؤولية أدبية ومادية وأخلاقية، وإذ كان العالم والغرب خصوصاً يعاقب كل من يظهر عداءً للسامية بالقول أو بالفكر.. فلماذا يتجاهل ما يرتكب ضد الساميين الآخرين -وهم العرب- من عدوان مستمر وظلم قائم؟!.. وكيف يغضون النظر عن واجبهم الأخلاقي والأدبي والإنساني وهم يشاركون في ارتكاب هذا العدوان وتثبيت الظلم؟!!..