Al Jazirah NewsPaper Sunday  07/06/2009 G Issue 13401
الأحد 14 جمادىالآخرة 1430   العدد  13401
شيء من
أوباما والبيت الفلسطيني الخرب من الداخل
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

في خطابه الموجه للعرب والمسلمين، الذي ألقاه في القاهرة، تعهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالعمل لتحقيق حل سلمي في إطار الدولتين للنزاع العربي الإسرائيلي. وطالب بوضوح بإيقاف التوسع الإسرائيلي الاستيطاني. وقد أثار الخطاب - كما تقول الأخبار القادمة من إسرائيل- موجة من الاستياء بين المتطرفين الإسرائيليين: وزير العلوم دانييل هرشكوفيتش من حزب (البيت اليهودي) اليميني المتطرف قال تعليقاً على الخطاب: (إن حكومة إسرائيل ليست عميلة للإدارة الأمريكية، لكن العلاقات مع الولايات المتحدة تستند إلى صداقة وليس إلى تضحية، وفيما يتعلق بالنمو الطبيعي في المستوطنات فإنه ينبغي القول للأمريكيين: حتى هنا). كما عبّر المستوطنون عن استيائهم من الخطاب؛ وأصدرت لجنة مستوطنات شمال ووسط الضفة بيانا قالت فيه: إن (دولة إسرائيل تدفع اليوم ثمن انهزامية قادتها). وأضاف بيان المستوطنين -كما جاء في جريدة الحياة- (أن حسين أوباما فضل تبني الروايات الكاذبة التي يروجها العرب على الحقيقة اليهودية التي يتم قولها بصوت ضعيف ومتردد، وحان الوقت لكي يقف نتنياهو كزعيم يميني فخور، مثل (رئيسي الوزراء اليمينيين السابقين) مناحيم بيغن وإسحاق شمير، ويعلن أنه يرفض التاريخ المشوه الذي يحاول أوباما إملاءه علينا). وقال عضو الكنيست عن الليكود (داني دنون) في تصريح له بعد الخطاب: (لأول مرة في تاريخ العلاقات الأمريكية الإسرائيلية الطويل يتجاوز رئيس أمريكي (الحدود)، ومن الناحية العملية، فإن أوباما أبرم حلفاً اليوم مع العالم العربي، ومنح وساما للعدوانية العربية المستمرة منذ أكثر من ستين عاماً).

ردة الفعل الغاضبة هذه من متطرفي إسرائيل كان يجب أن تنبه الفلسطينيين، أصحاب الشأن، إلى أن ثمة (تغير) هاماً ومفصليا في خطاب الدبلوماسية الأمريكية تجاه قضيتهم لا بد من استثماره والتعاطي معه بذكاء، والتقدم خطوات لتضييق هوة الخلاف مع الولايات المتحدة من جهة، ومن جهة أخرى محاصرة الخطاب الإسرائيلي المتطرف، لتحقيق مكاسب سياسية على أرض الواقع، وإعطاء الانطباع أن الفلسطينيين يتوقون للسلام، ويتعاملون مع أية بادرة جادة في هذا الاتجاه بما تستحق من الاهتمام؛ غير أن الذي حدث خلاف ذلك تماماً.

فبعد خطاب أوباما أعلن الناطق باسم (كتائب القسام) التابعة لحماس تعليقاً على أحداث (قلقيلية) بين السلطة وحماس خلال مؤتمر صحافي في غزة قائلاً: (سيتم التعامل مع قوات الأمن الفلسطينية في الضفة كقوات احتلال). وأضاف: (منذ اليوم كل أفراد الأمن الذين شاركوا في العملية في قلقيلية باتوا مطلوبين لكتائب القسام). وقال الناطق باسم الحركة سامي أبو زهري: (إن ارتكاب هذه الجريمة من حيث التوقيت ترحيب بالرئيس باراك أوباما خلال زيارته للمنطقة.. إننا أمام مرحلة جديدة في العلاقة مع الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية المحتلة). كما نددت حركة (الجهاد الإسلامي) بما حصل، واعتبرت أنه (يأتي في إطار الحرب المبرمجة التي تقودها حكومة رام الله ضد مشروع المقاومة في الضفة).

وهذا يعني أن مشكلة الفلسطينيين هي فيهم، وتنبع منهم، وفي انقساماتهم، وتشرذمهم، في (الدرجة الأولى)، قبل أن تكون من عدو خارجي، أياً كان هذا العدو. خطاب أوباما، على اعتبار أنه (فرصة) لو وجدت من يتعامل معها بذكاء، سينتهي إلى ما انتهت إليه كل الفرص المماثلة على مر التاريخ الفلسطيني؛ فهم -كما تقول كل المؤشرات- مشغولون بتنازعهم، وتصفية حساباتهم، وتخوين بعضهم البعض؛ وربما بتنفيذ أجندات (إقليمية) ليست قضيتهم فيها إلا مجرد قميص عثمان، أو وسيلة لتعزيز مصالح قوى إقليمية أخرى يعملون لصالحها.

للإخوة الفلسطينيين أقول: أصلحوا بيتكم من الداخل قبل أن تطلبوا من الآخرين (عرباً وأجانب) أن يساعدوكم في إصلاحه. إلى اللقاء.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد