قرأت تقريراً نشر في إحدى الصحف المحلية.. وهو تقرير مترجم عن إحدى خدمات وكالات الأنباء العالمية التي تقدم تقارير معلوماتية مهمة في قضايا مختلفة.
** التقرير يتحدث عن العمليات الجراحية التجميلية (للرجال).
** نعم.. للرجال فقط.. وكيف اتجه الرجال في السنوات الأخيرة لإجراء عمليات جراحية تجميلية.
** لست هنا لأتحدث عن الجانب الشرعي، فهذا متروك للفقهاء الأجلاء الذين يملكون القدرة على الإفتاء والحديث في هذا الشأن.. هل يجوز أو لا يجوز.. ولكن الحديث هنا.. يدور حول توجه (الرجال) لإجراء مثل هذه العمليات الجراحية.
** نعم.. الرجال.. اتجهوا في السنوات الأخيرة بشكل لافت للنظر لإجراء مثل هذه العمليات الجراحية.. حيث أشار التقرير أنه حتى عام 2007م كان مجموع ما صرفه الرجال على إجراء العمليات الجراحية التجميلية في أمريكا وحدها بلغ 12.2 مليار دولار.. وقال التقرير إن إقبال الرجال على إجراء مثل هذه العمليات الجراحية تضاعف عدة مرات.. مضيفاً أنه منذ عام 2000م حتى 2007م تضاعف إجراء مثل هذه العمليات أكثر من ثلاث مرات.. وقال التقرير إن إجراء هذه العمليات ليس ناتجاً عن مشاكل طارئة.. حادث أو حريق أو إصابة أو مرض مفاجئ.. بل هو مجرد توجه واجتهادات ورغبة من الرجال في إدخال تعديلات على الوجه بالذات.. أو على طريقة (زبرقة) الدراجات العادية (البسكليتات) قبل أربعين سنة.
** والتقرير.. يشير إلى أن بعض من يجري هذه العمليات.. هم من فئة الشباب.. الذين يريدون التقدم لشغل وظائف تتطلب مظهراً معيناً مقبولاً.. ولذلك.. فهم يجرون مثل هذه العمليات لإدخال تعديلات معينة تمنحهم هذا المظهر المطلوب لشغل وظيفة أو.. وظائف معينة يشترط لها مظهر معين.. يعني (شباب زيُون).
** والمشكلة هنا.. أننا نسمع.. أو ربما نرى في مجتمعنا من أجرى مثل هذه العمليات على وجهه.. وأدخل بعض التعديلات على شكله.. سواء الكرش أو ما حوله.
** وبعضهم قد حقن وجهه أو بعض أجزاء وجهه بمواد تُغير من الشكل.. وتجعل له مظهرية أخرى وشكلاً آخر.. يرى أنها.. الشكل الأنسب للظهور به.
** ويظهر لي.. أن مجتمعنا بفضل الله ومنته.. لا يزال مقلاً في إجرائها لأسباب شرعية أولاً.. ثم لأن الأمر في تقديري.. يعد عيباً اجتماعياً.. فليس من اللائق أو المقبول على الإطلاق أن يقوم رجل بتغيير شكل وجهه بحذف أو إضافة شيء من ملامح وجهه بالذات.
** أما شفط الكرش أو غير الكرش إذا كان ضاراً ويتعبه ويؤذيه ويُسبب له مشكلات صحية فلا بأس بذلك.. لكن أن نشاهد رجلاً عاقلاً وقد قلّص أنفه أو نفخ (شْدُوقه) أو ضخم (براطمه) أو (صَنْفَر) أو قشَّر وجهه.. فهذا والله مخجل ومؤلم وسفه ليس بعده سفه.
** لماذا يُقدم هؤلاء (الرجال) على عمل كهذا؟
** هل وصلت بنا المهانة وضعف العقل إلى هذا التصرف؟
** نعم.. هناك من تضرر وجهه بحريق أو حادث أو مرض واضطر لإجراء عملية لإزالة بعض ما أصابه.. فهذا لا بأس به.. وإن كان الرأي هنا للفقهاء.
** ولكن.. أن يقدم عاقل على تبديل معالم وجهه لأنه لم يعجبه.. أو أنه يريد شكلاً أفضل.. أو أنه يتوقع أن الوضع الجديد أفضل.. فهذا لا يليق بالرجل وليس مقبولاً منه.. بل إنني أجزم.. أن المجتمع كل المجتمع سيزدريه وسينظر له نظرة دونية.. بل من المؤكد أنه سيغير نظرته له إلى الأسوأ.
** المجتمع اليوم.. يُعيب على النساء إجراء مثل هذه العمليات.. وهنا.. لن أتطرق إلى الرأي أو الحكم الشرعي فهو متروك للفقهاء جزاهم الله خيراً.. وقد بيَّنوا الحكم في هذه المسألة بكل وضوح.. غير أنني أعتقد أن ذلك التوجه النسائي النهم لإجراء مثل هذه العمليات.. توجه غير مقبول.. بل إن بعض النساء أجرت أكثر من عملية.. ويقال.. إن بعض النساء عدَّلت في وجهها أكثر من خمس مرات.
** وإذا كان ذلك غير مقبول من النساء.. والمطلوب منهن التزين والتجمل.. فكيف يقبل ذلك من الرجال.. الذين يُطلب منهم الوقار والخشونة والجدية والرجولة؟
** نحن لا نحتج على زراعة الشعر والصلعة الملساء.. والتي وصلت إلى الرقبة من الخلف..
** ولا نحتج على زراعة الأسنان لمن فقدها..
** ولا نحتج على من أصيب بمرض أو إصابة شوّهت وجهه.
** ولكن.. نعيب على من ذهب للعيادة لإجراء عملية في وجهه دون حاجة طبية ماسة ألجأته لذلك.
** والله.. إنه من العيب أن يظهر وجه الرجل بشكل آخر.. أو أن يقدم رجل على إجراء تعديلات في وجهه.. فوق ما في ذلك من محظور شرعي.. أتركه للفقهاء وفقهم الله.