تحليل - د. حسن الشقطي:
تمكن مؤشر السوق هذا الأسبوع بإغلاقه عند 6049 نقطة من ربحية نحو 259 نقطة.. ورغم أن المؤشر سار في مسار صاعد خلال أربعة أيام من أيام التداول الخمسة إلا أن الحالة النفسية للمتداولين لم تكن مستقرة كما كانت في الأسابيع الماضية بل اتسمت بالحذر الشديد حتى رغم محفز الارتفاع القوي الذي سجلته الأسعار العالمية للنفط.. وقد أثيرت خلال هذا الأسبوع العديد من التساؤلات حول حدود تأثير الأزمة العالمية على الأوضاع المالية لبعض الشركات التي يمتلكها كبار المستثمرين في السوق، ومدى تأثير ذلك على استقرار سوق الأسهم ككل!
رواج شائعات حول وجود شراء قوي من الأجانب (اتفاقيات المبادلة)
لم تنته الشائعات حول وجود شراء استراتيجي أو دخول مستثمرين جدد إلا أن هذه المرة البعض يروج لدخول مشترين أجانب من غير المقيمين من خلال اتفاقيات المبادلة، إلا أن هذه الشائعة تعتبر مضللة؛ فالجميع سيسعد، إن حدث ذلك، ولكن ينبغي عدم التغرير به طالما لم يحدث؛ فنسب شراء الأجانب في اتفاقيات المبادلة لا تزال ضعيفةً جداً إلى درجة أنه لا يمكن أن يكون له أي تأثير في السوق؛ فقيمة مشتريات غير المقيمين طيلة مايو الماضي لم تزد على 992.5 مليون ريال.. وعليه، فإن قيمة مشترياتهم اليومية تصل إلى نحو 45.1 مليون ريال تقريباً، فهل هذه القيمة يمكن أن تؤثر في السوق؟ بالطبع لا.. رغم أن الأجانب اشتروا بقيمة 992.5 مليون ريال، وفي المقابل باعوا ما قيمته 585 مليون ريال؛ أي أنه لا تأثير حقيقي لهم على مؤشر السوق حتى الآن.
الشركات الأعلى في الأسهم الحرة
إحدى أهم النتائج التي يوضحها تقرير مايو لسوق الأسهم هو أن الأسهم الأعلى من حيث نسبة الأسهم الحرة إلى إجمالي الأسهم المصدرة هي الأعلى ربحية منذ بداية العام؛ فبالتركيز على الثلاثين سهماً الأعلى من حيث نسبة الأسهم الحرة إلى الأسهم المصدرة، تم اكتشاف أن هذه الأسهم جاءت جميعها من الأسهم الرابحة، وأن متوسط ربحيتها منذ بداية العام بلغ نحو 58% وإذا قورن هذا المتوسط بمتوسط معدل التغير منذ بداية العام لكل الأسهم المدرجة في السوق، يلاحظ أنه جاء أعلى كثيراً من المتوسط العام للسوق الذي لا يزيد على 26% أي أن هناك علاقة تبدو قوية بين نسبة الأسهم الحرة إلى الأسهم المصدرة وبين ربحية السهم.
أي أشكال الاستثمار في السوق هي الأجدى الآن؟
من المعروف أن الاستثمار طويل المدى هو الأكثر جدوى في أي سوق أسهم، ولكن هل ينطبق هذا على السوق المحلي الآن؟ الكثيرون يتكلمون عن ضرورة أن يدخل المتداولون السوق كمستثمرين وليسوا كمضاربين، ولكن كل هذا كلام نظري، ولا ينطبق على كل الأسواق في كل الفترات. والسؤال المباشر هو هل ينبغي أن يدخل المتداولون في السوق المحلي الآن كمضاربين أم كمستثمرين؟ وإذا كانوا مستثمرين فهل ذلك لفترة قصيرة أم متوسطة أم طويلة؟ إن بداية المضاربات اللحظية ليست أمراً سهلاً لجميع المتداولين، ولكنها تكون مربحة فقط لشريحة صغيرة جداً من محترفي المضاربة؛ لذلك، لابد من الاستثمار؛ فالسوق غير مستقر للاستثمار طويل المدى إلا في حالات نادرة لبعض الأسهم المستقرة سعرياً. أما غالبية الأسهم فإن الاستثمار المفضل هو الاستثمار متوسط المدى بحسب قراءة متأنية ودقيقة لواقع تحركات السوق على مدى آخر ستة أشهر.. فكل نصف عام يكون للسوق وجه جديد لابد من تفحصه جيداً.
إطلاق قائمة جديدة بنسب تملك المستثمرين في رسملة السوق ككل
أحياناً تحدث بالسوق بعض المستجدات تكشف عن ثغرات كبيرة يمكن أن تسبب اضطراب المؤشر العام.. فمع ما يثار حول تراجع التصنيف الائتماني لبعض كبار المستثمرين في السوق، أصبح واضحاً وجود ثغرة في قائمة كبار الملاك المصممة من شركة تداول والتي لا تعطي الصورة الحقيقية عن حجم رؤوس الأموال لكبار المستثمرين؛ فقائمة كبار الملاك مصممة لكي توضح قوائم المستثمرين المالكين بحصص تعادل أو تزيد على 5% لكل شركة على حدة، ولكن من الواضح أن كثيراً من المستثمرين لا يفضلون الظهور في هذه القوائم ولكنهم لا يزالون محافظين على القدرة على تسيير المؤشر كما يرون؛ أي يمتلكون القدرة على صنع المؤشر بالطريقة التي يرغبونها، وأكبر دليل أن هذه القوائم لا تستطيع إظهار حجم ونسبة تملك كبار المستثمرين في رسملة السوق ككل؛ بمعنى أنه لو كان هناك مستثمر يمتلك حصصاً تصل إلى 4% في عشر شركات، وأن هذه القيمة تصل مثلاً إلى 20 مليار ريال، فإن قائمة كبار الملاك لا تستطيع أن تظهره، على الرغم من أن هذا المستثمر يعتبر صانعاً للسوق بسهولة؛ لذلك، فإن السوق في حاجة ماسة إلى تصميم قائمة بإجمالي نسب تملك كبار المستثمرين (سواء من أفراد أو شركات) في رسملة السوق ككل.. هذه القائمة مهمة للغاية، وتعتبر مطلباً رئيسياً لكل متداول لاكتمال شفافية السوق.
(الأزمة) وهبوط المؤشر؟
نعم الأزمة المالية يمكن أن تؤثر سلباً في أي لحظة على سوق الأسهم من خلال تأثيرها على إفلاس أو تصفية أي من الشركات التابعة لأي من كبار المستثمرين في السوق والذي قد يضطر إلى اللجوء إلى تصفية استثماراته في سوق الأسهم إما لإعادة هيكلة شركاته المتعثرة أو لسداد ديونها.. هنا يمكن أن يتعرض سوق الأسهم لضربات قوية يمكن أن تقود إلى هبوط مؤشره العام، وخاصة إذا انتشرت الأخبار عن حدوث مثل هذه الأمور.. وإذا كانت الأزمة المالية قد أثرت نفسياً على سوق الأسهم خلال الشهور الماضية، فإنه ينبغي توقع أن يكون لها تأثير حقيقي في أي لحظة حال تعثرت أية شركات تابعة للمستثمرين الرئيسيين في السوق، وخاصة أن أخبار كبار المستثمرين تنتشر سريعاً فيما بينهم.
العطلة على الأبواب والحذر مطلوب
السوق الآن يبدو رمادياً بلا لون حقيقي على الرغم من أنه لا يزال فوق 6000 نقطة، إلا أن ذلك ليس دليلاً على استقراره، بل إن السوق يمر الآن بمفترق طرق، وخاصة في ظل عدم وجود محفزات حقيقية يمكن أن تضمن بقاءه فوق 6000 نقطة، فقط يوجد محفز ارتفاع أسعار النفط، ولكن ينبغي توضيح أن ارتفاع السعر العالمي للنفط قد استنفد تأثيره من خلال الأرباح الكبيرة التي أحرزها قطاع البتروكيماويات، وعلى رأسها سهم سابك الذي لامس 72 ريالاً. وإذا كانت سابك قد أحرزت قمة سريعة، فإن كل الخوف ينصب حول أن سابك ليس لديها قوة للصعود أكثر من ذلك؛ وبالتالي فإن أي اهتزاز في السعر السوقي لسابك يمكن أن يهز عرش مؤشر السوق بقوة.. أيضاً ما هو سيئ الآن أن دورة الصعود الحالية تحدث في فترة تسبق الإجازة الصيفية التي من المعروف أن السوق يركد فيها.. لكل ذلك ينبغي التعامل بحذر مع المؤشر.
محلل اقتصادي