طهران - أحمد مصطفى الخريف:
الرصاص الذي انطلق في محافظة زاهدان ( شمال غرب إيران) الذي حصد رؤوساً بريئة من أهل المدينة، مرشح للانطلاق مجدداً (كما يؤكد الخبراء الإيرانيون) ذلك، إنّ مدينة زاهدان التي تعتبر الخاصرة السنية لمدن إيران تتشكّل من طوائف سنية وأقلية شيعية، و(زاهدان) التي تحتضن (الإرث السني) في إيران، بقيت هكذا لسنين طويلة وهي تعيش فوق بركان ساخن؛ وعلى الدوام يكرر سياسيون معتدلون إيرانيون حكمة عقلانية بضرورة معالجة الجرح السني، إلا أنه لا أحد يستمع، فبدلاً عن تسوية الأمور بالطرق العقلانية، استخدم (السيف) لتسوية الأمور، في المقابل برر ذلك السيف للآخرين التسلح بالسيوف للدفاع عن النفس؛ والحقيقة أنّ سنّة إيران الذين بلغ تعدادهم (51) مليوناً يطالبون شأنهم شأن الإيرانيين الآخرين الحصول على حقوقهم في المواطنة وممارسة المعتقد بكل حرية؛ وفي رسالة بعثها برلمانيون من أهل السنّة إلى المرشحين للرئاسة الإيرانية، طالبوا فيها الشعب السني بضرورة المشاركة في الانتخابات، وطالبوا أيضا مرشحي الرئاسة بضرورة الالتفات إلى حقوق أهل السنّة، وإشراكهم في العملية السياسية، عبر تعيين وزراء ومساعدين من الطائفة السنية؛ البيان الأخير لممثلي الطائفة السنية في البرلمان الإيراني كشف عن ( ظلامة) تأريخية لحق الطائفة السنية طيلة الفترة السابقة؛ وبالطبع فإنّ زيارة الرئيس نجاد للإقليم لم تفلح لأن موكبه تعرض قبل سنتين إلى محاولة تخريبية كادت أن تضع نهاية لعمر (الرئيس) لكن المخابرات الإيرانية أخبرت الرئيس نجاد بوجود مخطط لتصفيته في طريق (كرمان) في الإقليم السني أثناء زياراته الميدانية؛ وإلى جانب تلك الحادثة شهد الإقليم السني مواجهات مسلحة ما بين العسكر وفصائل المعارضة التي يتزعمها (تنظيم جند الله) بزعامة عبد المالك ريغي؛ ورغم تحويل (زاهدان) إلى منطقة عسكرية واستلام الحرس الثوري للملف الأمني في الإقليم، إلا أن تلك التطورات لم تحد من عمليات جند الله الذين يستخدمون تكتيكات فاقت في إيقاعاتها الخطط المضادة للحرس، وربما يعود نجاح جند الله إلى معايشتهم المستمرة للواقع الجغرافي المعقد في الإقليم فهؤلاء يستخدمون عمليات (الكر والفر) التي تبيح لهم الاختباء في مناطق وعرة لا تتمكن الطائرات والأسلحة والصواريخ من الوصول إليها، إن حالات العنف التي ما زال يتسم بها الإقليم، جاءت بسبب تغليب الطابع المسلح من قبل السلطة في تسوية الأمور؛ واليوم فإن الاتفاق الثلاثي الإيراني - الباكستاني - الأفغاني في محاصرة تنظيم جند الله لم ينجح لأن الحدود الجغرافية بين تلك البلاد لا يمكن الإمساك بها، وفي اعتقاد الخبراء فإن الحل الأمثل لتلك القضايا يكمن في الداخل، فبإمكان الحكومات الدخول في حوارات مباشرة مع تلك الحركات وتلبية حقوقها إذا كانت عقلانية وإزالة مبررات وجودها، وإلا فإن الرصاص لا يمكنه أن يكون بديلاً عن العقل؛ ومثلما تحصد الرؤوس البريئة فإن الزمن لا يتوقف ومناظر الأشلاء الدامية تدمي القلوب، ذلك لأن قتل إنسان بريء إنما هو قتل لكل البشر؛ وكما يؤكد الخبراء الإيرانيون فإن فصول (الرصاص) المتدفق في زاهدان ستستمر وستحصد الرؤوس البريئة، لأن العقلاء لم يتحركوا في وضع الأصابع علي الجرح.