Al Jazirah NewsPaper Wednesday  03/06/2009 G Issue 13397
الاربعاء 10 جمادىالآخرة 1430   العدد  13397
أنت
حينما يكون النقد مطلباً للنجاح
م. عبد المحسن بن عبد الله الماضي

 

إذا لم ينتقدك أحد فأنت في الغالب لم تنجح في فعل شيء).. رؤية حكيمة تجعل من نقد الآخرين شهادات على النجاح في العمل.. وكلنا يُقر أن نقد الآخرين وآراءهم حول صفاتنا الشخصية أو ما نعمله هو دليل على الاهتمام والأهمية.. وكلنا يعرف أن نقد الآخرين هو المرآة التي نرى فيها أنفسنا وأعمالنا على حقيقتها.. لذلك فمن قصور المعرفة وضعف العقل رفض النقد.

يقال إن النجاح يبدأ دائماً بالسؤال: (لماذا؟).. ثم ينتقل إلى السؤال الثاني: (لمَ لا؟).. ثم الثالث: (لمَ لا يكون أنا؟).. وأخيراً: (لمَ ليس الآن؟).. أي أن النجاح يمر بهذه المراحل الأربع وكلها سوف تواجه بانتقادات.. فتذكر أنك حتى تسلم من الانتقاد في موضوع النجاح أو في هدفه أو في شخص صاحبه أو في توقيته فإن عليك ألا تفعل شيئاً وألا تقول شيئاً وبذلك تحكم على نفسك ألا تكون شيئاً.. وحينها لن يلتفت إليك أحد بالنقد.. لأنك صرت لا شيء.

وحتى تكون شخصاً ذا قيمة متميّزة.. يجب أن يكون قولك وفعلك مميزين.. وحتى يكون قولك متميّزاً لا تلقي الكلام على عواهنه.. ومن المهارات التي تحميك من إلقاء الكلام على عواهنه أن تتخيل حينما تتكلم عن موضوع ما أن في المكان الذي تتكلم فيه مَن هو أعلم منك فيه فهذا يحفظك من (مد رجليك).. كذلك تخيل إن أردت الكلام عن أحد ما أنه موجود في المكان الذي سوف تتكلم فيه عنه.. فهذا سوف يدفعك إلى التوازن في القول وحساب معانيه.. ويقلّل من زللك ومن ثم يضيق من مساحة النقد السلبي الموجه لك.

ذاك على مستوى القول.. أما الفعل فتذكّر أن المشي مع الحشود يجعلك في أحسن الأحوال في وسطهم.. فإذا كان هذا يكفيك فبها ونعمت وإن كنت تبحث عن التميّز والفرادة فعليك أن تجد درباً يبلغك مكاناً لا تصل إليه الحشود.. وهذا سوف يجعلك في مكان قصي منفرداً مما سوف يعرضك للنقد بكل أشكاله.. فإذا كنت لا تطيق النقد فأنصحك أن تستمر في السير مع الحشود تعيش معهم وتدفن بينهم.. وإذا كنت ذا نفس طموحة تتوق إلى المعالي فاجعل من هذا النقد قنطرة تعبرها إلى مبتغاك.. وسلماً ترتقي عليه إلى ما تصبو إليه.

يجب أن تعلم أن درجة قسوة نقد النجاح هي بنفس درجة قسوة نقد الفشل.. وهذا يثبت لك أن النجاح والفشل ليسا متضادين أو عدوين أو متناقضين.. فهما في الحقيقة متلازمين تلازم الضوء والظل.. بل إنهما يسيران في خطين متوازيين تماماً كقضيبي سكة الحديد.. لا يلتقيان لكن لن يظهر النجاح ولن نعرف قيمته دون معرفة الفشل.

وأخيراً يجب علينا جميعاً أن نعي من تجربة التعرض للنقد.. أن النفس تكره النقد بمقدار حبها للثناء.. وهذا يدعونا جميعاً أن نحرص على أن تكون كلماتنا عزفاً يطرب لا نفيراً يوتِّر في نقدنا للآخرين.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد