يدعوك رجل تحترمه ويحترمك؛ وتجيب الدعوة حبا وكرامة لذلك الرجل؛ وتطلعا إلى حديث شيق ومفيد في تلك الجلسة؛ تعتقد أنها ستكون ذات هدوء وعقلانية؛ لكنك تفاجأ بالشعراء الشعبيين يجلسون بجوار كبار الأدباء الذين أفنوا أعمارهم في القراءة والبحث والتقصي الفكري؛ فيكون له..
....مثل الند للند الآخر؛ طبعا مع الفارق العقلي والتحصيلي لدى كل منهما؛ لكنه أسلوب المجتمع الشعبي الذي يحب الظواهر الصوتية المتحركة مثل أفلام الكرتون.
كثيرون من الأصدقاء الذين أحبهم ويحبون حضوري توقفت عن حضور جلساتهم؛ لا لكره لهم؛ لكن لأني أكره أن أكون في زمرة نوعية اصطلح المجتمع على تسميتهم (مهايطية) وهؤلاء لا يهمهم أن يضحك الناس عليهم أو يضحكوا منهم؛ المهم أن يشاركوا؛ والغريب أن هذه النوعية ترتدي العباءات الفاخرة؛ وتتعطر بأفخم أنواع البخور؛ ويحمل كل واحد منهم مسبحة ثمينة في يده؛ ولا تفارقه النحنحة؛ وكأنه يقول لمن يتجاهله أو يجهله: أنا موجود ومستعد للمهايط؛ اطلبوا؛ نحن تحت الطلب.!!
الغريب أن هذه النوعية هي من طيف معروف في المجتمع؛ وقد بدأت تتفنن بشكل متقن في رفع الصوت والحضور بداع أو دونه؛ وهم يستطيعون أن يتلونوا مثلما تلون الحرباء؛ ولديهم سلاح قوي هو الهجاء أو المدح؛ ولذا تجد الأكثر يتقي شر ألسنتهم بدعوتهم للندوة أو الجلسة؛ وويل له إن لم يفعل؛ إذ تسمع منهم: أفا يا بو فلان عندك عزيمة ولا علمتنا. لاحظ (ولا علمتنا) فهو لم يقل لم تدعنا مثلا؛ لأنه بمجرد معرفته للجلسة أو الندوة يأتي مسرعاً!!
ولئن كان المهرجون في العصر الأموي والعباسي قد كثروا في بلاد البرامكة بالذات؛ فهم اليوم يتكاثرون مثل النمل الذي لا يفيد معه كل أنواع المبيدات الحشرية؛ ولديهم في وجوههم مناعة من الحياء والحشمة؛ بالرغم من أنك إذا ما رأيت أحدهم تعجبك أجسامهم؛ لكنها جوفاء وتحب الظهور مثل النامس الذي لا بد أن تلتحف خوفا من لدغاته وطنينه عند الأذن!!
فهل اكتساح هؤلاء العوام والمداحين والهجائين لكل مجالس الأدب والفكر ظاهرة صحية؛ أم هي ظاهرة تخلف تضاف إلى ظواهر أخرى جاءتنا مكتسحة الساحة بعد حرب الخليج؟!!
فاكس 2372911
abo_hamra@hotmail.com