الخدج هم أولئك المواليد الجدد الذين يوضعون في الحافظات الزجاجية وفق أدق الظروف المناخية والمختبرية، لحفظهم من الانتكاسة والمضاعفات الصحية، نتيجة معاناتهم من نقص في التكوين البايلوجي لحين اكتمال نموهم وتعافيهم، ومثل ما يحدث هذا في مستشفيات الولادة، يحدث كذلك في المحافل الشعرية والمنتديات الأدبية والتجمعات الثقافية، ونجد كوكبة من شعراء وكتّاب ومثقفين خدجاً كثراً يحاولون الخروج من حفاظاتهم الزجاجية لمناطحة عمالقة الشعر والأدب والفكر والثقافة، الأمر الذي
... يذكرنا بقصة (الضفدعة) التي بالغت في الانتفاخ للتعويض عن الشعور بالنقص وبالضالة حتى انفجرت وماتت، دون أن يبكي عليها أحد أو حتى تسقط دمعة حرّى على رحيلها، إنّ هؤلاء الذين أدمنوا لعبة بعثرة المفردات في كلام عديم اللون والطعم والرائحة تحت مسميات ثقافية كريهة ونافرة، حيث لا يشك أي أحد من المتلقين أنّ هؤلاء لا يفقهون شيئاً مما يكتبون وحتى هم أنفسهم لا يفقهون شيئاً مما يكتبون ويدوّنون، وبين عبثية إنتاجهم وحيرة القارئ المتلقي يحدث أن يتم تمرير هذا الأسلوب الذي يحاول طرح نفسه بشكل فوضوي بعيداً عن روح الإبداع الحقيقي بطرق ثعالبية ملتوية أو ضمن علاقات شخصية مع الأشخاص ذوي العلاقات النافذة، إن عمل هؤلاء الخدج الذين يدعون الثقافة والإبداع والفكر في شتى الميادين يسيئون إلى الثقافة بوجهها العام والخاص بشكل فاضح، لأنهم (اندسوا) بين صفوف الإعلام من المبدعين واندفعوا بكل قوة إلى تكسير قواعد الكلمة المسئولة ذات الطابع الفكري الخلاب وأسسوا مكانها لغة خاصة بهم غير معروفة ولا مألوفة ولا حتى مستساغة، وتتصف بالتنافر بين الكلمة والأخرى لأنها مجرّد تشكيل في صيرورة داخلية لا تخضع لأي محسنات كلام بليغة أو تجانس لغوي، والنتيجة أنّ مشروعهم (الثقافي) (مجازاً) مجرّد مشروع تخريبي خارج إطار مشاريع الإبداع والتنوير مع محاولتهم إلغاء المفاهيم التقليدية لوزن الكلمة وثقلها وإهدافها لأنهم يعملون وفق نظام ذي إصوات مركبة لها لون النشاز المزعج، إن هؤلاء الخدج آيلون للسقوط حتماً لا ضير ولا شك في ذلك، لأننا لا نجد فيما يكتبون أي شكل من أشكال التجاذب بين مفرداتهم اللغوية، بل نجد، كما أسلفت، وضوح التنافر يعمل على أشده في فوضى عارمة لها أسوأ صورة وأقبح شكل مثل امرأة عجوز دميمة وسقيمة، إنّ من المؤسف والمبكي والمحزن والذي يدعو للغثيان ومحاولة التقيؤ، أنّ مشروع هؤلاء العبثي أصبح الآن خارج السيطرة بسبب أنّ لهؤلاء، كما يتبيّن، (واسطة غير) فعّالة في الصحف وفي المنتديات وفي المحافل التجمعية الأخرى الكثيرة والمتنوعة ذات الاتجاهات المتفرقة، تساعدهم على النشر وتلقين القارئ غصباً وعنوة الكلم السيئ الضعيف والفقير، الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، أو كمثل سراب يحسبه الظمآن ماء، دون أي أدنى اعتبار واحترام لمشاعره وفكره ووقته، إنّ هؤلاء الذين يدعون الثقافة والإبداع ويتباهون في ذلك سيرون عاجلاً غير آجل أن الطائرة التي أقلتهم ستتحطم في المجهول وأن (صندوق الطائرة الأسود) سيفضح سرهم، وإن التحقيق في أمر تبوّئهم الصحف والزوايا ومنابر الأعراس والمناسبات، سيكشف سر ظهورهم وتحليقهم (المفاجئ!!) من بعد تخلف ونوم سرمدي مشكوك فيه لأنهم أصلاً غير مؤهلين البتة للظهور والبروز والكتابة حتى ولو صبغوا شواربهم وحلقوا لحاهم رغم عتي سنينهم أو حتى لو ارتدوا (بشوت) مرصعة (بالزري) الغالي النفيس وتباهوا بها، لأن هذه (البشوت) لن تستر عوراتهم الفكرية والأدبية وسقطاتهم البائنة، ولن تحمي ظهورهم من سياط النقد، بسبب أن معتقداتهم الفكرية التي يطرحونها أمام أعين المتلقي توحي جيداً وبدقة وبوتيرة عالية بضعف وتدني مستواهم العلمي والفكري والثقافي، إن كل ما يجب علينا عمله الآن هو الانتظار لتكشف لنا الأيام القادمة الحبلى بالحقائق، أن (مركى) الرمل الذي يتوسد عليه هؤلاء الادعياء غير قابل للحياة والاستمرار لأن حبات رمله حتماً ستتدحرج.
ramadan.alanazi@aliaf.com