اختار الرئيس الأمريكي الأكثر شعبية عالمياً الرياض لتكون محطته الأولى في زيارته هذا الأسبوع لمنطقة الشرق الأوسط، وقبل أن يتجه إلى القاهرة لمخاطبة العالم الإسلامي، يزور السعودية للبحث في قضايا الساعة سياسياً واقتصادياً، وطبعاً في مقدمتها قضية السلام في الشرق الأوسط ومسيرته المتعثرة حتى الآن.
من الواضح الاهتمام الكبير للإدارة الأمريكية الحالية بموضوع السلام في الشرق الأوسط وإقامة دولة فلسطينية في ظل حل الدولتين المأمول. وأوباما جاد جداً في إنجاز تاريخي للسلام في المنطقة، خصوصاً وأن قضية الشرق الأوسط أصبحت مشكلاً أمنياً لأمريكا نفسها وإحدى أبرز عوامل تغذية الإرهاب وبؤره.
المصادر الأمريكية تؤكد أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يريد من شركاء واشنطن في منطقة الشرق الأوسط القيام بخطوات إيجابية من أجل (التمهيد) ووضع الإطار الجديد لإطلاق عملية السلام بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي، والاستفادة من التجارب المتعثرة السابقة في تحقيق أي تقدم لعملية السلام مع أطراف عدة متداخلة معها.
والأهم أن واشنطن من جانبها تريد الالتزام هذه المرة بالتحرك كوسيط قوي ومحايد قد يمارس ضغوطاً على الطرفين، وقد ظهر الضغط الأمريكي العلني والمتواصل على رئيس الوزراء الإسرائيلي لوقف التوسع في المستوطنات، وتأكيد الرئيس الأمريكي على حل الدولتين الذي تجاوز نتنياهو ذكره في واشنطن، لكنه أعاد ذكرى القبول بدولة فلسطينية مع تحفظات.
والواضح أن أوباما يسير باتجاه بدء العمل فوراً مع الدول المؤثرة في المنطقة وشركاء السلام، نحو إطلاق فعلي لمسيرته. واختيار الرئيس الأمريكي للرياض أولاً يعطي مؤشرات معلنة عن قوة وأهمية الدور السعودي إقليمياً ودولياً، وهناك ملفات عدة، لكنها أيضاً تأتي في أجواء تحريك عملية السلام إيجابياً.. فالسعودية وتحديداً خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو من أطلق أهم مبادرة للسلام والتي تحولت إلى مبادرة عربية بالإجماع في قمة بيروت. كما أن الرياض ظلت ملتزمة بخيار تحقيق السلم والاستقرار في الشرق الأوسط كمحدد ثابت في السياسة الخارجية.. لكن هذا لا يعني أن السلام أصبح أمراً قريباً، يمكن توقع حدوثه خلال السنة الأولى من دخول أوباما البيت الأبيض أو حتى الثانية، وإمكانية تحويله واقعاً على الأرض يحتاج إلى سنوات.
لكن لنتذكر أن المنطقة جربت كل شيء إلا السلام، وقد يحين الوقت ليصبح السلام خياراً وحيداً، لكن ذلك يحتاج للكثير على الأرض، أرض بقيت دائماً مقراً لصراع تاريخي شبه أبدي.. الأكيد أن السلام يبقى هو الخيار النهائي، لكن لا أحد يمكن له أن يحدد متى سيتحقق السلام في الشرق الأوسط.