الجزيرة - ياسر المعارك
في الحلقة السابقة طرح تذمر أعضاء هيئة التدريس من اللائحة الجديدة وما تضمنتها من مخالفات وغموض في العديد من جوانبها كما اشتكى عمداء كليات التقنية من استئثار المسؤولين بالمؤسسة بالقرارات دون استشارة أصحاب الخبرة والمعنيين ما أضر بمستقبلهم الوظيفي ما لحقه من رغبة شديدة في تقديم الاستقالات والبحث عن بيئات وظيفية وتعليمية مستقرة.
وفي الجزء الثاني يشتكي أعضاء هيئة التدريس من الرؤية الاستراتيجية لقرار إيقاف الابتعاث لدرجة الدكتوراه والاقتصار على درجة الماجستير وتزايد الأصوات المطالبة بتحويل المؤسسة تحت مظلة التعليم العالي لمتطلبات المرحلة المستقبلية التي تعتمد على التقنية وارتباطها بسوق العمل والمفاجأة من العيار الثقيل من رفض الجامعات قبول خريجي البكالوريوس وهو ما أدى إلى سفر أبنائنا إلى الدول المجاورة بعيد عن أحضان وطنهم وأسرهم فإلى الجزء الثاني:
الجامعة التقنية
قال الأستاذ المشارك والمشرف العام على شؤون الكليات سابقاً الدكتور علي السلطان أنه حان الوقت لتحويل المؤسسة إلى جامعة تقنية ما يؤدي الرفع من مستواها منوهاً انه انضمام الكليات التقنية إلى وزارة التعليم العالي سيكون له دور هام وفاعل في تطوير وتجسيد مخرجات القوى العاملة الشابة السعودية وسيعزز علاقتهم بسوق العمل في كل الاتجاهات الخاص والعام منوهاً أن هذا المحور يعد من أهم أولويات ومتطلبات المرحلة القادمة.
وقال المدرب (ب ع) ان المتمعن في مستوى الخريجين ومتطلبات سوق العمل يدرك مدى أهمية تطوير الكليات وان تحول المؤسسة إلى جامعة عريقة فالتدريب لن يأتي بلا تعليم والتدريب يرتكز على العلم والمعرفة.
وأشار أن نسبة التعليم تتجاوز 80% وهو ما يستدعي إلى التركيز عليها وتحويلها إلى جامعة عريقة متخصصة بعلوم التقنية وفروعها.
مخرجات 30 عاماً
عدم وجود أثر لمخرجات 30 عاما للمؤسسة في سوق العمل وما خصص لها من ميزانيات ضخمة قال السلطان ان سوء الإدارة منذ ان أنشأت المؤسسة وتراكمات عقود فقد حاولت في السابق عندما كنت مسؤولاً عن الكلية التقنية ان أعزل الكلية التقنية وأنقلها إلى وزارة التعليم العالي إلا ان هذه الخطوة أوقفت بحجة ان المسؤولين بالمؤسسة يقولون ماذا سيبقى لنا فقط المعاهد والمراكز.
وعند تلبية متطلبات سوق العمل ومستوى خريجي المؤسسة أبان السلطان ان المشكلة إدعاء المؤسسة بأنها تقوم بجانب تدريبي في حين ان المستوى ضعيف وإمكانات التربية ضعيفة وكل مشاريعها التدريبية غير ناجحة.
مفاجأة من العيار الثقيل
كشف عضو هيئة التدريس عن مفاجأة من العيار الثقيل من ان حامل درجة البكالوريوس من خريجي كليات التقنية لا يجد أي قبول لمواصلة دراسته في درجة الماجستير لدى الجامعات السعودية بسبب تحفظ الجامعة على مستوى خريجي المؤسسة وبالتالي لن يستطيع تكملة دراسته العليا كذلك خريجي كليات التقنية الشهادة الدبلوم لا تعدو كونها دبلوم وظيفي فقط في حين لن يتم النظر لها في الجامعات السعودية كونها غير معترف بها تعليمياً.
وأهاب الجهات الحكومية المعنية ومجلس الشورى إلى فتح هذا الملف الساخنة وبحث تداعياته على مستقبل الشاب السعودي وإعادة النظر في مراجعة أهداف المؤسسة بنظرة علمية وميدانية شاملة بعيداً عن التقارير الإعلامية التي يتم التباهي بها حول إعداد المتدربين وخريجها ومراجعة مقدار الميزانية السنوية للمؤسسة ومدى نجاحها في ايجاد مخرجات فاعلة وتلبي احتياجات سوق العمل.
منوهاً بأن النتيجة الطبيعية لتلك المشكلات ستصب في مجرى البطالة من خريجي المؤسسة أو الذهاب إلى الدول المجاورة لإكمال الدراسة لعدم اعتراف جامعات البلد بها.
مشكلة المناهج
الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز العتيق أستاذ مشارك في قسم التقنية الإدارية بالكلية التقنية بالرياض وأمين مجلس الكليات وأمين المجلس العلمي وشؤون الطلاب سابقاً قال انه يتوجب وضع رؤية واضحة للمؤسسة وما هو دورها والفجوة الواقعة بين مخرجات المؤسسة وقطاع الأعمال حتى هذه اللحظة لا نعرف دور المناهج فلا دور لأعضاء هيئة التدريس في وضع هذه المناهج ولا يوجد أي مراجعة دورية وتحديث لمحتوى المناهج.
على سبيل المثال مادة السلوك الوظيفي المفترض يدرسها قسم التقنية الإدارية إلا أنها مضافة لقسم الدراسات العامة وهذه المادة ليست من اختصاصهم ومن وضع محتوى المنهج.
وشدد العتيق على أهمية تطوير المناهج وإعادة هيكلتها وتحديثها من قبل فرق عمل مؤهلين كلاً في اختصاصه بما ينصب في خدمة الوطن والمصلحة العامة.
هروب من القرار
وقال أحد المحاضرين الذين حفيت قدماه وجف لسانه وهو يطالب بابتعاثه لنيل درجة الدكتوراه ان المؤسسة تدعي بأن هناك توجيها ساميا يإيقاف الابتعاث لدرجة الدكتوراه إلا أنهم يرفضون إبراز هذا الخطاب.
وأشار ان هذا غير منطقي فالدولة حفظها الله أبدت توسعاً كبيراً في فتح باب الابتعاث وما برامج خادم الحرمين الشريفين إلا خير مثال على ذلك والدولة تقوم بالتكفل بكافة المصاريف حتى تخرج كفاءات سعودية لمستقبل مشرق وان عدم إبراز المؤسسة لأمر المنع ما هو إلا دليل على وجود أمرها.
في حين ذكر السلطان ان المؤسسة خاطبت المقام السامي بأنها مراكز تدريب ولا تحتاج إلى المؤهلات العليا وحاجتهم محصورة على مدربين ودرجة الماجستير في أحسن الأحوال وهذه الفكرة صادرة من المؤسسة بنية إغلاق باب الشكاوى والدعاوى القضائية لديوان المظالم بحجة توجيه المقام السامي الذي وضع ثقته فيهم والمفترض على استراتيجية تخص الدراسات العليا ان يتم أخذ رأي وزارة التعليم العالي.
إلغاء الابتعاث
وأضاف السلطان ان إحدى المشاكل الجوهرية والساخنة هي قرار المؤسسة بمنع ابتعاث المعيدين والمحاضرين وعدم السماح لهم بإكمال الدراسات العليا ونيل درجة الدكتوراه بدعوى أن المؤسسة لا تحتاج في حين أن أي تقنية لا تقوم على العلم والمعرفة فليست تقنية وكأن المؤسسة تريد إبقاء التقنية دون تطوير بل لن نستطيع نقل التقنية العالمية إلا بكوادر سعودية بل ان احد المسؤولين ظهر عبر قناة الإخبارية قائلاً ان المدرب القادم من ورشة يستطيع ان يقدم أكثر مما يقدم الأستاذ الأكاديمي.
السجن المؤبد
لم يعد لدي باب إلا وطرقته ولم يعد بيدي سوى تقديم الاستقالة والمخاطرة برزقي ورزق أولادي، فأنا الآن محروم من اكمال الدكتوراه ومحروم من النقل.. فماذا أعمل هل حكم علي بالسجن المؤبد داخل أسوار المؤسسة تلك هي كلمات المحاضر الذي أصابه اليأس من رفض المؤسسة ابتعاثه لإكمال دراسة الدكتوراه ويقول تم قبولي على وظيفة (معيد) في احد الجامعات علماً بأنني اشغل وظيفة (محاضر) فذهبت إلى نائب المحافظة للتطوير والتخطيط لطلب منه نقل خدماتي إلا أني صدمت بإفادته لي ان أمر الانتقال شبه مستحيل وعند سؤالي عن الاستقالة ان كانت آخر الحلول ذهلت بأنه لا مانع لديهم بشرط هم من يحددون وقت الاستقالة!!
حقيقاً لا أعمل ما هو المغزى في ذلك فكلا الحالتين بالنقل أو الاستقالة سوف اترك لهم وظيفة شاغرة ولن يتأثر نظام المؤسسة بل أنا من هو المتأثر، فبعد السؤال عن الاستقالة تبين لي أن نظام الخدمة المدنية يلزمني بالبقاء ستة أشهر فترة فصل عند الانتقال من عمل لآخر وخلال هذه المدة لا أضمن سريان قرار قبولي بالجامعة!
دعاوى قضائية
كشف عضو هيئة التدريس بندر الأحمد وبالأوراق الثبوتية ان قرار عدم الابتعاث لدراسة الدكتوراه أدى إلى زيادة حدة الاحتقان من الهرم القيادي الإداري الذي يأخذ عليه استئثاره بالقرار المركزي وتعنته عن الرجوع عن الخطأ ومراعاة مصالح الآخرين ما أدى لجوء أعضاء هيئة التدريس إلى ساحات ديوان المظالم التي قبلت حتى تاريخه أكثر من 5 دعاوى تطالب فتح الابتعاث لنيل درجة الدكتوراه.
مشيراً بأنه لو كانت هناك جهة رقابية لما وصل بنا الأمر لهذا المستوى ونحن أعضاء هيئة التدريس تمثل شريحة من نخب المجتمع وان ندخل المحاكم ضد مؤسساتنا المفترض في حال ثبوت حقنا ان تكون هناك بمبادرات لتغيير الفكر الإداري ومن تسبب بهذا الألم لنا.