Al Jazirah NewsPaper Friday  29/05/2009 G Issue 13392
الجمعة 05 جمادىالآخرة 1430   العدد  13392
رجال في زي النساء.. باطل يراد به حق
د. وحيد بن حمزة عبدالله هاشم

 

بين الحقيقة والواقع يوجد الكثير الكثير من التناقضات الفكرية والمتناقضات العقدية التي تصنعها وتروج لها عقول البعض ممن خرجوا عن الواقع بغرور، وتاهوا عن الحقيقة بجهالة، في محاولات يائسة منهم للإبقاء على حالة الصراع والاقتتال في ربوع العالم الإسلامي عامة وفي دولة الباكستان الشقيقة التي تعد الدولة النووية الإسلامية الوحيدة في العالم الإسلامي.

وما بين البحث عن الحلول الإرهابية المشبوهة، وبين من يحرصون الإبقاء على حال الأزمات وواقع الخلافات المستعصية في العالم الإسلامي، يبقى الواقع الإسلامي الحقيقي على ما هو عليه ثابتاً في عقيدته محصناً بمعتقداته ماضياً بثبات في مسيرته على الرغم من تلك المعوقات المغرضة والمضللة للبعض ممن حملهم موج التشدد والغلو العاتي إلى دروب الضياع والفناء.

في عقول هؤلاء الخونة الذين ضلوا طريق الحق والسواء وغرقوا في مستنقع التطرف، يسود الاعتقاد بأن مهمتهم تتمحور برمتها في ضرورة الجهاد ضد المسلمين في دار الإسلام والمسلمين، لذا فإن الذي يفهم حتى الآن من هذا النسق ومن ذاك السياق، أنهم عقدوا العزم كل العزم على الإضرار بمصالح الدول والشعوب الإسلامية لمصالح أعداء الأمة الإسلامية أولاً وأخيراً.

وبات من الواضح، فيما لو أردنا تبسيط هذا الواقع وتلك الحقيقة المفروضين على العالم الإسلامي، أن حركة طالبان الأفغانية والباكستانية تعطي الأولوية القصوى لمحاربة دولة الباكستان الشقيقة رغماً عن الحقيقة الناصعة التي أخفيت عن وعي الجماعات المسلحة من قبل زعاماتها التي تواصل حركة القتال اليائس ضد القوات الشرعية الرسمية الباكستانية. لذا بات معروفاً لكافة الشعوب الإسلامية، التي ترزح تحت طائلة العنف العقدي غير المبرر، أن زعامات الجماعات المسلحة تفعل ما بوسعها لوقف مسيرة العالم الإسلامي التنموية ووأد نموه وتطوره وإهدار موارده وثرواته.

العنوان العريض، والرسالة الواضحة التي تنضوي تحت مظلتها تحركات وسلوكيات الجماعات الإرهابية المسلحة وزعاماتها بات واضحاً كالشمس لعيون كل مسلم يعيش على وجه الأرض. ومع هذا ورغماً عنه، تواصل زعامات الجماعات المسلحة القتال طالما كانت هناك طوابير خامسة تدعمهم وتغذيهم وتحرضهم على نشر الفتنة في العالم الإسلامي.

هنا تحديداً مكمن الخطر، خصوصاً في هذه المرحلة بالذات، مرحلة الفتنة، فالحال غير السوي هذا سيبقى على ما هو عليه إلى أن يتم القضاء على منابع الضلال والتحريض الفكري، وإلى أن يتم تجفيف مصادر دعمها وتمويلها المادي، أخيراً إلى أن يتم تصفية كافة عناصر الضلال والتحريض والاستلاب الفكري.

هذا هو بكل وضوح واقع الحال، وتلكم ديدن الحقيقة التي تؤكدها إلقاء السلطات الباكستانية القبض على خمسة رجال متخفين بالزي النسائي كانوا من ضمن مجموعة مسلحة تسللوا للباكستان من منطقة كونار الأفغانية في محاولة يائسة منهم للدخول إلى باكستان بهذه الطريقة المخجلة لا بل والمشينة بغرض المشاركة في القتال ضد القوات الباكستانية المسلمة. فيا لهذا التنكر والتخفي!! ويا لهذا الهدف النبيل الذي فرض عليهم السفر من أفغانستان إلى الباكستان!

هذه هي بكل أمانة غاية زعامات الجماعات الإرهابية المسلحة التي إما أن تسود المجتمع الإسلامي بالقوة المفرطة، أو أن تصل إلى السلطة في الدول الإسلامية بمنطق العنف الأعوج، أو أن تكون رديفاً وحليفاً للطوابير الخامسة التي كانت ولا زالت مصدراً رئيسياً من مصادر عدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي.

هل نعجب إذن إن تواصل هؤلاء في اعتناق فكر التطرف والغلو؟ وإن حرصوا على الترويج لذلك الفكر الذي يستهدف محو المصلحة العامة من أجل تحقيق مصالح فئوية وفردية؟

وأخيراً إن استخدموا أزياء النساء وتنكروا فيها من أجل تحقيق تلك الأهداف والمصالح؟ لا عجب في ذلك إطلاقاً، فالعجب كل العجب يكمن في وجود من يقتنع بهم ويؤمن بأفكارهم ويحرص على التخفي حتى بزي النساء من أجل خدمتهم والإضرار بمصالح العالم الإسلامي.



drwahid@email.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد