Al Jazirah NewsPaper Thursday  28/05/2009 G Issue 13391
الخميس 04 جمادىالآخرة 1430   العدد  13391

عن التعدد.. عذراً بنات جنسي
نورا العلي

 

مسألة تعدد الزوجات ليست بالأمر الهين السهل، وليست كل امرأة تصلح لأن تكون زوجة لرجل معدد، ولا كل رجل يصلح لأن يعدد الزوجات.

لست هنا بصدد شرح مسألة التعدد وأسبابها والأدلة عليها، لأن ذلك ميسر لمن أراد الاطلاع عليه، إنما أحببت طرح وجهة نظر خاصة، وعذراً بنات جنسي إن تسببت في ازعاجكن، وقض مضاجعكن، إنما هي وجهة نظر ناتجة عمّا عايشته مع بعض النماذج النسائية التي وهبها الله عقلاً راجحاً، وفهماً لمعنى الحياة، وإدراكاً لضرورة تفرغها لنفسها قليلاً، وإن كان الأمر في بدايته مزعجاً ومؤرقاً ومحرجاً، إلا أنه مع الوقت تتضح الرؤية وتتجلى الفائدة، فالله سبحانه لم يشرع شيئاً إلا وفيه خير كثير فهمنا ذلك أم قصر عنه فهمنا.

تجري الأمور على وفق القضاء وفي

طي الحوادث محبوب ومكروه

فربما سرني ما كنت أحذره

وربما ساءني ما كنت أرجوه

الرجل ليس إلهاً تعبده الأنثى، لكل إنسان في هذه الحياة دور يؤديه، ولكل إنسان إنسانيته، حياته الخاصة، والمرأة إن لم يكن لها اهتمامات وأهداف لن تشعر بوجودها كفرد فعال منتج، وسيتقوقع اهتمامها في فلك الزوج، أين ذهب؟.. ماذا يفعل؟.. من يحدث بماذا يفكر؟.. وتستهلك وتهدر وقتها في مراقبته، فتتأجج داخلها نار الشك والغيرة.

في نظري.. المرأة التي ترضى بالتعدد وتصلح أن تكون زوجة لرجل معدد من غير مرض ولا عقم أو غيره من الأسباب التي يتيح فيها الشرع والمجتمع الزواج بأخرى، امرأة ذات شخصية فذة، واعية، مدركة لدورها وحقها في الحياة، حريصة على أن تترك بصمة وأثراً في كل مكان تتواجد فيه، تتفاعل مع المجتمع، تساهم في حل مشكلاته.

أما أن يتحجم تفكيرها، وتدور كل أنماط حياتها في فلك الزوج، فهذا ضياع لمعنى الحياة.

إن كان الزوج يعي ويدرك حق المرأة المشاركة في الحياة، وأنها إنسان مستقل، وشخصية ذات كيان خاص، ويتعامل معها على هذا الأساس، ولا يخطر بباله الزواج من غيرها، ويكتفي بأن تشاطره الحياة امرأة ذات عقل راجح، واهتمامات شخصية هادفة ويتعامل معها جلّ أوقاته كإنسان لإنسان، ويتنازل بالمقابل عن كثير من الخدمات التي يستطيع القيام بها بنفسه، فهذا ما ترجوه كل أنثى لها دور فاعل.

وهذه النوعية من الرجال نادرة، والسواد الأعظم منهم يريد الزوجة في البيت كظله الذي لا يفارقه، حتى إنه لا يستطيع شربة الماء دونها، والبعض منهم يسرف في السهرات والولائم مما يؤدي إلى استهلاك طاقة الزوجة وعدم تمكنها حتى متابعة واجبات أولادها المدرسية، وكم من النساء تعيش بمعزل عن الناس، وقد تحجم تفكيرها، بل عقم، نتيجة لأثره الرجل واستبداده وتسخيره لها في خدمة مطالبه وأهوائه، وهؤلاء من وجهة نظري الأسلم لهم ولهن التعدد، وماذا يضيرها في أن تساهم معها أخرى في خدمته وتلبية رغباته ومتطلباته لتتفرغ بعضاً من الوقت لنفسها، وتثري حصيلتها الثقافية، وتطلع على كتب في الأشياء التي تناسبها وتناسب ميولها، وتقرأ وتثقف نفسها في كيفية تربية النشء والعناية بنفسها، وإدارة المنزل، وابراز قدراتها الكامنة وتوسع من دائرة اهتماماتها التي تشعرها بوجودها ودورها في الحياة، فالتي ترضي بالتعدد، قناعة لا استسلاماً وخضوعاً وإنما فهم للحياة ولطبيعة نفسها فهي تعي حقها في أن تكون عضواً فعالاً ومشاركاً، وليست مسخرة تسخيراً تاماً لخدمة الزوج، والذي تصب الكثير من النساء كل اهتمامها به.

ثرى.. أين هي التي تثبت للجميع بأنها إنسانة لها كيان مستقل وأفكار بناءة ودور فاعل، بغض النظر عن كونها زوجة أولى أو ثانية أو ثالثة أو رابعة؟

مما أثار فضولي للكتابة في هذا الموضوع قول البعض من النساء بأنهن لا يرفضن التعدد رفضاً تاماً لكنهن يخشين نظرة المجتمع، وشماتة فلانة وغمز ولمز علانة حيث فضل أزواجهن عليهن زوجات أخريات، ويزداد خوفهن من ذلك لعدم عدل الأزواج في المعاملة بين الزوجات والأبناء، إذن فالسبب الأول في نبذ التعدد هم الرجال لا النساء.

وليس كل رجل يصلح لأن يعدد، فهذه المسألة لا يقوم عليها إلا رجل حصيف، ذو حنكة وإدارة جيدة بحيث لا يغفل عن أولاده وبيته الأول أثناء وجوده في البيت الثاني، وأن يجد في نفسه وماله وعقله قدرة على إدارة أكثر من بيت وإلا فبيت واحد يكفيه وكما يقال (يخب عليه).

قال تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً}.

الحب المطلق لله سبحانه ثم لرسوله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وما عدا ذلك فلهم حقوق، ولنا عليهم واجبات.

آخر الكلام:

سبحان رب العرش متقن صنعه

ومؤلف الأضداد دون تعاند

- القريات


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد