من المسؤول في الحياة السلوكية؟ الفرد أو المجتمع؟ إنه سؤال يعكس الدور السلوكي للناس في الحياة العامة أهو مطروح على الفرد أم على المجتمع؟ خاصةً في الأمور السلبية والانحرافات السلوكية في الحياة بصفة عامة. إذ الفرد يشكّل المجتمع، والمجتمع يتشكّل من الأفراد. ولكن المجتمع هو الذي يتبنى الفرد، والفرد يتربى في أحضانه أو يسلك سلوكه من خلال هذا المجتمع فعليه المسؤولية! أليس كذلك؟ أم أن هذا الفرد هو الذي يتحمّل هذه المسؤولية من خلال سلوكياته سواء كانت منحرفةً أو سوية؟ فالتبعة بعد ذلك عليه لأنه فردٌ من هذا المجتمع الذي يتشكَّل من أمثاله فهو مثال لهم ولهذا المجتمع الكبير فرداً فرداً. إن الفرد في المجتمع هو العامل المحرّك للحياة لذلك يرى بعض رجال الاجتماع وعلمائه أنه المسؤول في هذه الحياة فكراً وسلوكاً، انحرافاً واستقامة، هو نفسه المسؤول دائماً. أما المجتمع فهو الذي يتحرّك مع الفرد أينما تحرّك ويسير معه أينما سار مع أنه هو الذي يحرّك هذا الفرد حتى ليكاد أن يجعله خادماً لهن فأيُّ ظلمٍ يقع على الفرد بهذا التوجه المجتمعي العام؟ وبهذا الأسلوب المعمم؟
إن الحياة الإنسانية والاجتماعية، حياة مسؤولية بين الفرد والمجتمع على حدٍ سواء، يتقاسمان هذه المسؤولية بينهما، كلٌّ يأخذ نصيبه ويتحمّل مسؤوليته بحكمةٍ وقوة ويتفكر ويتدبر في هذه المسؤولية بعقل حتى يتعرّف عليها ومن ثمَّ يعرفها ويتحرّك على العمل بها والحفاظ عليها لأنها باتت جزءاً من حياته الخاصة والعامة سواء الفردية والمجتمعية. فالمسؤولية عامة، هذا يحمل جزءاً، والآخر يتحمّل الجزء الآخر وهكذا دواليك.
إن المسؤولية بين الفرد والمجتمع مسؤولية مشتركة في الحياة عامةً ولا ينبغي أن يتنصَّل منها أي فريق من الفريقين، إذ هي قاسم مشترك بينهما وصلةٌ لهما وإحسانٌ بهما في الحياة الإنسانية والاجتماعية والفردية والمجتمعية فما عليهما إلا تحمّلها ببسالة وشجاعة وتحكُّمٍ وإحسان حتى تكتمل المسألة ويتزن الميزان بين الفرد والمجتمع والإنسان والجماعة وهذا شأن يغني الطرفين بما لهما وما عليهما من الواجبات الاجتماعية والفردية والمستحقات القانونية والمالية والأمور الشرعية والنظم العامة التي توفر لهما كل الحقوق وترعى مصالحهما الإنسانية والاجتماعية، الفردية منها والمجتمعية، فالفرد له حقوق كما للمجتمع حقوقه، كلٌّ حقه مشروع، وكلٌّ أمره مبتوت. له ما له وعليه ما عليه من التبعات والشؤون والأمور المتعارف عليها إنسانياً وأدبياً اجتماعياً ودينياً حياةً ومعاشاً عملاً وعلماً. هذا ما يشرِّعه الشرع ويكتبه القانون للفرد والمجتمع معاً، فعليهما اتباع النظام العام والقانون المدني والأمر الشرعي، وعلى الإدارات ذات العلاقات المراعاة لهذه الحقوق للأفراد والجماعة وللفرد والمجتمع بالذات.