يصادف يوم الثامن والعشرين من شهر مايو ذكرى تأسيس أول جمهورية في الشرق الإسلامي ألا وهي جمهورية أذربيجان الديمقراطية وفي مثل هذا اليوم من عام 1918م أعلن عن قيام الدولة الأذربيجانية المستقلة التي لم يستمر عمرها إلا 23 شهرا فقط غير أنه كانت هذه الفترة وجيزة مرحلة ساطعة في تاريخ الشعب الأذربيجاني حيث مكنته من ممارسة السياسة المستقلة دون التدخل أو السيطرة الأجنبية.
وفي شهر إبريل من عام 1920م دخلت القوات السوفيتية أذربيجان وأقيم فيها الحكم السوفيتي ومنذ ذلك التاريخ وحتى أكتوبر عام 1991م كانت أذربيجان في تركيبة جمهوريات الاتحاد السوفيتي.
لقد أعلن المجلس الأعلى للجمهورية عن إعادة السياسة والاستقلال للبلاد.
وبعد انتخاب الزعيم القومي الراحل حيدر علييف رئيسا للدولة اتخذت القرارات الرامية إلى إجراء الإصلاحات الجذرية في جميع مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية.
وفي الحياة الاجتماعية أجريت في عام 1994م بموجب توجيهات الرئيس حيدر علييف الحكيمة الانتخابات الديمقراطية الحرة النزيهة إلى برلمان الجمهورية المسمى بالمجلس الوطني كما أقر عن طريق الاستفتاء الشعبي أول دستور للجمهورية المستقلة الفتية.
أما في الحياة الاقتصادية تم اتخاذ الخطوات العملية للانتقال من نمط الاقتصاد الاشتراكي إلى اقتصاد السوق الحرة وأصدرت قيادة الجمهورية العديد من القوانين بهذا الشأن. ووضع برنامج الخصخصة بهدف نقل المنشآت الخاصة للدولة إلى القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية.
وتعد أذربيجان اليوم في طليعة البلدان التي استقلت نتيجة تفكيك الاتحاد السوفيتي عام 1991م من حيث النمو الاقتصادي.
إنها أبرمت العديد من الاتفاقيات مع كبريات الشركات العالمية من أجل تنقيب واستخراج ونقل النفط الذي يعد من ثرواتها الإستراتيجية الأساسية وقد بلغ إجمالي المبلغ للاتفاقيات المبرمة 20 مليار دولار أمريكي.
إن هذه الأمور تدعو إلى الأمل والتفاؤل بالنسبة إلى مستقبل الجمهورية من الناحية الاقتصادية.
وتنتهي في الوقت الحاضر الأعمال المرتبطة بمد خط الأنابيب لنقل البترول والغاز إلى الدول الخارجية ومن ضمنها الأوروبية.
وأحرزت جمهورية أذربيجان تحت قيادة الرئيس الراحل حيدر علييف نجاحات ملموسة في سياستها الخارجية وكانت قد أسست عرى الصداقة والتعاون مع البلدان المسلمة وفي طليعتها المملكة العربية السعودية حيث اندفعت هذه العلاقات اندفاعا ملموسا بعد زيارة فخامته إلى المملكة عام 1994م.
وتكون نجاحات أذربيجان في شتى مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية أكثر نجاحا ما لم يكن هناك العدوان الذي قامت به جمهورية أرمينيا المجاورة على أراضي أذربيجان في الأعوام 1988 - 1993م والذي من خلاله تم احتلال 20% من أراضي أذربيجان من قبل قوات أرمينيا المسلحة وتشريد أكثر من مليون مواطن أذربيجاني من ديارهم الأصلية.
لقد أدان المجتمع الدولي ولا سيما الدول الإسلامية هذا العدوان السافر الذي وضع العراقيل الجديدة أمام أذربيجان شعبا وحكومة في توجهها نحو الأمن والاستقرار واتخذ مجلس الأمن للأمم المتحدة عدة قرارات يطالب فيها أرمينيا سحب قواتها من الأراضي الأذربيجانية المحتلة وعودة المشردين الأذربيجانيين إلى ديارهم كما شجبت منظمة المؤتمر الإسلامي التي وقفت إلى جانب قضية أذربيجان العادلة هذا العدوان واستنكرت الممارسات غير المعترفة بها دوليا للطرف الأرميني ضد الشعب المسالم في أذربيجان.
إن الشعب الأذربيجاني يقدر للمملكة العربية السعودية وقوفها إلى جانبه في المحافل الدولية كافة ويشيد بالدور القيادي الذي تقوم به المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين لخدمة مصالح العالم الإسلامي.
وقد كانت الزيارة التي قام بها فخامة الرئيس الهام علييف رئيس جمهورية أذربيجان الذي تولى رئاسة الجمهورية بعد وفاة أبيه الرئيس الراحل حيدر علييف على اثر الانتخابات عام 2003م إلى المملكة العربية السعودية في شهر مارس الماضي خير دليل على مواصلة السياسة الخارجية للجمهورية لتعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين.
كما أن الزيارة التي قام بها فخامة الرئيس الهام علييف للمقدسات الإسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنورة أظهرت مرة أخرى انتساب أذربيجان إلى العالم الإسلامي وعمق العرى التي تربط بها أذربيجان بالدول المسلمة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
وفي الوقت الحاضر أقيمت العلاقات الثنائية النشطة بين وزارات وشركات القطاع الخاص لبلدينا، والجانب الأذربيجاني يبذل كل ما في وسعه للتطوير اللاحق لهذا التعاون ويمكن القول أن هناك توجد كل المكونات لتوسيع العلاقات القائمة على أساس احترام السيادة والاستقلال وعدم التدخل بشؤون الغير والأخوة والصداقة.
إن الشعب الأذربيجاني لواثق تماما أنه بالدعم والمساندة من قبل إخوانه وأصدقائه وبالعمل الدؤوب من أجل استتباب الأمن والسلام في وطنه سيأتي يوم يتغلب فيه على جميع صعوبات هذه المرحلة التاريخية وتتحول الجمهورية إلى إحدى بلدان العالم المتقدمة.
(*) سفير جمهورية أذربيجان في الرياض