مجال الأعمال الخيرية متعددة، ويشكل إنماط مسارات متعددة بعد أن توسعت آفاق أهل الخير، وبخاصة ملاك وأصحاب الشركات والمؤسسات التجارية، سواء الشركات العائلية أو المساهمة وحتى المؤسسات الفردية، وبعد أن كنا نحصر إسهاماتنا الخيرية في بناء المساجد، وهو أفضل الأعمال وأكثر نبعاً للحسنات والخير، إلا أن أهل الخير أدوا المهمة وزادوا، والحمد لله أصبحت بلادنا مزروعة بالمساجد، ومع مطالبتنا بالمزيد وبخاصة في القرى والهجر والأحياء الجديدة، إلا أن أهل الخير تلمسوا أوجهاً للخير عديدة، فأخذت تتنوع الإسهامات الخيرية والأعمال التي تنفع المجتمع، وبرأيي أن هذه الأعمال والمشاريع طالما أن الذي قام بها يسعى إلى مرضاة الله، وأن عمله يهدف إلى خدمة عباد الله تقرباً لخالقهم، فإن هذا يدخل في موازين أعمال هؤلاء المحسنين، كما أن التوسع في إقامة المشاريع الخيرية وخدمة المجتمع يعد واجباً شرعياً ووطنياً، وتعتبر زكاة للأموال التي يجنيها أصحاب الشركات والمؤسسات التي تحقق الأرباح وتستفيد من خيرات الوطن.
لهذا فإن على الشركات والمؤسسات الوطنية واجب الإسهام في تقديم الخدمات لأبناء الوطن وخدمة المجتمع في المجالات التي تشهد قصوراً، أو تلك التي تحتاج إلى تكثيف وإلى مبادرات مبتكرة تعمل على رفع المستوى الثقافي والعلمي والحضاري لأبناء المملكة. ومن هذه المبادرات الإسهام الجيد الذي تقدمه المجموعة الفيصلية، فمن خلال الشركات الإلكترونية الحديثة، أسهمت المجموعة منذ أكثر من أربع سنوات ولا زالت في إنشاء (محضن لإنتاج علماء سعوديين)..!! كيف؟..
بكل بساطة، وبفكرة مبتكرة ولطيفة تعتمد على اعتماد التعليم من خلال حث أبنائنا السعوديين على ابتكار مشاريع واختراعات علمية.. أو ببساطة أكثر (التعلم من خلال الترفيه) وتعتمد الفكرة التي تنفذها الشركة الإلكترونية الحديثة، إحدى شركات مجموعة الفيصلية مع شركة سوني العالمية على تقديم جوائز للطلبة الذين يتوصلون لاختراع وتصميم لعبة تعتمد على تطبيق نظرية علمية (فيزيائية أو كيميائية) من خلال الفروع العلمية (الحركة - الطاقة) ويشارك في هذه المسابقة الطلبة والطالبات على مستوى المنطقة وصولاً إلى جميع الطلبة والطالبات في المملكة من عمر التسع سنوات إلى 14 سنة، ولهذا فإن الجائزة موجهة للنشء، لتشجيعهم على تقريب فهمهم للنظريات العلمية من خلال التطبيقات العملية، وذلك بتصميم ألعاب تعتمد على تطبيق إحدى النظريات العلمية أو الجمع بين أكثر من نظرية علمية. والمسابقة تقام للسنة الخامسة وهذا العام شارك في المسابقة آلاف الطلبة والطالبات من مناطق الرياض والغربية والشرقية، ويكون من خلال طلاب وطالبات المرحلة الابتدائية، ولأن هدف الشركة تكميلي لجهد وزارة التربية والتعليم فقد اقتصر الاشتراك على المدارس الحكومية باعتبار المدارس الأهلية لديها القدرة على تنويع مبادراتها العلمية والثقافية.
الفكرة نجحت أيما نجاح ويوم الثلاثاء القادم تحتفل الفيصلية بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي بتكريم وتتويج الفائزين بالمسابقة وبالعشرة الأوائل الذين يشكلون مناصفة بين الطالبات والطلبة والممثلين لآلاف الطالبات والطلبة ولعشرات المدارس التي بلغت في الرياض وحدها 120 مدرسة، وهي بمثابة محاضن لتخريج علماء المستقبل من السعوديين.
jaser@al-jazirah.com.sa